رحلتي الى لؤلؤة أفريقيا (مقديشو)

كانت هذه الرحلة  أول رحلة لي الى هذه المدينة العريقة التي كانت تسمى لؤلؤة أفريقيا قبل عشرة قرون  و الصورة التي كانت في ذهني قبل مجيء الى هذه المدينة  أنها مدينة أشباح و الرعب و أنها المادة  الخامة لصناعي الأفلام الرعب و الخوف ، مدينة الفوضى و عدم النظام ، مدينة إختارت أن تكون مثلاً للتخلف و الفوضى و عدم الاحترام الآخرين ، مدينة السيد فيها من يملك البندقية، مدينة الذاهب فيها كالمفقود و الراجع منها كالمولود .

وهذا ما كان يصوره لنا الاعلام  و مع الأسف فان الاعلام الصومال الا من رحم ربه  جزء من هذه المنظومة الفاسدة التي لا تذكر عن هذه المدينة الا السئ و الصورة القاتمة و النظرة السوداوية  التي لا تقع الاالسلبيات  .

ولا أبالغ إذا قلت أن أمي بكت و خيمها الحزن  عندما سمعت أنني ذاهب الى مقديشو … وقالت لي بالحرف  : لماذا تذهب الى مقديشو  ؟ هل تريد الانتحار ؟   يعني السفر الى مقديشو =  الانتحار بطريقة بشعة .

لكن الصورة اختلفت و قد تحول إعتقادي 180 درجة عندما هبطت الطائرة في مطار آدم عبد الله عثمان الدولي ، ولم أصدق أنها هذا هو مطار مقديشو الا عندما أعلن كابتن الطائرة أننا وصلنا بحمد لله مطار مقديشو الدولي  .فمطار مقديشو من أحسن المطارت مدن الصومال ، و كيف لا يكون  كذلك وهو مطار العاصمة !.

وعندا خرجت من المطار لم تقع عيني شيئاً مما كنت أسمع من الاعلام الفاسد ، فقلت في نفسي لعلهم يتحدثون عن مدينة غير هذه المدينة الجميلة .

لقد رأيت مدينة متعطشة للتنمية ‘ متطلعة للنمو و الازدهار ، مشمرة عن ساقها لتكون مرة ثانية لؤلؤ أفريقيا .

هي مدينة وصل عدد حامعتها أكثر من 50 جامعة و الكبير فيها قبل الصغير يذهب الى المدراس و الجامعات ‘ و الكتاب قد حل محل النبدقية و القلم محل الرصاص .

و الشعب في مقديشو ترى و تقرأ من وجوههم أنهم مستعدون و منقاذون لشرع و النظام .. و أن هيبة الدولة قد رجعت بقوة في نفوس أبناء العاصمة .

و خلاصة القول فإن مقديشو  أصبحت تتعافى من الدمار و الخراب التي لحقها على مدار ربع قرن من الزمان ، و أنها باتت صالحة و مهيئة لأن تكون مرة ثانية عاصمة الصومال الكبير .

عبد الفتاح محمود دعالي

كاتب ومدرب معتمد ومحاضر دولي في التنمية البشرية
زر الذهاب إلى الأعلى