صوت بونت لاند يعلو ارتفاعا 

        للمرة الثانية خلال أيام معدودة ترتفع أصوات البنادق في أرض البونت  وبين أبناء العم ، في سابقة غير معهودة  منذ أن  تأسست ، فبعد ليلة من أحداث البرلمان الصادمة في مدينة غرووي  ، والتي انتهت  بمقتل  عن ما لا يقل عن ثلاث مواطنين أبرياء ، و ما  تبعها من إطاحة السريعة  وحازمة  لرئيس البرلمان  ، هاهي مدينة بوصاصو تستقبل مليشيات قبلية مسلحة تهدد وتتوعد بمحاربة من يقف أمامها من قوات النظامية التابعة للولاية  إّذا لم تلبى مطالبها  التي تعتقد بأنها مشروعة  ، وفي  المقابل ذلك يجد هذا التحرك  تحرك  يماثله في التطرف من الطرف الآخر،  فالرئيس دني وفريقه  يعتمدون منذ قدومهم على سياسة الإخضاع  ، وسحب عناصر الضغط والقوى من جميع  التوازنات التي كانت قائمة من قبل سواء كانت  هذه توازنات قبلية بدرجة أولى  أو فكرية دينية  ، وهذه السياسية  وإن كانت مقبولة من وجهة نظر القانون والدستور احياناً  ، فإن  تطبيقها دون قراءة حقيقية لواقع الولاية  ولتاريخ  تأسيسها و مراجعة على ماذا اصطلحت عليه ، يجعل من  تحركات الرئيس وفريقه تتعرقل و في ذات الوقت يجعلهم في مواجهة  شعب مغتاظ  يجد صعوبة في إدراك عمل الحكومة ، و يرفض بقوة إمكانية تحويله من شعب أعتاد أن يكون السيد وشريك للنظام إلى تابع مدني يحترم سلطة  دون النظر إلى مصالحة القبلية  التي ينتمي إليها او دون الدفاع المستميت  للأفكار التي يحملها ، وهنا يظهر تضارب الرؤى  بين ما تراه الدولة بانه حق مشروعة لها  وبين القوى الحقيقية  الممثلة للشعب التي ترى بأن لولاها لا ما كان  هناك نظام ولا امان ، إن سيادة الفعلية لابد أن يمر من خلالها ، وإلا فإن الأمور تكون اشبه بـ ” محلك سر” لا تُنجز ، ولا تُنفذ ، وكل خطوه يخطو بها النظام يقابلها عوائق مصطنعة من قوى شعب احياناً  و احياناً بمساعدة خفية  من نظام مقديشو.

إن القارئ المتتبع  للمشهد في ولاية بونت لاند منذ قدوم الرئيس دني يستخلص بأن الرجل يُحارب ويُحارب بقوة دون أن يُعطى فرصة الكافية للنجاح او الفشل  ، فمنذ اول يوم له على الكرسي رئاسة وصوت المعارضة يعلو ارتفاعاً ولا ينخفض ، و بدا يحاكم الرجل قبل أن يعمل ، ويستبق نتائج أفعاله قبل أن يبدأ ، ويحصره في مواقف  قبل أن يتحرك ، ويفترض تصريحاته قبل أن ينطق ، وهذه المعارضة الاستباقية لا تكون محايدة دائماً ، فرائحة المصالح الخاصة تلاحقها ، ومع هذا   فالرئيس دني لا يعُفى من  احتواء الموقف بالتوقف للحظات و مراجعة سياساته الداخلية والخارجية  ، وإعادة قراءة برنامجه السياسي ، والتحقق من كفاءة فريق عمله ومدى قدرة هذا الفريق في تحمل الاعباء الملقاة على عاتقهم ، وإذا لزم الأمر محاسبتهم علانية  في البرلمان وأمام الشعب ، فإن ذلك يعطى لسياسات لرئيس دني المصداقية ، ويرفع عن الشعب هاجس الخوف بأنه مغبون ، ومسروق ، ولا أحد يكترث لأمره .    

   

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى