النهج السياسي للرئيس فرماجو تجاه العلاقة بين الحكومة المركزية والولايات الاقليمية

تعهد الرئيس فرماجو خلال الكلمة التي ألقاها عقب انتخابه رئيسا للبلاد عام 2017 بالتعاون مع رؤساء الولايات الاقليمية  والعمل معهم بشكل وثيق وقريب، واصفا إياهم بالأجنحة التي تطيربها الحكومة الاتحادية .

 وقال الرئيس فرماجو في كلمته :.. ”نعزز علاقاتنا مع الولايات الاقليمية وخاصة في مجال الأمن والتنمية“ لأن الولايات الاقليمية تمثل الأجنحة  التي تطير بها الحكومة الاتحادية،  بينما تمثل الأخيرة العيون  التي تبصر بها الولايات الاقليمية، وبالتالي لا يمكن أن يستغني أحد عن الآخر“ الأ أن هذا التعهد لم يتحقق بل صارت  العلاقة بين الحكومة الاتحادية والولايات الاقليمية في عهد الرئيس فرماجو أسوأ من أي وقت مضي وذهب بعيدا في حربه ضد الرؤساء ومارس أقصى درجات الضغط لاسقاط هؤلاء الرؤساء واخراجهم في المعادلة السياسية وبذل وقتا وجهدا من أجل تنصيب رؤساء آخرين ما آثار أسئلة حول الرؤية والفلسفة وراء هذه السلوك السياسي لدى الرئيس  والمناقض لمشروعه الإنتخابي الذي كان يقوم على المصالحة والوئام.

اتسمت علاقة الرؤساء السابقين للحكومة المركزية الصومالية مع رؤساء الولايات الإقليمية بالمرونة السياسية خوفا من التمرد وإثارة قلاقل واضطرابات سياسية  وكان يتم غالبا حل الخلافات وتباين وجهات النظر بينهم  عبر الحوارات والتفاهمات ووراء الأبواب المغلقة لأن كل طرف يمسك بملفات مهمة ويتمتع بقوة لا يمكن الاستغناء عنها وهو قادر على  النيل من الطرف الأخر ولذلك كان الجميع يتحاشى من الاصطدام المباشر ووصول الوضع إلى حد القطيعة التامة وعلى سبيل المثال في عهد الرئيس السابق حسن شيخ محمود كانت الولايات الاقليمية طرفا أساسيا في إدارة البلاد وكان لا يتخذ قرارا سياديا أو مصيريا دون التشاور مع رؤساء الولايات أو على الأقل دون صفقات سواء بالتراضي أو التغاضي ولهذا السبب أنشئ مجلس تشاوري يضم الطرفين لشرعنه نفوذ الولايات الإقليمية وسلطتها في إدارة البلاد خارج اطار ما يسمحه الدستور الفيدرالي. تحقق هذا التوافق بعد سلسلة من لقاء واجتماعات وبعد أن توصل الرئيس حسن إلى حقيقة واحدة مفادها أن الولايات الإقليمية تكتسب قوتها من مصدرين أساسيين، العشائر والمؤسسات الإقليمية والدولية الراعية لعملية السلام في الصومال وأنه لن تحلو له الحياة السياسية دون التوصل إلى إطار توافقي مع الولايات الإقليمية فقرر الرضوخ لضغوطهم اعلاء لمصلحته السياسية وتفاديا من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى خلافات جديدة توسع هوة الشرخ بين الصوماليين. 

لكن الرئيس فرماجو غير قواعد اللعبة، فهو نادرا ما يواجه الاعلام وخطاباته تقتصر فقط على ما يلقي  خلال المناسبات وهذه السياسية التي يتعبها  منذ انتخابه رئيسا للبلاد ألقت بظلال كثيفة على معرفة فلسفته وتحليل نهجه السياسي تجاه العلاقة مع الولايات الاقليمية ، لكن المؤكد أنه يتبنى سياسية مغايرة تماما لسياسات أسلافه تعتمد على المواجهة الشاملة مع رؤساء الحكومات الإقليمية وبشتى الوسائل من منطلق استعادة هيبة الدولة ورفض تعددية مراكز صنع القرار في الصومال.

ويبدو أن مبادئه تنطلق من أن ”أنظمة الحكم الفردية هي الأقدر على تقوية معالم الدولة والحفاظ على أركانها“ ويتبع الفكر السياسي التنبؤي الذي يستهدف إلى تغيير الواقع تغييرا جذريا وشاملا.

وبالتالي حاول الرئيس فرماجو بكل ما أوتي من قوة أن يزيح أعتى رؤساء الولايات الإقليمية من المشهد السياسي في الصومال وتنصيب أخرى  تعطي الولاء التام له ، ولا تتدخل في سياساته الخارجية فصارت الحصيلة لحد الآن  أن ينجح في واحدة ( جنوب غرب الصومال) الخاصرة الرغوة وفشل في إثنين ( بونت لاند وجوبالاند)  وأجبر واحدة على الاستسلام ( هير شبيلي ) ويحاول حاليا في حسم وضعية ولاية جلمدغ ويبدو أنه سينجح فيها ما لم تحدث مفاجآت من العيار الثقيل .  

والجدير بالإشارة إلى أن هذا النهج الذي يتبناه الرئيس فرماجو لا يهدف سوى ضمان إعادة انتخابه لفترة ولائية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2020\2021 وأن هذا الهدف يواجه عقبات كبيرة ويرى كثيرون أنه محفوف بالمخاطر، لعدة أسباب لا يسع المجال لذكره وهناك مخاوف من أن تكون ما يقوم به شوكة في حلقة القوى السياسية التي ستتولى زمام الحكم في المستقبل وتلك طبيعة الطاحونة السياسية في الصومال لا تتوقف عن الدوران ولا تنفك افراز الدقيق الفاسد.

زر الذهاب إلى الأعلى