عن إيجابيات الصومال أتحدث!

كتب الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد في بدايات طموحه السياسي كتاب بعنوان  “معضلة الملايو” كان مهاتير يتحدث في كتابه هذا بلغة أقرب ما تكون إلى الأسلوب  النقدي و الهجومي  حين يتناول  طبائع وعادات وطريقة حياة  القومية الملايو، كان الكاتب يتهم سكان ماليزيا الأصلين بالكسل والميل إلى الترف وعدم الجدية مقارنة بشركائهم في الوطن من الهنود والصينين ،مع أن الكتاب كان مزعجا في بعض تفاصيله لقومية الملايو إلا انها أقرت بحقيقة محتواه بعد سنوات عدة، وذات الفكرة يمارسها البرفسور وعضو البرلمان الصومالي السيد طلحة  مع سكان النهري جوبا وشبلي  ، فهو يجمع في حديثه لهم ما بين الفكاهة و الجدية، والشدة واللين، والنقد والثناء، والتقريع والتشجيع في آن واحد  فيما يسمى في اللغة الصومالية  (Guubaabin)  والمقصود بها هو الحث على التغيير ، ومحاولة تشكيل الوعي  الفكري والمعرفي للفرد المخاطب على مدى طويل ، فكلا الرجلين في الواقع مُحبين لشعبهما، واختارا سبيل المكاشفة سواء  الصريحة منها كحالة السيد مهاتير او  الضمنية كنهج السيد طلحه لكن في نهاية هي مكاشفة ومحاولة الإصلاح بمصارحة الذات ، و رفع مستوى الحديث حتى يشمل المسكوت عنه من أجل الارتقاء بالمشكلات من كونها مشكلات مستورة يُغض الطرف عنها إلى مشكلات حية تتطلب إلى حلول ومعالجات ، وما الحديث والكتابة والحوار والنقاش إلا مرحلة من مراحل  العلاج ، وأقرب خطوه للوصول إلى  الحل ، فذكر السلبيات الصومالية على سبيل المثال خير دليل على صحة وجودة المكاشفة ، فبعد سنوات من الحديث المستمر  عن النظام القبلي في السياسة،  و الفساد بشتى مستوياته ، وحقوق المرأة ، وضمان سير العدالة ، وابجديات المجتمع المدني ، بدأت الأحزاب السياسية تتكون ، وهيئات مكافحة الفساد تتشكل ، والدستور يُعاد كتابته ، وهياكل القضاء تُصاغ على مهل ، ومدنية المجتمع الصومالي على قدم وساق تمضي ، وبقية الملفات الصومالية لا تُترك بفضل اهلها حتى تُلحق هي ايضاً بسُلم الحل حتى ولو طال بها  الأمد، ومن هنا نستنتج  بأن ذكر السلبيات  الصومالية والحديث عنها بصوت عال  لم تكون منقصة بحقه ، بل هي شجاعة أدبية و دلالة على مستوى وعي المجتمع الصومالي ، ودرجة الحرية التي يسبح في فضائها ، وبرهان على الطاقة و الحيوية التي يتمتع بها ، وتلك الشجاعة ميزت  المجتمع الصومالي عن بقية محيطه العربي والإفريقي  ، فهو لم يختر على قلة حيلته كغيره الاختباء في محبس مشكلاته ، والهروب عن حقيقة واقعه ، والاكتفاء الصامت بما يُشاهده ،  ولوم الأخرين على مصائبه  ، فهو اختار أن يكون إنساناً قوياً مُفكراً  يبوح بأفكاره ، يُصارع يومياته ،  و يُشارك الأخرين في همومه ، وامتعاض الصومالي  ما هو إلا رغبه منه بالوصول للأفضل ، وشعوره بأنه شريك وطن حقيقي ، وصانع فارق مُعتبر.

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى