الشيخ  عبدي أبيكر غافلي : مسيرة حياته وكفاحه ضد الاستعمار الإيطالي(5)

معركة فينلو

في عام  1908  تمكن الاستعمار الإيطالي  من توحيد  المناطق الواقعة تحت إشرافه، وتشكيل حكومة لإدارتها وضعت على رأسها موظفين إيطاليين مقيمين[1]  ، كما قامت بتجهيز قوات كبيرة مهامها تحرير المناطق الجنوبية التي تعتبر معاقل ثوار  عشائر بيمال وهنتري ووعذان وغيرها والوصول إلى نهر شبيلي. و استهلت هذه القوات مهامها بفتح الطريق الرابط بين مدينتي مركه وبراواة.

بعد معركة طناني التي هزم فيها مقاتلوا ثوار بيمال بقيادة الشيخ عبدي أبيكر غافلي، تحركت  قوات الاستعمار الايطالية نحو مدينة مركه وبدأت  التحشد والتجمع في المدينة  استعدادا  لفتح الطريق بين مركه وبراوة. وبعد أيام من الاستراحة توجت القوات الايطالية ومن معهم من المرتزقة نحو الجنوب إلى قرى عيل مونغي ( عيل جالي حاليا)، ومليد، وبولوهران، وليح مورو   وحين وصلت القوات قرية مليد وجدت نفسها أمام أعداد كبيرة من المقاتلين منتشرين في الغابات القريبة ودارت هناك معركة كبيرة سميت بمعركة “فينلو” أو معركة السب والأحد وذلك في يوليو عام 1908[2] ، وهي من أوآخر المعارك الكبرى التي  خاضها الشيخ أبيكر غافلي ضد الاستعمار الإيطالي.

قاتل البيماليون بضراوة شديدة ضد قوات مسلحة تسليحا جيدا، ومدربة تدريبًا نوعيا[3]، واستمر القتال لمدة يومين متتالين يومي السبت والأحد 11-12 يوليو عام 1908 وبهذا سميت المعركة بمعركة السبت والأحد. قتل في المعركة أعداد كبيرة من الإيطاليين لكن لم يعترفوا سوى جندي واحد يسمى الملازم سيرافينو لومباردي (SERAFINO LOMBARDI) وعدد من جنود  المرتزقة الذين جاءوا من ارتيريا وليبيا واليمن ومن بلدان أخرى. ومن جانب الثوار الذين كانوا تحت قيادة الشيخ عبدي أبيكر غافلي قتل منهم أعداد كبيرة ، لأن الحرب كانت غير متكافئة، والمنطقة  كانت مكشوفة ، ولم تكن ملائمة لحرب العصابات.  لقد واجه أكثر من  2000 مقاتل من ثوار بيمال  أكثر من 500 جندي من الاستعمار الإيطالي. وقاتل الثوار قتالا شرسا لكن دون جدوى، وأصبحت النتيجة أن تحسم المعركة لصالح الاستعمار، وقتل و أصيب حوالي 1000 من  المقاتلين. قام الإيطاليون  الذين يتباهون بانتصارهم ، بإعادة تسمية الموقع إلى “فيكتوريو أفريقيا” – النصر الأفريقي[4].

أسدلت  معركة فينلو  الستار على المواجهات بين الاستعمار الإيطالي والمقاومين بقيادة الشيخ عبدي أبيكر غافلي  الرامية إلى فتح الطريق الساحلي الطويل بين مقديشو وبراواة، وفك الحاصر عن مدينة مركه البلد[5] ،  لكن الحرب لم تنته بشكل نهائي، وانتقل الشيخ عبدي أبيكر غافلي إلى قرية مريري الواقعة على ضفاف نهر شبيلي وهي معقل عشيرة هينتري ، والتقى هناك أبوبكر شيخ عشر[6]  زعيم عشيرة هنترى،  واتفقا على مواصلة الجهاد والقتال ضد الاستعمار  والدفاع عن قرية مريري  اذا قرر الاستعمار مهاجمتها.  

وفي أغسطس عام 1908 تحركت قافلة عسكرية مكونة من حوالي 1500 جندي وايطالي والمرتزقة للإستيلاء على قرية مريري التي اصبحت بعد هزمة قوات المقاومة في معركتي طناني ومليد ملجأ ومكانا لتجميع المقاتلين المناهضين للاستعمار الايطالي ودارت في القرية  في 30 من أغسطس 1908 قتالا عنيفة قتل فيه  عدد كبير من الجانبين، لكن تمكنت قوات الاستعمار من دخول القرية واحراقها، وكان من أبرز قيادات الثوار في  معركة  مريري أبوبكر  عشر ساع -ماوي ، وخاله حسين محمد يحيو، وإبرهيم شعيب[7].

انتقل الشيخ عبدي أبيكر غافلي إثر هزيمة الثورا في معركة  مريري الى منطقة هيران وعاش هناك لسنوات شارك خلالها المعارك العنيفة التي دارت بين ثوار العشائر وقوات الاستعمار الايطالي.


[1]  الصومال وطنا وشعبا محمد عبد المنعم يونس  الطبعة الأولى مارس 1962  ص:  70

[2]  The shaping of Somali society 1600-1900, Lee V. Cassanelli  , University of Pennsylvania Press, Philadelphia, 1982 P: 228  

[3] محمد مختار  مرجع سابق

[4]  http://www.somalimind.com/2013/08/marka-anti-colonial-struggle/

[5]   Taariikhdii Duulaankii Gumeystaha iyo Iskacaabintii Soomaalida, Mohammed Abukar Geytano, Mogadishu, 2020     

[6] The Erhiopia: The cristian legacy, Identity politics, and Islamic Reformism, patrick desplat    

[7] Taariikhdii Duulaankii Gumeystaha iyo Iskacaabintii Soomaalida مرجع سابق

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى