الخلاف بين رئيس اقليم بونتلاند ونائبه إلي أين؟

ظهر خلاف مفاجئ بين رئيس بونتلاند السيد سعيد عبدالله دني ونائبه السيد أحمد علمي عثمان (كراش)، وذلك بعد إصدار رئيس بونتلاند قبل أيّام مرسوما يعيّن فيه أعضاء لجنة مؤقتة للانتخابات في بونتلاند، إذ إن أعضاء اللجنة السابقة استقالوا جميعا من مناصبهم دون إشارة منهم إلى أسباب استقالتهم.
بعد يوم من تعيين الرئيس لأعضاء اللجنة المؤقتة للانتخابات، أصدر نائبه السيد أحمد علمي عثمان (كراش) بيانا صحفيا يوضّح فيه عدم شرعية اللجنة الانتخابية المؤقتة التي عيّنها الرئيس سعيد دني لمخالفته في ذلك لنصوص في دستور بونتلاند، حيث إن المادة 80 لدستور بونتلاند في فقرتها 5 تنص على أن الرئيس بعد مشاوراته لنائبه يحقّ له تعيين وعزل أعضاء في المجلس الوزاري أو في الهيئات المستقلة أو في المناصب الأخرى التي يسمح له الدستور بالتصرّف فيها، وعليه فإنّه في حال تعيين اللجنة المؤقّتة للانتخابات فإن الرئيس دني لم يتشاور مع نائبه مما يجعل قراره في تعيين اللجنة غير شرعي لمخالفته للدّستور.
لم يتوقّف الخلاف بين رئيس بونتلاند ونائبه الّذان لم يمضيا معا في المكتب الرئاسي لبونتلاند أكثر من 8 شهور عند هذا الحد، بل أبدى نائب الرّئيس معارضته للنداء الّذي وجهه رئيس بونتلاند إلى صوماليلاند والذي اقترح فيه بفتح باب الحوار بينهما للوصول إلى حلّ سياسي في المواجهات المسلّحة بين الجانبين في مناطق سناغ، سول، وعين، وهو ما عارضه نائب رئيس بونتلاند الّذي أشار إلى قدرة واستعداد بونتلاند للدفاع عن أراضيها وسيادتها على حدودها الجغرافية.
هذه الخلافات التي ظهرت بين رئيس بونتلاند ونائبه اعتبرها البعض بأنها خلافات سابقة لأوانها، خاصة أن الخلافات السياسية بين الشركاء السياسيين في بونتلاند اتّسمت بأنّها أقلّ حدّة من تلك الخلافات التي تحدث بين الشركاء السياسيين من مثيلاتها في الولايات الفيدرالية المكونة للحكومة الاتحادية، مما جعل بعض المتابعين أن يقوموا ببحث الأسباب التي من الممكن أن تؤدّي إلى هذه الخلافات، خاصة أنه كانت هناك أنباء تشير في الآونة الأخيرة إلى وجود خلافات بين رئيس ونائبه منذ فترة، ومرد الخلاف بين المسؤولين حسب رأي بعض المتابعين إلى مايأتي:
1. اختلاف الانتماءات والرؤى السياسية للرّجلين: إن كلاّ من رئيس بونتلاند ونائبه نال منصبه بعد فوزه في تصويت لأعضاء برلمان بونتلاند، مما يعني أنّ كلاّ منهما له انتماؤه ورؤيته السياسية في قيادة بونتلاند وتطويرها، وعليه فإنّه من الطبيعي اختلاف الرؤى السياسية بين السياسيين ما لم يكونوا في حزب سياسي واحد له أهداف محدّدة يسعون إلى تحقيقها عبر الوسائل المتاحة، وهو ما يغيب عن المشهد السياسي بين رئيس بونتلاند ونائبه، حيث كل منهما يعمل وفق خطة سياسية يرى أنها تخدم لرؤيته السياسية في قيادة بونتلاند حكومة وشعبا، وهذا الخلاف في الرّؤية السياسية ينعكس حتما على العمل المشترك بين رئيس بونتلاند ونائبه.
2. عدم تحديد صلاحيات وسلطات كلّ من الرئيس ونائبه: إن معظم المناصب الإدارية والسياسية المتقاربة تعاني من أزمة فصل الصلاحيات والسلطات بينها مما يجعل العاملين في هذه المناصب في خلاف دائم مما يؤدّي إلى عرقلة أعمال المؤسسة، وهو أمر يعرقل قيام الأنظمة السياسية ويهدّد استمرارها كأنظمة سياسية تعمل على تطوير شعوبها وأراضيها. وعدم تحديد الصلاحيات والسلطات بين المناصب الإدارية والسياسية يرجع إلى قلّة المعرفة بوضع اللوائح والنظم الدّاخلية التي تنظم طبيعة العمل بين المؤسسات الإدارية والسياسية المتقاربة، إذ إنّه إذا تمّ وضع اللوائح والنظم والقوانين الواضحة والمحددة التي تبين لكلّ العاملين في المؤسسات السياسية مسؤولياتهم وصلاحياتهم وسلطاتهم فإن ذلك سيساعد على تقليل الخلافات التي قد تنشب بين شركاء العمل، وهو ما تعاني منه الأنظمة السياسية في الصومال منذ سقوط الحكومة العسكرية، حيث إنّه تم في بعض المرّات تقسيم المنصب الواحد إلى عدّة مناصب وذلك إرضاء للقبائل المكونة لهذا النظام حيث إن كلّ قبيلة تسعى إلى الحصول على مناصب سيادية في النظام السياسي، وبناء على ذلك يتم تقسيم المنصب دون وضع اللوائح والنظم التي ستنظم طبيعة العلاقات بين أجزاء هذا المنصب مما سيؤدّي إلى خلاف سياسي محكم يهدّد بقاء النظام واستمراره.
هذا، ويعتقد بعض المتابعين أنّه من الممكن أن الخلاف بين رئيس بونتلاند ونائبه قد يعود إلى تدخلات الحكومة المركزية في الولايات الفيدرالية، حيث تسعى الحكومة المركزية إلى فرض هيبتها على الولايات الفيدرالية المكوّنة للحكومة الاتّحادية، ذلك أن إدارة بونتلاند الفيدرالية من الولايات الفيدرالية التي استحكمت خلافاتها مع الحكومة المركزية، وعليه فإن الحكومة المركزية – حسب رأي بعض المتابعين- تبحث من يتعاون معها في إدارة بونتلاند، ويعمل وفق خطّتها السياسية تجاه الولايات الفيدرالية.
ومهما يكن من أمر فإنّ كثيرا من المتابعين يحذّرون من استمرار الخلافات بين رئيس بونتلاند ونائبه، ويناشدون إلى الوصول إلى حلول سياسية قبل أن تستفحل الأمور في بونتلاند وتنتهي الأوضاع السياسية فيها إلى مصير مشابه لمصير غلمذغ أو جوبالاند.

زر الذهاب إلى الأعلى