أوضاع الشباب الصومالي في أوغندا

بعد سقوط الحكومة المركزية في الصومال عام 1991م نزح مئات اللآلاف من الشعب الصومالي إلى خارج الوطن وفروا من الحروب الأهلية التي أكلت الأخضر واليابس إلى الدول المجاورة والقريبة مثل كينيا واثيوبيا وأوغندا والدول البعيدة سواء كانت آسيا أو  أوربا أو امريكا أو استراليا ، باحثين عن الأمن والاستقرار الذي كان مفقودا في بلدهم في ذاك الحين .

ونظرا للمتقلبات والحوادث الحزينة التي وقعت خلال النزوح التي فاجئت معظم الشعب الصومالي والتي لم يقدروا لها التخطيط من العيش في أماكن اخرى، حيث أصبح اللجواء شيئا حتميا عليهم، وواجتهم مصاعب جمة في التكيف مع هذه الحياة الجديدة في هذه البلدان الغريبة عليهم .

واستقر معظم هؤلاء اللاجئين في هذه الدول التي حطوا بها واختلطوا مع شعوب هذه الدول واصبحوا جزءا منهم رغم احتفاظهم بهويتهم الإسلامية والصومالية.

إلا أن الشاب الصومالي والذي هاجر مع اقربائه أو هاجر بمفرده لاقى الكثير من المشاكل والصعوبات والاهمال والضياع في هذه البلدان الغريبة عليهم، ونظرا للظروف والبيئة الجديدة عليهم وحدوث الحيرة والتخبط للآباء والأمهات، لم يتمكن بعض آباء الشباب على  تربية أبنائهم بالتربية الصحيحة والعمل على إلحاق هؤلاء الشباب للمدارس والجامعات التعليمية والحرص على توجيههم وترشيدهم.

ومع مرور قرابة عقدين من الزمن على الازمة الصومالية ونزوح الصوماليين إلى هذه الأماكن بدأت مشكلة ضياع الأولاد والشباب الصومالي تتفاقم وتتكاثر .

وفي أوغندا التي أصبحت من أهم الدول التي هاجر  إليها الصوماليون ، حيث يتواجد في أوغندا حاليا الآلاف من اللاجئين الصوماليين الذين فروا من ويلات الحرب في الصومال، أصبح الشباب الصومالي رهينة الضياع والاهمال.

ومن مظاهر الضياع لدى الشباب الصومالي في أوغندا عدم التحاق المئات من الشباب الصومالي بالتعليم واتصافهم بصفة الغير المتعلمين ، سواء كان السبب  نتيجة عدم مقدرة الوالدين على صرف الرسوم الدراسية عنهم ، او كانت عن طريق رفضهم للدخول للمدارس التعليمية ، أو سواء كانت عن طريق اضاعة الوالدين للأبناء وفساد الوالدين أنفسهم أو أحدهما خاصة الآباء والذين لا يتحمل بعضهم المسئولية الأسرية على عاتقهم ويهملونأولادهم وأقربائهم.

وترى في أوغندا العشرات من الشباب الصوماليين المدمنين على الخمور والمخادرات والقات والذين لا يوجد أي جمعية أو منظمة تسعى إلى رعايتهم وارشادهم والنصح لهم.

وقد قرر الكثير من الشباب الصوماليين في أوغندا الهجرة غير الشرعية  وتعريض أنفسهم لمخاطر التهريب والتي تعرضهم للكثير من المخاطر والمهالك بعد افلاسهم وحيرتهم وعدم تمكنهم من التأقلممع الحياة في أوغندا.

ويتواجد في أوغندا مئات من الشباب الصوماليين والذين ينتظرون أن يذهبوا الى أوروبا أو أمريكا سواء عن طريق الأمم المتحدة، والتي قد  تساعد البعض منهم في تمكينهم من الوصول إلى  هذه البلدان عن طريق قبولهم لاجئين في الدول الغربية ، أو عن طريق اقربائهم والذين يعملون لهم الاجراءات القانونية من أجل جلب أولادهم أو اقربائهم إلى الدول التي يتواجدون فيها ، ونظرا لان أوغندا لديها معظم سفارات هذه الدول يجيء معظم هؤلاء الشباب من أجل أن يكملوا اجراءاتهم عن طريق هذه السفارات، وخلال هذه الاجراءات لا يستفيد معظم هؤلاء الشباب من خلال المدة الزمنية والتي تصل في بعض الاحيان لسنوات إلى الاستفادة من هذا الوقت والالتحاق بالتعليم ، لكن عكس ذالك يمضون أوقاتهم باللهو وتضييع الوقت ، و في بعض الأحيان قد لا يتمكن الشاب من اكمال اجراءات ذهابه إلى الدول الغربية نظرا لرفض هذه الدول الاجراءات التي اتبعها اقربائه فتحدث المشاكل لهؤلاء الشباب والمحبين للهجرة لهذه الدول ويتسبب هذا الرفض بتدمير حياة بعض هؤلاء الشباب وضياعهم.

ومن المشاكل التي تواجه الشباب الصومالي في أوغندا مشكلة البطالة وعدم تمكن بعض الشباب من الحصول على فرص عمل ، مما يعرضهم للضياع والحيرة والالتحاق بما يضر بمستقبلهم ولاا يتيح لهم العيش بحياة سعيدة وطيبة.

إلا أنه ورغم هذا الضياع لبعض الشباب الصومالي في أوغندا إلا أن هناك المئات منهم قد نجح في الالتحاق بالمدارس والجامعات التعليمية في يوغندا، وقد تخرج الكثير منهم وحققوا نجاحا باهرا في المجال التعليمي، وقد تمكن البعض منهم من الاشتغال بالتجارة في معظم المجالات الاقتصادية والتي للصوماليين فيها باع طويل من مجال النفط والمواصلات والنقل والحوالات، وقد رجع الكثير منهم الى الصومال وساهموا في إعادة الامن والاستقرار إلى البلد وتبوأوا مقاعد مهمة في المؤسسات العامة والخاصة في الصومال.

عبدالله عبدالقادر آدم

كاتب وباحث صومالي، خريج كلية الشريعة والقانون بجامعة افريقيا العالمية، حاصل على درجة الماجستير في القانون من جامعة الزعيم الازهري
زر الذهاب إلى الأعلى