مستقبل العلاقات  بين الحكومة الاتحادية وبونت لاند في ضوء التراشقات الكلامية بين الجانبين

 

تأسس نظام بونتلاند في الأول من أغسطس/آب عام 1998م، وذلك بعد دخول الصومال في حروب أهلية منذ سقوط الدولة العسكرية الصومالية في 1991م.

وكان الهدف من تأسيس بونتلاند آنذاك، إيجاد نظام صومالي غير منفصل عن الصومال يتولّى إدارة الأقاليم التي تنتمي إليها القبائل المكونّة لنظام بونتلاند حتّى يتم وجود دولة صومالية تتولى إدارة شؤون البلاد من جديد.

وقد مرّت بونتلاند بعد تأسيسها بمراحل ومحطّات تاريخية مهمّة، كما أنّها أصبحت ملجأ لكثير من أبناء الشعب الصومالي الفار من ويلات الحروب الأهلية المشتعلة في مختلف أنحاء الصومال.

وتكرّر بونتلاند منذ تأسيسها أنها جزء من الصومال وتعمل بجدّ على إعادة الهيكل الحكومي إلى الصومال.

ورغم أنّ بونتلاند تبدي رغبتها واستعدادتها للعمل مع حكومة صومالية، إلاّ أنّه من الملاحظ أن العلاقات بين بونتلاند والحكومات الصومالية المشكّلة كانت تتّسم غالبا بالخلافات الحادة والتوتّرات السياسية، مما جعل بعض المحللين يعتقد أن بونتلاند تنوي أن تكون قوّة موجّهة للحكومات الصومالية.

وازدادت التوتّرات السياسية بين بونتلاند والحكومة الاتّحادية في الأيام القليلة الماضية، وذلك إثر قيام نظام بونتلاند باعتقال رموز في لجنة مدنية مهمّتها جمع التبرعات لإعادة ترميم الشارع الرئيسي في مدينة بوصاصو الساحلية التي يوجد فيها ميناء بونتلاند الرئيسي.

جاء اعتقال هؤلاء الرموز بعد تلقّيهم مساعدة مالية من الحكومة الاتحادية مقدارها 120 ألف دولار أمريكي، مساهمة من الحكومة الاتحادية في ترميم الشارع الرئيسي في بوصاصو، وهذا ما أثار حفيظة نظام بونتلاند حيث اعتبروا هذه الخطوة تقويضا لكيانهم واعتداء على نظامهم الدّاخلي، حيث يحاجج النظام بأنّه كان من المفروض أن ترسل الحكومة الاتحادية هذه المبالغ المالية عبر المؤسسات المالية لبونتلاند طالما أنه المسؤول عن هذه المناطق. في حين أن الحكومة الاتّحادية ربما تحاجج بأنّ عليها المسؤولية العامة لكلّ المناطق الصومالية، وأنّ من حقّها تشجيع كلّ الجهود المدنية الرامية إلى إعادة إعمار البلاد.

إن التراشقات الكلامية بين الحكومة الاتحادية ونظام بونتلاند جعل بعض المتابعين يدرسون ما ستؤول إليه العلاقات المتوترة بينهما، وفي هذا يسرد المتابعين بعض السيناريوهات منها:

  1. إبقاء حالة التوتّر السياسي أو تصعيده: إن الاتهامات المتبادلة عبر وسائل الإعلام بين الحكومة الاتحادية والنظام الإداري في بونتلاند من شأنه أن يصعّد التوتّر السياسي بينهما مما سيعرقل مسيرة التنمية والتطوير في هذه الأقاليم، حيث إن ردود الأفعال والمواقف السياسية تجاه القضايا الداخلية والخارجية له تأثير في الحدّ من التوتّر السياسي بينهما، ولا يبدو في الأفق ملامح واضحة للتغلّب على التوتّر السياسي بين الجانبين، ومن الممكن أن تؤدّي تصرّفات الجانبين إلى تصعيد الأزمة فيكون من العسير الاتّفاق على شيء، مما سيؤدّي إلى قطيعة دائمة بين الجانبين، وهذا ما تخشاه شرائح المجتمع الصومالي.
  2. البحث عن حلول للأزمة:رغم أن جميع المحاولات السابقة والمبذولة للوصول إلى حلول للأزمة إلاّ أن جانبا من المتابعين يرون أن مستقبل العلاقات بين بونتلاند والحكومة الاتّحادية مرهون على مدى استعداد الطرفين للوصول إلى حلّ ينهي الخلافات التي أصبحت سمة العلاقات بين بونتلاند والحكومة المركزية.

إنّ التنبؤ بما سيكون عليه مستقبل العلاقات بين بونتلاند والحكومة الاتّحادية أمر صعب للغاية، نظرا لتاريخ الخلافات الناشبة بين الجانبين منذ تبني النظام الفيدرالي في الصومال، وفي هذا السياق فإن بعض المهتمين بهذه الشؤون يبدون مخاوفهم من أن تتحولّ العلاقات المتوتّرة بين الجانبين إلى قطيعة تامة تعرقل مسيرة السلام بينهما، وذلك لانطلاقهم من عدّة منطلقات أساسية من بينها تورّط قوى خارجية في الأزمات السياسية بين المكوّنات السياسية في الصومال والتي لها أطماع خاصة في الصومال، وهذا ما سيعرقل الوصول إلى تفاهم تام بين الطرفين.

ورغم وجود هذه المخاوف، إلاّ أن جانبا آخر من المتابعين والمحللين يرى أنّه لن تصل العلاقات بين الطرفين إلى مستوى القطيعة التامة، استنادا إلى التكوين الاجتماعي للصومال حيث إن المجتمع الصومالي يتبادل علاقات تكامل بينه، كما أن بونتلاند التي أعلنت عشية تأسيسها إلى أنّها جزء من الصومال وتسعى إلى المشاركة في الجهود الرّامية لإقامة دولة صومالية قويّة، لا تنوي أن تكون دولة منفصلة ومستقلة عن الصومال. وهذا ما سيعزّز من إمكانية الوصول إلى تفاهم بين الطرفين.

ومهما يكن من أمر فإنّه يجب على الجانبين تغليب المصلحة العامة للعباد والبلاد، والعمل معا إلى وصول تفاهم بينهما حتّى يسود السلام والوئام بينهما.

زر الذهاب إلى الأعلى