جوبالاند تمنع طائرة إثيوبية من الهبوط على مطار كسمايو … الأسباب والتداعيات المحتملة

في خطوة اعتبرها البعض بأنها تصعيدية أقدمت سلطات مطار كسمايو مساء يوم أمس الإثنين على منع طائرة إثيوبية من الهبوط بالمطار بحجة أنها لم تخبر سلطات المطار بقدومها، مما أدّى إلى ظهور خلافات جديدة بين إدارة جوبالاند والقوات الكينية من جانب، والقوات الإثيوبية المتواجدة في ضواحي مدينة كسمايو من جانب آخر مما كلّف القائد العام لقوات بعثة الاتّحاد الإفريقي العاملة في الصومال للتجهز لسفر نحو كسمايو لحل الخلافات التي ظهرت في علاقات القوات الكينية والإثيوبية العاملة ضمن بعثة قوات الاتّحاد الإفريقي في الصومال.
ويتساءل متابعون لهذا الشأن الأسباب التي أدت إلى منع الطائرة الإثيوبية، حيث يعتقد البعض أن هناك أسبابا خفية غير الأسباب المعلنة، ومن الأسباب الخفية لهذا الحدث حسب رأي بعض المتابعين:
1. توقّي الحذر من حدوث أحداث مشابهة لما حدث في بيدوة أواخر العام الماضي: يبدو في الآونة الأخيرة أن العلاقات بين الحكومة الفيدرالية الصومالية والحكومة الإثيوبية في تطوّر مطّرد يظهر ذلك في التنسيق الأمني والتعاون العسكري بين الطرفين. ويرى كثير من المتابعين أنه كان للقوات الإثيوبية دور كبير في أحداث بيدوة أواخر العام الماضي حيث تذكر بعض التقارير إلى أن قوات إثيوبية قامت باعتقال المرشّح الرئاسي السابق للانتخابات الرئاسية في ولاية جنوب غرب الصومال القيادي السابق في حركة الشباب الشيخ مختار روبو علي أبو منصور، وكخطوة استباقية لمنع حدوث مثل هذه الأحداث أقدمت سلطات جوبالاند على منع الطائرة الإثيوبية من الهبوط خاصة بعد ظهور أنباء تشير إلى أن الطائرة كانت تقلّ قوة عسكرية إثيوبية قوامها 100 جندي لم يذكر أسباب مجيئهم لكسمايو، إلا أن سلطات جوبالاند اعتبرتها قوّة عسكرية أرسلت ربما لاعتقال أحمد مذوبي رئيس جوبالاند المنتهية ولايته والّذي كان في خلاف مستحكم مع الحكومة المركزية في مقديشو منذ فترة، فمنعا لحدوث مثل هذه الأحداث أقدمت السلطات في كسمايو على منع الطائرة الإثيوبية من الهبوط، حيث أن وصول هذه الطائرة إلى كسمايو يأتي بعد أيام من فشل وفد استخباراتي إثيوبي في مهمة دبلوماسية حمّلته إياه الحكومة الفيدرالية حسبما نشرته وسائل إعلام محلية ودولية، وكانت تتلخص مهمة ذلك الوفد إقناع أحمد مذوبي بالسماح لأعضاء من الحكومة الفيدرالية بدخول كسمايو لمراقبة إجراءات الانتخابات التشريعية والرئاسية في جوبالاند، غير أن الوفد لم يجد آذانا صاغية لمطالبه، وهو ما أدى إلى أن تمنع سلطات جوبالاند هذه الطائرة الإثيوبية من الهبوط بمطار جوبالاند.
2. إرسال رسائل قوية إلى الحكومة الفيدرالية: من الأسباب التي يقدّمها المحللون كدواعي لقيام السلطات في جوبالاند بمنع الطائرة الإثيوبية أنّ السلطات أرادت إرسال رسائل قويّة إلى الحكومة الفيدرالية مفادها أن جوبالاند ماضية قدما في طريقها إلى اكتشاف ذاتها وأنها لن تسمح للحكومة الفيدرالية ولشركائها الإقليميين أن يفرضوا إملاءاتهم عليها، وأنها لن تتوانى في المخاطرة بالدّفاع عن شرعيتها ومؤسساتها الدّستورية وستبذل في سبيل ذلك كلّ ما في وسعها من إمكانيات ووسائل حتّى وإن أدّى ذلك إلى فقدان دعم المجتمع الإقليمي والدّولي.
