ماذا يعني غياب تركيا عن القمة التشاورية في جيبوتي بين صوماليلاند والصومال ؟

في 14/يونيو- حزيران/ 2020م، عُقد في مدينة جيبوتي عاصمة جمهورية جيبوتي الشقيقة اجتماعا تشاوريا برئاسة السيد إسماعيل عمر غيللي رئيس جيبوتي، وضم هذا اللقاء كلاّ من الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو ووفدا فيدراليا كان برفقته، ورئيس صوماليلاند السيد موسى بيحي عبده مع وفد مرافق له، وبحضور رئيس وزراء إثيوبيا الدّكتور آبي أحمد.

وكان من نتائج هذا الاجتماع التشاوري أن اتّفق الطرفان على عدّة بنود من بينها: تشكيل لجنة فنية مكوّنة من الجانبين، لمواصلة عملية المفاوضات بينهما، كما كان من بنود الاتفاق أيضا عدم تسييس المساعدات التنموية والاستثمارية.

الملفت للنظر في هذه القمة هو غياب أي دور لتركيا سواء من حيث التحضير للقمة أو المشاركة فيها بصفة مراقب، مما يدعو إلى البحث عن معرفة أسباب غياب تركيا التي لعبت دورا كبيرا في عملية المفاوضات بين الطرفين والتي استضافت عددا من الاجتماعات التي جمعت وفود الطرفين كان آخرها اجتماع اسطنبول في يناير/كانون الثاني/2015م.

إن غياب تركيا عن القمة التشاورية في جيبوتي يرجع إلى تشكيك صوماليلاند في نزاهة الوساطة التركية، فوفقا لما ذكرته مصادر تابعة لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في صوماليلاند حضرت في 9/شباط – فبراير/2019م اجتماع السيد موسى بيحي عبدي مع أولغان بيكار المبعوث التركي الخاص بشأن المحادثات بين صوماليلاند والصومال، جاء فيه بأن الرئيس بيحي أبلغ المبعوث التركي بأنّ غياب مستوى من التوازن في الاستثمارات التركية، في كل من الصومال وصوماليلاند دليل كافٍ لاعتبار تركيا طرفاً غير محايد في الخلاف بين الطرفين.

وبناء على ذلك، وبما أن هذه القمة التشاورية جاءت بعد فترة من الجمود الّذي ساد عملية سير المفاوضات بين الجانبين، فإنه من الممكن أن طالبت صوماليلاند المجتمع الدولي بإبعاد تركيا –الحليف الاستراتيجي للحكومة الفيدرالية- أو على الأقل تحييد دورها في التأثير على ما يتعلق بانعقاد هذه القمة، وهو كما يبدو ما تم بالفعل، حيث إن المجتمع الدولي يبدو أنه يولي اهتماما كبيرا لاستئناف المفاوضات بين الطرفين، مهما كلّف ذلك من ثمن، سواء بالضغط على أطراف المفاوضات أو المؤثرين في سيرها وانعقادها.

إنّ غياب تركيا عن مشهد القمة التشاورية في جيبوتي بين صوماليلاند والصومال يعتبر صفعة قوية موجّهة لحكومة فرماجو التي ترتبط مع تركيا بعلاقات تعاونية متنوعة ومتعدّدة، كما يمثّل هذا الغياب انتصارا قويّا لسياسة صوماليلاند تجاه محادثاتها مع الصومال، وهو ما يعطيها الجرأة على المطالبة بأكثر من هذا، وهذا ظاهر على قائمة أعضائها المشاركين في اللجنة الفنية لتسيير أعمال المفاوضات بين الطرفين، حيث تم اختيار فاراتون وزير الخارجية في صوماليلاند رئيسا لأعضاء صوماليلاند في اللجنة الفنية المشتركة بين الجانبين، مما يوحي إلى أنها تودّ أن تبدو في هذه المفاوضات وأنها تتحاور مع دولة ندّية!

ومع ذلك، فإن غياب دولة الإمارات العربية المتحدّة عن الإعداد والتحضير لهذه القمة، ربما جاء إرضاء للحكومة الفيدرالية وتطييب خاطرها، إذ إنها تعيش منذ إبريل – أيار/2018م أزمة دبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتّحدة التي تكوّن علاقات طيبة مع إدارة صوماليلاند الانفصالية.

ومهما يكن من أمر؛ فإن القمة التي جمعت بين الطرفين في جيبوتي لم تكن لتحقق أكثر مما حققت، إذ إنه من الصعب أن يتوصل قادة الطرفين وحدهم إلى قرار الوحدة أو الانفصال بعيدا عن تأثيرات شعوب الشمال والجنوب في القضية، وكذلك لا يمكن الوصول إلى تسوية شاملة غير متأثّرة بمطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الإقليمية، وعليه فإنه يُنصح على كلا الطرفين بممارسة التفاوض الجدي والعميق مع تغليب المصلحة العامة على الخاصة، وإيثار الجانب الاجتماعي للقضية على الجانب السياسي منها، للوصول إلى حلّ شامل ينهي فترة من التجاذبات والخلافات السياسية حول تحديد نوع العلاقات التي ستكون بين الطرفين.

عمر محمد معلم حسن

الكاتب عمر محمد معلم حسن باحث أكاديمي وكاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى