المشهد السياسي الصومالي … أزمة ثقة  وتضارب مصالح

يمثّل الاجتماع  المرتقب لرؤساء الحكومة الاتحادية وزعماء الولايات الإقليمية في مدينة “طوسمريب” بولاية جلمدغ وسط البلاد  اليوم السبت أو غدا الأحد، منعطفا مهما  في المشهد السياسي الصومالي الذي ظل مهيمنا عليه من قبل الحكومة الاتحادية في مقديشو نحو  4 أعوام، ولن تتوقف ارتداداته  عند البيان الصادر عن الاجتماع، بل ستلحقه تطورات لافتة ستغير موازين القوى،  وستعيد صياغة المشهد من جديد.

ويصل الرئيس محمد عبد الله فرماجو ، مساء اليوم السبت، إلى مدينة طوسمريب للمشاركة في المؤتمر بين الحكومة الاتحادية ورؤساء الولايات الاقليمية الذي سيناقش  تعزيز العلاقات بين الجانبين والانتخابات، وفق تصريح للناطق بإسم الرئاسة عبد النور محمد.

ومن الارتدادات  المتوقعة لاجتماع “طوسمريب” أن تبرز  إلى العلن  تباين وجهات النظر بين أقطاب داخل الحكومة الإتحادية بشأن الانتخابات ، وأن يتم إجراء تعديل وزاري لضبط إيقاع هذا التباين والاختلاف، وأن تتعزز علاقة التعاون والتنسيق بين رؤساء الولايات الإقليمية لممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة المركزية، كما يتوقع أن   تتحالف رئاسة الجمهورية مع شخصيات وأطراف سياسية كانت تصنفه بالأمس القريب في خانة الكيانات المعارضة  في مسعى لتخفيف الضغوط عنها، ولدعم موقف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.

لقد أكدت اللجنة في 27 من يونيو الماضي على عدم إمكانية إجراء اقتراع شعبي مباشر ينتخب فيه المواطنون ممثليهم في الجمعية التشريعية في الموعد الذي حدده الدستور، وطالبت  9 أشهر إضافية على الأقل تبدأ من يوليو 2020 لتتمكن من تنظيم إنتخابات شعبية مباشرة.

أثار  هذا القرار ضجة كبيرة بين السياسين، وعزز أزمة  الثقة وتضارب المصالح بين المكونات السياسية في البلاد ، وتسبب في ظهور ملامح  مشهد سياسي يضع الحكومة الاتحادية  أمام اختبار صعب وفي مفترق الطرق.

تواجه الحكومة الاتحادية، اليوم،  مرحلة صعبة من عدم اليقين وغياب الرؤية، واختلاف المواقف بشأن مستقبل البلاد، وباتت بحكم الواقع منقسمة إلى فريقين، يضم الفريق الأول الرئيس محمد عبد الله فرماجو ورئيس مجلس الشعب محمد مرسل، ويرفض هذا الفريق إجراء انتخابات لا تقوم على أساس الاقتراع المباشر وخصوصا بعد إصدار قانون الانتخابات، التزاما بالدستور واحتراما لسلطة البرلمان بصفته  الممثل الشرعي للشعب، والجهة القانونية المسؤولة عن تقرير مصير الانتخابات.

أما الفريق الثاني يضم رئيس الوزراء حسن علي خيري ورئيس مجلس الشيوخ عبد حاشي عبد الله، ويلحّ في العمل من أجل تحقيق  التوافق السياسي لضمان تنظيم الانتخابات التشريعية   في موعدها 27 نوفمبر المقبل بغض النظر عن شكلها ونظامها،  ويقول إن  إجراء اقتراع شعبي مباشر وعلى أساس قانون الانتخابات الجديد خلال ما تبقى من فترة ولاية البرلمان الحالي أمر غير واقعي، وحلم صعب المنال .

تتوافق آراء هذا الفريق مع رؤية رؤساء الحكومات الإقليمية بما فيهم رؤساء ولايات جنوب غرب الصومال ، وهيرشبيلي، وجلمدغ الذين كانوا يوصفون منذ وقت قريب بالمقربين من الرئيس محمد عبد الله فرماجو.

في أثناء ذلك، بدأت قبائل العاصمة مقديشو  تنتفض ، محاولة تعزيز حضورها ودورها في الاصطفاف السياسي، وتشهد المدينة في الآونة الاخيرة مؤتمرات واجتماعات قبلية تشاورية  تنظمها شخصيات ومسؤولون في الحكومة والمعارضة.  وهذا التطور ليس الا انعكاسا لواقع  يلوح في الأفق، ومؤشر جديد قد يضع البلاد في عين العاصفة.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى