عيدنا صح ولا عيدكم ؟!

أظهرت رحلة البحث عن هلال العيد الفطر في زمن حجر كورونا مواقف و أصوات فهمت من الاختلاف مصيبة ، ومن التفاوت أزمة ، ومن تضاد مؤامرة ، ومن التنازل ضعف ، ومن التسليم تبعية ، ومن السكوت خيانة ، فتكلم الكل ، وارتفعت الأصوات حتى اختلطت صوت المختص والعالم بصيحات البسيط و المُتعالم، فتحول تباين رؤية هلال العيد إلى نافذة سريعة لتصفية خصوم الرأي ، وتشكيك بنوايا الغير ، وإبراز الأخر بصورة المخدوع و الفاشل ، و مجادلته حتى يتحول عيده إلى مأتم ، وفرحته إلى مغتم ، و تنقلب استبشاره  بإتمام الصيام  إلى معركة إثبات وجود ، وفرد عضلات كلامية ، وفرصة للمز وهمز ، ومناسبة لإعلان الفائز من الخاسر ، بصوت صاخب ، مزعج ، وبنبرة متشفية ، مستهزئة، تُفرق ما جمعة الصيام ، وتُشتت ما رتبه القيام ، وهي تُبقى في القلب حسرة ، وفي الخاطر سؤال واحد لا غير أيمكن ان لا يتكرر هذا الصخب مرة أخرى حتى لا تتأثر عبادات المسلمين باجتهادات سريعة ؟ وهذا السؤال المُحق  يُطالب بأبسط حق لمسلم قام وصام شهراً ، يُريد أن يُكافئ بعيد دون صخب ، إذا كان لابد من خلاف فحق المسلم البسيط أن لا يطاله هذا الخلاف  مباشرة ، وان لا يتجاوز الخلاف دوائر العلماء الضيقة وبشكل خاص إذا كانت  المسائل المُختلف عليها مسائل عامة تشمل الجميع ومحددة بزمن ومعينة بمدة معلومة ، ولا يفهم من هذا الحديث بأننا ضد الاختلاف ، وتعدد الآراء، وتنوع الاتجاهات، وتلون المدارس الفكرية ،  وتغير الفتوى الزمنية ، وإننا من مدرسة الرأي الواحد ، و الفكر القطبي المتطرف ، لا ، فعامة المسلمين يعلمون بان اختلاف رحمة للعباد، وفُسحة أمل لتقلب الأيام و الأحوال، فبدون الاختلاف تكون البشرية نُسخاً مكررة ، و يكون العيش صوراً مُبلورة ، فمن سنة الحياة أن نختلف عمن سبقنا ويختلف القادم عنا ، وان تتباين مشاربنا ، وتتنابذ خطاباتنا ، وهذا طبيعي ولكن أن نقع جميعاً في فخ الاختلاف دون بصيرة ، وان يتصدر الخطاب من نعرفه ومن لا نعرفه و يُفتي ويستدل بصحة عيدنا من عدمه فهذا بحقنا إجحاف ، وبعقولنا استخفاف ، وبعبادتنا استهداف ، ولا يمكن أن يُقبل من أصحاب التخصص الشرعي والقضائي وليس أمام وزارة الأوقاف الصومالية بعد ما حدث بحق الصائمين إلا بمحاسبة سريعة ، ومراجعة شاملة ودقيقة للمنتسبين إليها ، وملاحقة قانونية لكل من انطوى تحت غطائها وجرح شعور المسلمين بقصد وبدن قصد ، وأن تحدد لنا في المستقبل الجهة  الوحيدة المخولة في طرح وتناول وإعلام المسلمين مواعيد فطرهم وعيدهم وحجهم ، و إن يُحترم بالقانون تلك الجهة ، وان يُشرع لها بنود تُعاقب كل من يتجاوز بعملها في المستقبل.

 

 

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى