لماذا ترفض الحكومة الصومالية إدراج حركة الشباب على قائمة المنظمات الإرهابية؟

في اجتماع عقده قبل أيام وزراء الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو أبدوا فيه قلقهم تجاه مشروع اقتراح كيني يطالب بإدراج حركة الشباب في قائمة المنظمات الإرهابية لدى مجلس الأمن الدولي، لما لهذا الطلب من تأثيرات سلبية على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلاد.

وأكّد السفير أبوبكر طاهر عثمان (أبوبكر بالي) مندوب الصومال في الأمم المتحدة على رفض الصومال لهذا المشروع الّذي قدّمته كينيا إلى مجلس الأمن الدولي والّذي يطلب بإدراج حركة الشباب في قائمة المنظمات الإرهابية لدى مجلس الأمن الدّولي.

وتخوض كينيا حربا ضدّ حركة الشباب في الصومال ضمن بعثة قوّات الاتّحاد الإفريقي (أميصوم) العاملة في الصومال، وقد تعرّضت الأراضي الكينية لهجمات مختلفة من حركة الشباب مما خلّف آثارا سلبية في الأوضاع الأمنية والاقتصادية في كيينا، وهو ما جعلها – حسب بعض المتابعين- تتقدّم بطلب إدراج الحركة في قائمة المنظمات الإرهابية لدى مجلس الأمن الدولي، وذلك لغرض حشد دولي ضدّ حركة الشباب التي تنفّذ اغتيالات وهجمات واسعة في أراضيها والتي من بينها:

  • الهجوم المسلّح على مجمع ويست غيت التجاري في نيروبي والذي استمرّ في الفترة ما بين 21 _ 24/سبتمبر-أيلول/2013م، والّذي راح ضحيّته حوالي 67 شخصا وإصابة 200 آخرين.
  • الهجوم المسلّح على جامعة موي في غاريسا والّذي خلّف مقتل 148 شخصا وجرح قرابة 80 آخرين، وذلك في: 2/فبراير- شباط/2015م.
  • الهجوم المسلح على مجمع يضم فنادقا ومكاتب تجارية في نيروبي في 15/يناير- كانون الثاني/2019م، والّذي خلّف خسائر في الأرواح تتراوح ما بين 15 _ 47 قتيلا باختلاف الروايات، حيث نشرت الصحف الكينية بأن عدد قتلى الهجوم يصل إلى 15 قتيلا، في حين أشار الصليب الأحمر الكيني إلى أن عدد القتلى يصل إلى 24 شخصا، بينما أعلنت حركة الشباب أنها قتلت في ذلك الهجوم حوالي 47 شخصا من جنسيات مختلفة.
  • هذا بالإضافة إلى ذلك عدد القتلى الكينيين بسبب هجمات واغتيالات تنفّذها الحركة داخل الأراضي الكينية وصلت تقديراتها حسب وسائل إعلامية إلى حوالي 115 قتيلا كينيا من ضباط، وشرطة وعسكريين وغيرهم ممن تم استهدافهم من قبل حركة الشباب في داخل الأراضي الكينية[1].

وبناء على ما سبق يعتقد بعض المحللين أن كينيا تسعى إلى تكوين حلف دولي يساعدها على مكافحة حركة الشباب التي نفّذت هجمات في داخل الأراضي الكينية والتي تسببت – كما تشير بعض التقارير- بتراجع السياحة في كينيا، حيث أشار إنغوروغي مدير البنك المركزي في خطاب ألقاه في مؤتمر اقتصادي بجنوب إفريقيا في نوفمبر 2015م، أشار المدير إلى أن الحركة تسببت في تراجع السياحة بسبب هجماتها المتكررة داخل الأراضي الكينية مطالبا الحكومة الكينية باتخاذ خطوات ضرورية لإنقاذ الاقتصاد الكيني من التّدهور[2].

ولذا يرى كثيرون أن كينيا تسعى إلى القضاء على حركة الشباب لكي تستعيد أمنها فتطور اقتصاد بلادها، والّذي يعد السياحة من أهم موارده الرئيسية.

لكن في المقابل ترى الحكومة الصومالية الفيدرالية بأن إدراج حركة الشباب في قائمة المنظمات الإرهابية لدى مجلس الأمن الدولي أمر غير مناسب في هذا الوقت لعدّة أسباب أهّمها الآثار السلبية التي ستنتج عن هذا القرار والتي من بينها الأزمات الإنسانية التي سيخلفها هذا القرار، حيث إن قرار مجلس الأمن الخاص بالتعامل مع الحركات الموصوفة بأنها إرهابية لا يقيم وزنا للأوضاع الإنسانية في المناطق التي تخضع لسيطرة هذه الجماعات، وبالتالي فإنّه يتعذر على الهيئات الخيرية في حال حدوث كوارث طبيعية أو بشرية يتعذّر عليها إيصال المساعدات الإنسانية، وهو أمر يؤدّي إلى نتائج إنسانية واقتصادية فظيعة، ولذلك ترى الحكومة الصومالية بعدم إدراج الحركة في قائمة الحركات الإرهابية، وذلك تغليبا لمصلحة الشعوب القاطنة في المناطق التي تخضع لسيطرة حركة الشباب في الصومال.

ويرى جانب آخر من المحللين بالإضافة إلى ما سبق، أن رفض الصومال لهذا القرار ربما له علاقة بالأزمة الدّبلوماسية بين الصومال وكينيا على خلفية النزاع الحدودي البحري بينهما، خاصة أن هذا القرار يأتي بعد أيام من قرار آخر تقدّم به برلمان كينيا إلى الحكومة الكينية يطالب فيه بإرسال قوات عسكرية كينية إلى المناطق البحرية المتنازع عليها، كما نشرت بذلك وسائل إعلام محلية، وخوفا من أن تحقق كينيا رغبتها في استحواذ المناطق المتنازع عليها بدعوى محاربة الإرهاب، ترفض الصومال تمرير هذا القرار حتّى لا يخدم لمصلحة كينيا في المياه الصومالية.

 وهناك فريق آخر يرى أن  جهات متنفذة داخل  الحكومة الاتحادية تخشي من تداعيات قرار أممي يدرج حركة الشباب في قائمة المنظمات الإرهابية نظرا لعلاقة محتملة أو سابقة  ويعرضهم للمساءلة أمام القانون الدولي.

وعلى كلّ حال يبدو لمتابع العلاقات الصومالية الكينية بأنها بدأت تتدهور منذ أن بدأ التحكيم الدولي في قضية النزاع البحري بينهما، وأنّ العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين تسوء يوما بعد يوم، وقد جاء في خطاب مندوب الصومال لدى الأمم المتّحدة ما يلمّح بامتعاض الصومال عن التصرف الكيني الأخير، حيث أشار المندوب إلى أن القوات الكينية تسمح بتصدير الفحم من الموانئ الصومالية التي تسيطر عليها القوات الكينية، مع العلم بوجود حظر على تصدير الفحم لكونه أحد مصادر دخل حركة الشباب كما أفاد بذلك المندوب الذي واصل خطابه متسائلا أنّه لو كانت كينيا ترغب حقّا في مواجهة حركة الشباب فلماذا تسمح بتصدير الفحم الّذي يدرّ عليها أرباحا طائلة؟ وفي ذلك تلميح من المندوب الصومالي إلى أن لكينيا لها مآرب أخرى من هذا المشروع، كما استنتج محللون من خطابه الأخير.

[1]. https://www.irfaasawtak.com/a/475890.html

[2]. http://alsomal.net/%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3/

زر الذهاب إلى الأعلى