نصائح إلى رئيس بلدية مقديشو الجديد

في 22/أغسطس – آب/2019م، عيّن الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد فرماجو، رئيسا جديدا لبلدية مقديشو يكون خلفا للمهندس عبدالرحمن عمر عثمان (يريسو) الذي توفّي أوائل هذا الشهر متأثرا بجروح أصابته في تفجير استهدف مقر بلدية مقديشو أواخر الشهر الماضي.
وقد وقع اختيار الرئيس الصومالي المفاجئ على عمر محمود محمد (عمر فلش) أحد أمراء الحرب السابقين المشهورين في مقديشو، والغائب عن تأثير المشهد السياسي الصومالي فترة طويلة.
وقد حاول بعض المحللين معرفة أسباب اختيار عمر فلش في هذه الظروف السياسية العكرة التي تمر بها البلاد، حيث الخلافات السياسية بين المركز والولايات وصلت إلى أوجها مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات العامة في البلاد.
وأشار بعض المحللين إلى أن اختيار عمر فلش رئيسا جديدا لبلدية مقديشو، جاء كحل وسطي تقدّم به رئيس الوزراء حسن علي خيري إلى رئيس الجمهوريه الصومالية، عقب اختلافهما على تعيين الرئيس الجديد للبلدية، إذ إن كلّ منهما كان يسعى إلى تعيين مرشح مقرّب منه، إلاّ أنه في نهاية المطاف اتفقا على تعيين شخص آخر غير المرشحين الّذان اختلف على تعيين أحدهما، فكان اختيار عمر فلش كمخرج لخلاف كان من الممكن أن يستحكم بين الرئيس ورئيس وزرائه كما تفيد بذلك بعض التسريبات الإعلامية.
ومهما يكن من أمر، فإنّه بات من الواضح أن عمر فلش هو الرئيس الجديد لبلدية مقديشو، وعليه فإنّه يقدّم بعض المتابعين نصائح إلى عمر فلش يعتبرونها مهمة في مسيرة إنجاح إدارة إقليم بنادر خلال فترة حكمه للمدينة، ومن هذه النصائح ما يأتي:
1. العمل على إحكام أمن العاصمة الصومالية مقديشو وفق خطة أمنية جديدة: من المؤكّد أن في العاصمة الصومالية تحدّيات أمنية كبيرة، تعرقل مسيرة الحياة الطبيعية فيها، وعلى الرّغم من أن الحكومة الفيدرالية قامت بإجراءات أمنية مشدّدة للحفاظ على أمن العاصمة الصومالية إلاّ أن الخروقات الأمنية والمتمثلة بالانفجارات المتنوعة، والتفجيرات المختلفة، والاغتيالات المدبّرة، بل والمواجهات المسلحة بين أفراد من القوات الصومالية، أو بينها وبين مليشيات قبلية في المدينة، أصبحت هذه الحوادث خروقات أمنية شبه يومية في العاصمة الصومالية، وذلك مع استمرار إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية في العاصمة الصومالية مقديشو منذ ما يزيد عن 6 أشهر، مما ضيق الخناق على سكّان العاصمة الصومالية مقديشو، وعليه فإنّ كثيرا من المتابعين، ينصحون الرئيس الجديد لبلدية مقديشو السيد عمر محمود محمد (عمر فلش) وإدارته الجديدة بوضع خارطة أمنية فعّالة وغير مؤثّرة سلبيا على تحرّكات الشعب في داخل المدينة، مما يعني فتح الطرق الرئيسية كخطوة تمهيدية لفتح بقية الطرق والشوارع الفرعية المغلقة، طالما ثبت أن إغلاق الطرق لم يساهم في تثبيت أمن العاصمة مقديشو، وبدلا من إغلاق الطرق يقترح بعض المتابعين إنشاء فرق أمنية متدرّبة تنشط في أحياء العاصمة الصومالية ونواحيها وتتعاون مع مختلف أطياف الشعب دون تهديد أو اعتداء على عرضه وماله ونفسه.
2. زرع الثقة في نفوس المتخوّفين منه: لكونه أمير حرب سابق، فقد أبدى البعض مخاوفه تجاه تعيين عمر فلش، واعتبروا ذلك عودة إلى تسعينات القرن الماضي، حيث الحروب الأهلية والمواجهات المسلّحة والصراعات القبلية التي اشتهرت بها المدينة خلال تلك الفترة من تاريخها، وعليه فإنه ينصح الرّئيس الجديد بطمآنة قلوب مختلف شرائح المجتمع الصومالي والإظهار -لهم عبر الأداء والعمل الجاد- بأن تلك الحقبة السوداء من تاريخ المدينة قد ولت بمساوئها وبقيت محاسنها – إن كانت لها محاسن- وأن يثبت لهم أنه الآن رجل دولة وليس رجل حرب كما كان في السابق.
3. البدء في الاستجابة للنداءات الدّاعية إلى إنشاء إدارة محلية للعاصمة مقديشو: منذ أن تبنّى الصومال النظام الفيدرالي كنظام للحكم، ظهر جدال سياسي حول الوضعية السياسية في العاصمة الصومالية مقديشو، وكنتيجة لذلك وجدت وجهتا نظر مختلفتين حول النظام الّذي سيتّبع في إدارة العاصمة الصومالية مقديشو، فوجهة النظر الأولى تؤمن بأن مقديشو عاصمة الجميع مما يعذّر تحكّم فئة معيّنة بإدارتها، ولذلك لا بدّ من أن تكون إدارتها إدارة مركزية تتبع الحكومة المركزية مما يعني أن الحكومة هي من يقوم بتعيين أعضاء إدارة إقليم بنادر، وليس هناك حاجة بانتهاج نظام خاص للمدينة. أما وجهة النظر الثانية فتدعو إلى إنشاء إدارة محلية للعاصمة الصومالية ويقوم سكّانها بانتخاب ممثليهم في هذه الإدارة المحلية للعاصمة الصومالية مقديشو، إذ إن معظم أصحاب هذا الفريق يحاججون بأنّ من أهم أسباب الانفلات الأمني هو غياب دور الإدارة المحلية التي يساهم السكان في تكوينها وإنشائها، وعليه فإنهم يعتقدون أنّه إذا تمكّن إنشاء هذه الإدارة فسيساهم ذلك في استتاب أمن العاصمة الصومالية، وسيعيش سكّانها بأمن وأمان. لذا فعلى الرئيس الجديد لبلدية مقديشو الاستماع إلى حجج الطرفين ويتأمل فيها، ويرجح الرّأي الّذي فيه مصلحة الجميع دون محاباة أحد أو معاداته.
وختاما، إن الطريق أمام الرئيس الجديد لبلدية مقديشو ليس مفروشا بالورود والأزهار، بل هو طريق رديء وعر مسلكه لاتناسبه السرعة المفرطة، لذا عليه أن يتحسس جيدا موضع قدمه قبل أن يضعها حتّى يتمكن بكل جدارة من التغلّب على التحدّيات الماثلة أمام إدارته الجديدة لإقليم بنادر وللعاصمة مقديشو.

زر الذهاب إلى الأعلى