لكن في المقابل يناقش بعض المحللين النتائج الممكنة التي ربما تترتب من هذه الخطوة التي أقدمت عليها سلطات جوبالاند، حيث يتوقّع الخبراء أن تؤدّي هذه الخطوة إلى إحدى السينياريوهات الآتية:
1. تحويل جوبالاند إلى مسرح لصراع إقليمي: يرى خبراء في السياسة الصومالية أن الخلافات السياسية حول الانتخابات في جوبالاند أظهرت مدى تصارع القوى الإقليمية على هذه الولاية الساحلية والتي تتمتع بأراضي زراعية واسعة، وقد بدأت ملامح هذا الصراع تظهر في التعامل الكيني الإثيوبي لأحداث جوبالاند، حيث يبدو للمتابع أن كينيا التي في خلاف دبلوماسي مع الحكومة الفيدرالية الصومالية بسبب النزاع الحدودي البحري بينهما تصطفّ إلى جانب أحمد مذوبي الذي اعتبرته بأنه أصدق حلفائها السياسيين وأنسب شريك صومالي لها فيما يتعلّق بالحفاظ على حدودها مع الصومال كما نشرت بذلك صحف كينية في أوقات سابقة، وبالمقابل يظهر للمتابع التقارب الإثيوبي الصومالي منذ تولّي آبي أحمد للسلطة في أديس أبابا حيث أصبحت إثيوبيا من أهم الشركاء الإقليميين المتعاونين مع الحكومة الفيدرالية في صراعها مع الولايات الفيدرالية، إذ إن أصابع الاتّهام الموجهة إلى إثيوبيا تشير إلى تأثيرها في العملية السياسية الصومالية وخاصة فيما يتعلّق بتحديد نوع العلاقات التي تربط بين الحكومة المركزية الصومالية وولاياتها الفيدرالية.
2. بوادر اندلاع حرب أهلية في جوبالاند: بسبب المكوّنات القبلية المختلفة واختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الفكرية فإنّه من الممكن أن تندلع حرب أهلية في المنطقة، حيث لا تخلو المنطقة من النعرات القبلية التي اتسمت بها الأوضاع في الصومال طيلة الحرب الأهلية، ورغم أن ثورة هذه النعرات قد خمدت في السنوات العشر الأخيرة إلاّ أنّها قابلة للاشتعال مرّة أخرى إذا وجدت من يؤججها من جديد، ومعروف في الصراع السياسي الصومالي أنّه ما ينتهي غالبا إلى صراع قبلي يذهب ضحيّته أبرياء كثّر من أبناء الشعب الصومالي.
ومهما يكن من أمر فإنّ هناك قلق واسع في الأوساط الاجتماعية والسياسية الصومالية حول مجريات الأمور في أحداث الانتخابات في جوبالاند، وأنّ أعيان المجتمع الصومالي ووجهائه ما زالوا يصدرون البيانات الواحدة تلو الآخر يدعون فيها الشركاء السياسيين إلى تغليب المصلحة العامة لأهل جوبالاند والتي تتمثل في الحفاظ على أمنهم ووحدتهم وتماسكهم واستقرارهم، وأنّه لا بديل لهم من الاستقرار والتماسك الاجتماعي المتين الذي يتمتعون به الآن، لذا عليهم أن يحافظوا على الوحدة والتماسك، ويحاربوا كلّ المحاولات الهادفة إلى إحداث شرخ في نسيجهم الاجتماعي، كما أن عليهم السعي إلى وجود إدارة فيدرالية تضم جميع المنتمين إلى هذه الولاية.

زر الذهاب إلى الأعلى