داعش في الصومال والقرن الإفريقي:المشكلة والتداعيات.. تقدير موقف

PDF

شهدت  القارة الإفريقية خلال السنوات القليلة الماضية، تنامياً ملحوظاً لتواجد العناصر المسلحة، والمشتقة من تنظيمات متشددة عديدة كتنظيمى القاعدة وداعش الإرهابيين؛ فبعد انحسار التمدد والنفوذ الإقليمي لهذين التنظيمين في سوريا والعراق وغيرهما، لم تجد تلك العناصر سوى اللجوء إلى المناطق الساخنة والمشتعلة بالقارة الإفريقية السمراء؛ حيث وجدنا عناصر تنظيم داعش تأخذ في التمدد والانتشار في غرب إفريقيا وخاصة في نيجيريا، كما وجدناها تتمدد وتنتشر في الصومال كذلك، وهذه المرة جاء الانتشار وفق الرؤية الاستراتيجية والتخطيطية لتنظيم القاعدة، وذلك عندما وجدت عناصر داعش أنها تتلقى ضربات موجعة من وقت لآخر بسبب القضاء على قياداتها ورؤوسها التنظيمية والروحية، ومن ثم لم تجد بداً من التخفي تحت عباءة القاعدة حيناً، والتحرك باسمهم ونهجهم حيناً آخر، وهي استراتيجية مراوغة وغير مستقرة أو ثابتة، حيث تستخدمها داعش تارة، وتتخلى عنها أو تستخدم عكسها تارة أخرى، ريثما تتمكن من إقرارا وتقنين وضعياتها الحرجة في ربوع القارة الإفريقية السمراء.

ومن ينظر إلى حيثيات التوجهات المتنامية لعناصر داعش فيما يتعلق بأفضلية التواجد في تلك المناطق من القارة الإفريقية، يجدها كثيرة ومتنوعة، كما أنها منطقية كذلك؛ فاتساع المساحات الصحراوية والحدودية يمنحان هذه العناصر فرصاً مواتية للتخفي والانقضاض وفق آليات ومنهجيات واستراتيجيات خاصة فاعلة، كما أن الانتقال للقارة الإفريقية، يعد منطقياً في ظل هروب القادة الروحيين والتنظيميين من سوريا والعراق إلى عمق هذه القارة، وخاصة شمالها وغربها، الأمر الذي وجدت معه العناصر التابعة والمنقادة، سبباً وجيهاً لاتخاذ نفس الخطوة ونفس الاتجاه، ومن جهة أخرى، فإن من عادة التنظيمات الإرهابية المعاصرة، وخاصة تنظيمى داعش والقاعدة، التركيز على المناطق الواعدة من الناحية الاقتصادية والثرواتية، وكما هو معروف عن قارة إفريقيا، فإنها تمتلك مخزوناً نفطياً ومنجمياً عامراً بالاحتياطيات الظاهرة والباطنة؛ لذا فهي تمثل الوجهة المثالية لهذه التنظيمات التي اعتادت على امتلاك ثروات هائلة تمكنها من تحقيق أهدافها الأيديولوجية والاستراتيجية، وكذلك الإنفاق على استقطاب العناصر واستمالة المجتمعات الحاضنة، وهنا في إفريقيا السمراء، تبدو المجتمعات الحاضنة مهيأة للتجاوب بقوة مع هذه العناصر المتشددة، طوعاً أو كرها، إما بدافع قبلي أو بدافع من العواطف الدينية المنقوصة وغير الناضجة، وذلك في ظل حالة التراجع المعيشيي وارتفاع نسبة الفقر والجهل بين عموم الشرائح السكانية.

وبخلاف الأسباب المنطقية السابقة، فإن ثمة أسباب أخرى وجيهة ومباشرة، تدفع بعناصر داعش إلى عمق القارة الإفريقية، يأتي على رأسها وجود نماذج متشددة صغيرة في العديد من البلدان الإفريقية، تتشابه أيديولوجياتها أو تتقارب مع أيديولوجيات هذا التنظيم المتطرف؛ فهناك جماعة(بوكو حرام) في نيجيريا، وهناك(حركة الشباب المجاهدين) في الصومال، وغيرهما تكتلات مسلحة ومتشددة كثيرة لا يمكن حصرها في مناطق مختلفة من القارة المذكورة، في حين يوجد سبب مباشر آخر، هو تواجد القوات الأمريكية(أفريكوم) أو القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، وقوامها ثمانية آلاف جندي، الأمر الذي يرفع حوافز التنظيمات المسلحة وعلى رأسها تنظيم داعش، للنيل من الغريم التقليدي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، عبر تكبيد قواته في إفريقيا خسائر فادحة مجدداً، على غرار الخسائر في سوريا والعراق، هذا إلى جانب أحد الأسباب الرئيسية الأخرى، والمتمثل في كون القارة الإفريقية السمراء تعاني من اضطراب الأنظمة السياسية الحاكمة، ومن قابليتها للتداعي والانهيار بفعل الحوكمة المهلهلة، وعدم القدرة على السيطرة الكاملة على الأقاليم والمناطق التابعة للدولة الوطنية، الأمر الذي يغري تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الأخرى، على التواجد المسلح والفاعل بالقرب من تلك الأنظمة، عبر التحالف مع أقرب المناوئين العسكريين لها، تمهيداً لاستغلال أية فرص يمكنها تحقيق حلم الحصول على عاصمة للخلافة في القارة الحبلى بالثروات.

ووفق التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بخصوص تواجد العناصر التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في القارة الإفريقية والصومال، فإن ملامح خريطة التواجد الفعلي والميداني الراهن لهذه العناصر، يمكن استخلاصها على النحو الآتي[1]:

  • في شمال القارة الإفريقية، تتراوح أعداد عناصر داعش ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف عنصر، يتمركزون ضمن تشكيلات وخلايا في ليبيا، وخاصة حول طرابلس ومصراتة وصبراتة غرباً، والعوينات وغات جنوباً، وأجدابيا ودرنة في الشرق، وهناك كذلك عناصر أخرى تابعة للتنظيم متواجدة في المناطق الجبلية في غرب تونس، إلى جانب ما يقرب من ألف عنصر في شمال سيناء المصرية، وتعتمد عناصر التنظيم في تمويلها عبر مجمل هذه المناطق، على ابتزاز السكان المحليين، واختطاف بعضهم لطلب فدية، إلى جانب الاستفادة من فرض بعض الضرائب على طرق التهريب الخاضعة لسيطرتهم ونفوذهم.
  • في غرب القارة الإفريقية، تنتشر عناصر التنظيم في الصحراء الكبرى، وخاصة في المناطق الحدودية بين دولتي مالي والنيجر، وبحسب أولويات الصعوبات التي يواجهها التنظيم من حين لآخر، وما تفرضه هذه الصعوبات من تبني استراتيجيات ومنهجيات مناسبة، فإن عناصر التنظيم في الغرب الإفريقي، وخاصة في منطقة الساحل بالصحراء الكبرى، تجمعها صلات تعاون وتحالف مع جماعة نصرة الإسلام، لتنسيق عمليات السيطرة والدعم بينهما، بهدف ضمان القدرة على الوصول إلى طرق التهريب، على أن أكثر مناطق الغرب الإفريقي من حيث النفوذ العددي والمالي الأكبر لداعش حالياً، هي منطقة حوض بحيرة تشاد؛ فمن هذه المنطقة تقوم عناصر التنظيم بشن هجماتها على مناطق مجاورة، ومن ذلك ما قامت به هذه العناصر خلال شهر فبراير 2018 من اختطاف ما يزيد على 100 تلميذة من بلدة دابشي النيجيرية، قبل إطلاق سراحهن بعد شهر تقريباً من اختطافهن مقابل فدية مالية كبيرة.
  • وفي شرق القارة الإفريقية، وتحديداً في الصومال، فإن أعداد عناصر تنظيم داعش لا تزال قليلة إذا ما قيست بنظائرها في أفغانستان وجنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا وليبيا على وجه التحديد، ولكن رغم ذلك، تبقى هذه العناصر القليلة، والتي قد يزيد عددها على الــ 200 مقاتل وفق تقديرات مصادر متعددة، تشكل خطراً داهماً على الأوضاع الداخلية والحدودية في الصومال، خاصة مع ما يقوم به قادة التنظيم من استقطاب عناصر جديدة، منها عناصر منشقة عن جماعة الشباب الصومالية، الأمر الذي يعني أن الصومال تشكل بيئة مواتية لعمليات عنيفة قد يقوم بها التنظيم مستقبلاً، وذلك في حال ما إذا نجحت مساعيه في استكمال الدعم المالي واللوجيستي عبر أنشطته الإجرامية، وكذلك عبر التجنيد ونشر الفكر المتشدد في الشرق الإفريقي من خلال ذبابه الإلكتروني وأذرعه الإعلامية.

وبتدقيق النظر أكثر في إشكالية ظهور تنظيم داعش الإرهابي في الصومال والقرن الإفريقي، وما يرتبط بهذا الظهور من احتماليات إثارة العديد من المشكلات المعقدة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، يمكننا رصد الآتي:

  • أن أولى المشكلات خطورة في هذا الإطار، تكمن فيما يتصف به تنظيم داعش من غلبة الأنانية أو ما يسمى بـــ(الأنا الأيديولوجية) والتي تعني بكل بساطة، رغبة هذا التنظيم في ابتلاع ما يخالفه من تنظيمات أخرى مشابهة، صغيرة كانت أو كبيرة، إما عبر دمجها واحتوائها، أو عبر إقصائها والقضاء عليها، والتنظيم وفق هذا التوصيف، لا يتورع عن الجمع بين الاحتواء والصدام تجاه أي من تلك التنظيمات المواجهة، إذا ما اقتضت الظروف ذلك، الأمر الذي تزداد معه المخاطر الأمنية الناجمة عن هذا التوصيف، وخاصة في الصومال، حيث المواجهات الدامية بين عناصر داعش وعناصر حركة الشباب، وصراع كل طرف في اتجاه إثبات هيمنته عبر عمليات عنيفة يشهدها الداخل الصومالي، وفي كل الأحوال، تبقى عناصر داعش مستقلة التكوين والتوجهات؛ إذ” يخطيء من يعتقد أن التنظيم عميل للنظام أو لدول تدعم المعارضة؛ فهو يعتبرهم أعداء بالدرجة نفسها، وقد يتهادن مع طرف ويحارب آخر، فيبدو أنه يحاربه في خدمة الأول، لكنه يعود وينقض على من هادنه سابقا ما إن تسنح الفرصة له، وفي العراق سبق وأن عمل التنظيم على التخلص من المجموعات المسلحة الأخرى الموجودة هناك بشكل تدريجي”[2]
  • أن الظهور الداعشي في الصومال والقرن الإفريقي، يعني أننا أمام حالة معقدة جداً من الناحية الأمنية؛ فعناصر هذا التنظيم ــ رغم عددها القليل ـــ إلا أنها تأتي إلى دول المنطقة، وخاصة إلى المناطق والمدن الصومالية، وهي متمتعة بخبرات عسكرية وقتالية غير تقليدية، اكتسبتها من تجاربها السابقة في سوريا والعراق ومناطق أخرى من العالم؛ فهذا التنظيم بإمكانه” أن يحصل بسهولة على الأسلحة والمواد في المناطق ذات الحكم الضعيف التي ينشط فيها، كما تتفوق عناصره في تصنيع الأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع وفي تسليح الطائرات المسيرة من دون طيار، وهذه الخبرة المكتسبة في مناطق النزاع، تعد أحد أكبر الأخطار التي يشكلها مقاتلو التنظيم الأجانب العائدون من تلك المناطق”[3]
  • أننا أصبحنا أمام وضع متجدد إفريقياً وصومالياً على مستوى الصراع الأيديولوجي الممزوج بأهداف سياسية واستراتيجية بين كل من جماعة الشباب من جهة، وتنظيم القاعدة من جهة ثانية، ثم تنظيم داعش من جهة ثالثة، وأنه في ظل تباين الأيديولوجيات حيناً، وتجزئتها أحياناً أخرى، لم يعد بالإمكان ضمان وتيرة واحدة مألوفة لتحركاتها وتوجهاتها؛ فعلى سبيل المثال تعد” تداعيات الصراع بين حركة الشباب المنتمية فكريا إلى تنظيم القاعدة، والفرع المحلي لتنظيم داعش المتواجد في المناطق الشرقية لجبال جلجلا ببونتلاند شمال شرقي الصومال، مهددة  بتحويل العاصمة مقديشو إلى ساحة حرب”[4] ومن جهة أخرى، تبدو حالة المواجهة العلنية بين التنظيمات المتشددة في منطقة القرن الإفريقي والصومال، آخذة في التشعب والانفتاح على مستقبل دموي عنيف؛ فداعش والقاعدة، تجمعهما حالة عداء معقدة، يغذيها صراع كل منهما في اتجاه تحقيق النفوذ والهيمنة في القارة الإفريقية والمنطقة المشار إليها، وحركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة من جهتها، تقف موقف العداء ذاته من تنظيم داعش، وخاصة بعد قيام الأخير باستقطاب العناصر المنشقة عن الحركة وتوظيفها ضمن صفوفه، بل واستهداف قيادات وعناصر الحركة بالقتل والتصفية؛ لذا فقد أصبحت المواجهات الثنائية بين داعش وحركة الشباب هناك على أشدها، ولكن دون إغفال كل منهما مهام القيام بعمليات انتحارية وتفجيرية في الداخل الصومال، على سبيل إثبات النفوذ والهيمنة[5]
  • أنه في حال تم السماح لعناصر تنظيم داعش بالتوسع والتمدد عددياً ولوجيستيا في المناطق الصومالية، سواء بشكل منفصل ومستقل، أو على حساب عناصر حركة الشباب، فإن الحالة السياسية في البلاد ستشهد تغيرات جذرية وخطيرة؛ إذ أن التمدد الجغرافي لعناصر داعش، سيكون مصحوباً بخبرات اجتماعية عميقة لهذه العناصر، يمكن أن تمكنها من تكرار سيناريو السيطرة الشاملة على مدن ومناطق صومالية، على غرار ما فعلته في العراق سابقاً، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضرب الفيدرالية في الصومال، بل وزيادة حدة الانفصال بين كافة أقاليمها، ما يعني الإطاحة بالاستقرار السياسي والعودة مجدداً إلى سيناريوهات عنيفة، بل ربما أعنف مما عاناه الصوماليون في الحروب الأهلية السابقة، ومما يزيد المخاوف والقلق في هذا السياق، أن نجاح الحكومة الصومالية على المستوى العسكري في تقليص نفوذ حركة الشباب في البلاد، بدأ يتضاءل أمام ازدياد العناصر المنشقة عن الحركة والمنضمة إلى تنظيم داعش حديثاً، الأمر الذي” يربك سياسة الحكومة الصومالية تجاه احتواء ظاهرة تمدد الحركات المسلحة ذات الطابع الأيديولوجي، ويعمل على تبلور ظاهرة التنظيم الداعشي وتجذره بشكل فعلي على أرض الواقع، بل وتحوله من خانة الولادة القيصرية إلى تهديد أمني يقلب الأرصدة والموازين”[6]
  • أن ظهور عناصر داعش في بعض المناطق الصومالية، وخاصة المناطق الجبلية الوعرة كمنطقة(جبال عيل مدو) شمال شرقي البلاد، واحتمالية وجود علاقة تعاون مع قراصنة البحر والساحل، يتجاوز حدود التأثير الأمني والسياسي، ويمثل إشكالية مالية واقتصادية بالنسبة للصومال، وخاصة في ظل حرص هذه العناصر على توفير الدعم المالي، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ومن ثم، فإنه “في حال عزز داعش وجوده بالمنطقة فإن تهديداته لن تقتصر على الجانب الأمني، بل ستشمل الجانب الاقتصادي في هذه المنطقة المهترئة اقتصادية، حيث سيمثل تهديدا على الموانئ البحرية، خاصة مع احتمال أن يقيم علاقات مع القراصنة في قطع حركة التجارة في الموانئ الإقليمية والمحلية”[7]
  • أنه لا يمكن استبعاد معطيات الوضع اليمني وإسهامه المحتمل في إمداد منطقة القرن الإفريقي والصومال بالمزيد من عناصر داعش؛ فلدى هذه العناصر المشاركة في الحرب اليمنية محفزات كبيرة للتوجه ناحية القرن الإفريقي لاتخاذها جسراً للوصول إلى أهداف واستراتيجيات خاصة في كل من مالي وليبيا، كما أن هذه العناصر تجيد اللعب جيداً بورقة النزاعات الثنائية، وهي الورقة التي تشكل ضغوطاً معقدة في هذه المنطقة من العالم، بحيث تساعد كثيراً على توطين حالة من انعدام الأمن والاستقرار بين دول القرن، في ظل تعدد تلك النزاعات وتشابكها” خاصة في الصومال وجنوب السودان والساحل الإفريقي وكذلك النزاعات الثنائية القائمة بين إريتريا وإثيوبيا وبين دولة أرض الصومال والصومال أو بين الأخيرة وكينيا”[8]

والخلاصة هنا أننا أمام عدة حقائق مريرة وخطيرة على النحو التالي:

  • القرن الإفريقي تحول إلى بيئة مثالية ومهيأة لاستقبال المزيد من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وبمرور الوقت تتضح استراتيجيات هذا التنظيم في كسب المزيد من الأرصدة والمساحات والعملاء بين شرائح السكان في تلك المنطقة.
  • صراع الهيمنة والاستحواذ بين العناصر والجماعات المتشددة في منطقة القرن الإفريقي والصومال، يهدد بالمزيد من الأزمات والاضطرابات المستقبلية، وخاصة على مستوى الولاءات التنظيمية والأيديولوجية لكل من تنظيم داعش من جهة وتنظيم القاعدة وجماعة الشباب الصومالية من جهة ثانية.
  • النزاعات الثنائية بين دول القرن الإفريقي، تشكل أداة مناسبة للتوظيف الراديكالي والتنظيمي والاستراتيجي من قبل التنظيمات الإرهابية، وذلك لتحقيق أكبر قدر من الشقاق والخلاف بين الأنظمة السياسية القائمة في هذه الدول، بشكل يسمح بإيجاد فراغات مناسبة للولوج إليها وضربها أملاً في استبدالها والقفز عليها.
  • عناصر تنظيم داعش القادمين إلى منطقة القرن الإفريقي ،على قلة عددهم، يتمتعون بخبرات قتالية وتنظيمية واسعة تفوق بكثير نظائرها لدى الجماعات والعناصر المسلحة في القارة الإفريقية عموماً وفي الصومال على وجه الخصوص، وهو ما يتيح لهذه العناصر إمكانيات ومهارات خاصة قادرة على تفكيك واختراق التنظيمات الأقل خبرة ومراساً؛ لذا تنذر الأيام القادمة باتساع حركة الاستقطاب الموجهة من عناصر داعش تجاه عناصر الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا وغيرهما من التنظيمات الصغيرة الأخرى الموالية لتنظيم القاعدة المناويء لداعش.
  • اتساع رقعة التنظيمات الإرهابية في القرن الإفريقي والصومال، يهدد قدرة الأنظمة السياسية المحلية والإقليمية على مواجهة هذه التنظيمات، التي تثبت عبر عمليات نوعية أنها أكثر قدرة وحرفية في الاختراق والتنظيم من أغلب الأجهزة الأمنية المواجهة لها، والراغبة في تطويقها وإقصائها، وخاصة في ظل السباق المحموم بين هذه التنظيمات على ضرب الاستقرار المحلي والإقليمي بهدف إثبات تلك القدرة.
  • تنظيم داعش بعيد كل البعد عن احتمالية موالاته لأية أنظمة سياسية أو تكتلات معارضة؛ لذا فهو تنظيم أناني من الناحية الأيديولوجية والتنظيمية والاستراتيجية، كما أنه تنظيم مخادع تمتلك قياداته منهجاً نفعياً يمنحها الحق في تحويل الأعداء إلى أصدقاء والعكس صحيح كذلك، من أجل تحقيق الأهداف الخاصة للتنظيم.
  • الأعداد الواقعية والميدانية لعناصر داعش في القارة الإفريقية والقرن الإفريقي والصومال، غير معلومة على وجه الدقة، لكن المؤشرات العامة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه العناصر تزداد يوماً بعد يوم، وأنها تستفيد من كافة الأوضاع المتأزمة بين دول القارة من جهة، ومن المنشقين عن التنظيمات المناوئة لها من جهة ثانية، لزيادة أعدادها، واستعادة قدراتها وبناها التنظيمية والهيكلية.

         وبناء على ما تقدم، ننصح بالآتي:

  • الإسراع في إنهاء كافة الملفات العالقة بين دول القارة الإفريقية، واستعادة أوجه التعاون الجاد بين هذه الدول في النواحي الأمنية والحدودية.
  • تكريس الوعي الجماهيري بخطورة تنظيم داعش القصوى على استقرار الدول والمجتمعات، وخاصة الإفريقية منها، وتوظيف كافة المواد الإعلامية المأثورة عن هذا التنظيم للاستدلال على تلك الخطورة، جنباً إلى جنب، مع فتح حوار بناء مع القامات الدينية المعتدلة والوسطية للوصول إلى صيغة شعبية مقبولة لمواجهة عناصر هذا التنظيم وكافة التنظيمات الأخرى.
  • الإسراع بوتيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي بين شعوب القارة الإفريقية، وتقديم الوجه الإيجابي للأنظمة السياسية الحاكمة لتلك الشعوب، من خلال إجراءات عملية وحقيقية في اتجاه علاج المشكلات الجماهيرية للسكان المحليين، مع فتح أبواب الوفاق الإقليمي على مصراعيها لتحقيق علاقات ثنائية حميمية مع دول الجوار.
  • الانتهاء العاجل والسريع من إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وترتيب أوراق الجيوش الوطنية العاملة على حفظ استقرار البلاد، ومواجهة التمدد الحدودي للعناصر الراديكالية المتشددة.

الهوامش والإحالات

  • انظر: التقرير السابع للأمين العام للأمم المتحدة حول تهديد تنظيم داعش للسلام والأمن الدوليين، الوثيقة S/2018/770، الصادرة بتاريخ 16أغسطس 2018، الصفحات من 2/22 إلى 7/22 ، متاح على الرابط: http://www.uniraq.org/images/SGReports/S2018770%20ARABIC%20N1826174.pdf ، (بتصرف)
  • انظر: عزمي بشارة، تنظيم الدولة المكنّى(داعش): إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة، مجلة (سياسات عربية)، العدد 35، تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ص 13(بتصرف)
  • انظر: التقرير السابع للأمين العام للأمم المتحدة حول تهديد تنظيم داعش للسلام والأمن الدوليين …، مصدر سابق، ص 3/22 (بتصرف)
  • راجع: نور محمد، صراع داعش والقاعدة…تنافس على استقطاب المقاتلين ومصادر التمويل في الصومال، تقرير صحيفة (العربي الجديد)، الموقع الإلكتروني، بتاريخ 3 فبراير 2019، متاح على: https://www.alaraby.co.uk ، مع البحث بالعنوان المذكور(بتصرف يسير)
  • المصدر السابق نفسه(بتصرف كبير)
  • راجع: شافعي أبتدون، تنظيم الدولة في الصومال .. بين الوهم والحقيقة، تقرير مركز الجزيرة للدراسات، بتاريخ 31 مايو 2016 ، ص 5 ، متاح على: http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2016/5/31/83cb4bcde3264e2dac281641f31356c6_100.pdf ، (بتصرف)
  • راجع: نور جيدي، داعش فرع الصلومال.. كابوس خرج من رحم الشباب، تقرير تحليلي، صحيفة الأناضول التركية، بتاريخ 16/11/2017، متاح على: https://www.aa.com.tr ، مع البحث بالعنوان المذكور(بتصرف)
  • راجع: فريضي، نور الدين، خوف أوروبي من انزلاق منطقة القرن الإفريقي، تقرير موقع قناة العربية بتاريخ 15 مايو 2017، متاح على: http://ara.tv/48vs9 (بتصرف)

[1] انظر: التقرير السابع للأمين العام للأمم المتحدة حول تهديد تنظيم داعش للسلام والأمن الدوليين، الوثيقة S/2018/770، الصادرة بتاريخ 16أغسطس 2018، الصفحات من 2/22 إلى 7/22 ، متاح على الرابط: http://www.uniraq.org/images/SGReports/S2018770%20ARABIC%20N1826174.pdf ، (بتصرف)

[2] انظر: عزمي بشارة، تنظيم الدولة المكنّى(داعش): إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة، مجلة (سياسات عربية)، العدد 35، تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ص 13(بتصرف)

[3] انظر: التقرير السابع للأمين العام للأمم المتحدة حول تهديد تنظيم داعش للسلام والأمن الدوليين …، مصدر سابق، ص 3/22 (بتصرف)

[4] راجع: نور محمد، صراع داعش والقاعدة…تنافس على استقطاب المقاتلين ومصادر التمويل في الصومال، تقرير صحيفة (العربي الجديد)، الموقع الإلكتروني، بتاريخ 3 فبراير 2019، متاح على: https://www.alaraby.co.uk ، مع البحث بالعنوان المذكور(بتصرف يسير)

[5] المصدر السابق نفسه(بتصرف كبير)

[6]  راجع: شافعي أبتدون، تنظيم الدولة في الصومال .. بين الوهم والحقيقة، تقرير مركز الجزيرة للدراسات، بتاريخ 31 مايو 2016 ، ص 5 ، متاح على: http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2016/5/31/83cb4bcde3264e2dac281641f31356c6_100.pdf ، (بتصرف)

[7] راجع: نور جيدي، داعش فرع الصلومال.. كابوس خرج من رحم الشباب، تقرير تحليلي، صحيفة الأناضول التركية، بتاريخ 16/11/2017، متاح على: https://www.aa.com.tr ، مع البحث بالعنوان المذكور(بتصرف)

[8] راجع: فريضي، نور الدين، خوف أوروبي من انزلاق منطقة القرن الإفريقي، تقرير موقع قناة العربية بتاريخ 15 مايو 2017، متاح على: http://ara.tv/48vs9 (بتصرف)

محسن حسن

باحث وأكاديمي مصري
زر الذهاب إلى الأعلى