تعليمنا على بابك يا كريم يا كريم

يومان اختارته ولاية بونت لاند لعرض حصيلتها التربوية والتعليمية الممتدة لعام 2019م 2020م ، فكانت الحصيلة ثقيلة جداً ، والنتائج مخيبة احياناً ، ومعتدلة احياناً اخرى ، لكن لم تكن النتائج ابدا صادمة لدى العاملين والمهتمين في مجال التربية والتعليم في الوطن، حتى تلك الأرقام “القاتلة” التي عُرضت في المؤتمر كانت متوقعة في ظل الظروف والمعطيات المتقلبة  الذي يشهده الواقع التعليمي في الصومال .

فهل كان في الإمكان احسن مما كان ؟ نعم ، هذا الذي قراته عن ما دار في يوم الأول من المؤتمر ، ولمسته بنفسي عندما حضرت في يومه الثاني ، فالعرض المهني الذي قدمته وزارة التربية والتعليم في ولاية بونت لاند يُظهر بأن هناك جهود ، وبحوث ، و اجندة ، وخطط ، و أهداف معقولة وممكنه ، واستراتيجيات واضحة  ، وخطوات مدروسة ، وبرامج متقدمة ومتفهمة لظروف المجتمع ، تُحاول أن تُساير الموجود ، وتترجم آمال النهوض إلى واقع ملموس ، لكن كما يُقال العين بصيرة ، واليد قصيرة ، فكل ما سبق ذكره يقف على باب الجهات الاجنبية المانحة ، فمساهمة الدولة محدودة ، ومشاركة المجتمع معدودة ، و في بعض الظروف شبه معدومة ، فالحل الذي نلجأ اليه لسنوات طويلة هو المانح الاجنبي ، ناسين او متناسين بأن عطاء البشر يجف و ينضب ، وقدرة الغير على حملنا على ظهورهم تتراخى و تتباطأ ، فاعتمادنا الكلي على الآخر الاجنبي مفيدة لزمن معلوم ، ومضر لأمد مجهول ، فمن مخجل والمعيب أن تتوقف برامج تربوية وتعليمية مهمة لأن الدعم الاجنبي لها توقف مثل توقف برنامج تأمين وجبة طعام لطالب المدرسي تماما لأن الصندوق الأمم المتحدة للغذاء اعتذر عن استكمال المشوار ، او ارهاق ميزانية الأهالي المرهقة أصلاً بالزيادة مصاريف امتحانات والاختبارات لأن الاتحاد الاوروبي رفع يده و قرر تركنا في نصف الطريق ، و شئنا ام ابينا فإن البقية الباقية من الدعم الاجنبي عاجلاً ام اجلاً سوف يتوقف فماذا نحن فاعلون ؟.

حاولت وزارة المالية في ولاية الإجابة على هذا السؤال ، فقامت بفريقها وشرحت ، وتكلمت وكتبت ، و بحثت ووصلت بأن الحل يكمن في جمع ضرائب التي لم تٌجمع  وزيادته في بعض الظروف حتى نستطيع استكمال مشوارنا التعليمي ، سُئلت الوزارة عن الضرائب التي جمعتها سابقاً أين ذهبت  ، وكيف صُرفت حتى نستطيع أن نُقنع المواطن بجدوى دفع الضرائب ، فأُحرجت الوزارة و أُسقط في يديها ، ولم تجد مخرج إلا ان تتعهد بأنها سوف تعرض ما لديها أمام الجمهور ، واكدت مرة أخرى  بأن الحل في جمع الضرائب .

جمع الضرائب هو جزء من الحل وليس الحل كله لابد أن يعترف المسؤولين بذلك في كل بقاع الوطن وليس في ولاية بونت لاند فقط  ، فهم يتعاملون مع مواطن مرهق من تكاليف الحياة الباهظة ، ومن المتطلبات الاجتماعية الخانقة ، فزيادة ضرائب عليه هي بمثابة إفقاره رسمياً وبرعاية حكومية، لذلك من الحكمة الالتفات إلى مصادر اخرى ، وخلق مصادر دخل جديدة للوزارة التربية والتعليم ، مثل دعم فكرة المشاريع الصغيرة ،  والعمل على بلورة فكرة المصانع المنتجة  وجعلها حقيقة وواقع ، وايضاً مراجعة ملف الزكاة والصدقات و إقناع المنفقين بأن أعظم صدقات تعليم جاهل ، وإنارة طريق غافل ، وأن نفقتهم تُساعد عاجزاُ عن التعليم أن يتعلم  ، وتمنع هارب من مقاعد الدراسة أن يهرب ، وتحمي المجتمع  من مصائب 62.5% طفلاً خارج اسوار المدرسة .    

 

 

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى