الصومال يرتكب خطأ استراتيجيا ما لم يغير موقفه تجاه سد النهضة

كل دولة لها الحق في  أن تحرص على مصالحها، وتدير علاقاتها الإقليمية والدولية انطلاقا من مصالحها القومية،  وبناء على أولوياتها الإقتصادية والأمنية. وهذا جزء أساسي من مبادئ العلاقات الدولية، لكن في ذات الوقت،  هناك محددات أخرى تاريخية وجغرافية  تحكم العلاقات بين الدول ولاسيما عندما تكون بين الدول الشقيقة والتي لا تقل أهمية عن  المحددات السالفة الذكر ، ويجب الأخذ بها بعين الإعتبار  .

 وعلى هذا الأساس، ترتكب الحكومة الصومالية خطأ استراتيجيا ما لم تغير موافقها تجاه أزمة مياه النيل،  والصراع في منطقة الشرق الأوسط،  وتتضامن مع مصر في مساعيها إلى  الحفاظ على حقوقها المائية ، ولم تدرك أن خروجها عن الإجماع العربي سيضعف موقعها وتحقيق مصالحها بمنطقة القرن الإفريقي في المستقبل، مع التأكيد على أن إثيوبيا بلد ليس جدير بالثقة وذلك على خلفية الصراع الطويلة والمعقدة بين البلدين.

 لقد اتخذ الصومال للمرة الثانية موقفا غير متوازن تجاه أزمة النيل بين مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى ، وتحفظ على قرار مجلس الجامعة العربية رقم 8524 بشأن سد النهضة الإثيوبي الصادر عن اجتماع دورتها غير العادية التي عقدت اليوم الثلاثاء، ولاسيما البند الخامس الذي يؤكد على ضرورة امتناع كافة الأطراف عن اتخاذ أية إجراءات أحادية، بما في ذلك امتناع إثيوبيا عن البدء في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب، حول قواعد ملء وتشغيل السد، لما يمثله هذا الإجراء من خرق صريح لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث في الخرطوم، بتاريخ 23 مارس 2015.

تبرر الحكومة موقفها بأنه يأتي مترجما ومعبرا عن أهداف سياستها الخارجية المتمثلة في حماية وتعزيز مصالح الصومال في سياق أوسع تشمل تحقيق السلام والوحدة والازدهار في جميع أنحاء العالم، والتأكيد على أهمية التكامل والتعاون المشترك مع جيرانها في شرق إفريقيا  بصفتها عضوا في الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، وأن المتغييرات والمستجدات السياسية في منطقة القرن الإفريقي تحتمها    على أن تشجع في خلق  بيئة اقليمية موجهة نحو تنمية التعاون السياسي والاقتصادي على أساس المنفعة المتبادلة مع دول القرن الإفريقي، لأن الصومال عانى معاناة شديدة من الصراع الداخلي والحروب مع الجيران.

وبالتالي تقول  لم يبق أمامها سوى أن تتحفظ على  قرار جامعة الدول رقم 8524،  لكن مما لا شك فيه فقد كانت أمامها خيارات أخرى تتلائم مع الأوضاع في القرن الإفريقي وتؤكد في نفس الوقت على أنها ما زالت على  ثوابتها ومبادئها المعروفة تجاه وحدة الصف العربي، وملتزمة بمبدء الأخوة العربية .

 ربما لا تشعر الحكومة الصومالية  في هذه المرحلة مخاطر موقفها الأخيرة بشأن سد النهضة الإثيوبي،  وتداعياتها غير أنها بالتأكيد ستكون  نقطة سوداء في العلاقة بين البلدين مصر والسودان من جهة ومصر من جهة ثانية، سيجني ثمارها المر في المستقبل الحكومات المقبلة والشعب الصومالي.

زر الذهاب إلى الأعلى