لماذا كان موقف الحكومة المركزية تجاه القتل الجماعي في جالكعيو “باهتا”؟

أقدمت مجموعة قبلية مسلحة، ليلة يوم السبت الماضي على اعدام حوالي 10 مدنيين بدم بادر في مدينة جالكعيو عاصمة محافظة مدغ  وسط البلاد  انتقاما -وفق تصريحات لمسؤولين في إدارة المدينة- لمقتل ضابط في أجهزة الاستخبارات الصومالية بمقهى شعبي بوسط المدينة.

قامت مليشيات مسلحة ترتدي بزي عسكري والتي يعتقد بأنها تنتمي إلى عشيرة الضابط المغتال بمداهمة عدد من المنازل في المدينة واعتقال  أكثر من 13 شخصا ينحدرون من العشائر القاطنة في  منطقتي هير -شبيلي وجنوب غرب الصومال واقتادهم إلى خارج المدنية ثم اعدموا حوالي عشرة منهم.

والأكثر ايلاما من ذلك أن المسلحين رفضوا نقل الجثث من موقع الحادثة ودفنهم قبل تسليم أهالي القتلى ، الأشخاص الذين كانوا وراء اغتيال الضابط.

 أثارت الحادثة التي يعتقد بأنها الأولى من نوعها منذ سنوات غضبا شعبيا في مدينة جالكعيو وفي جميع الأقاليم الصومالية وارتفعت الأصوات المنادية سواء من مسؤولين حالين وسابقين في الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية ومن أعيان ووجهاء العشائر بينهم الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود، ورئيس ولاية جلمدغ السابق عبد الكريم جوليد ومسؤولين آخرين باعتقال مخططي ومرتكبي هذه الجريمة المروعة وجلبهم إلى العدالة لينالوا من جزائهم وللحيلولة دون وقوع حوادث مماثلة في المستقبل،

وكذلك اتخذت القيادات الرسمية والمجتمعية في ولاية جلمدغ التي شهدت فيها الحادثة بخطوات شجاعة واطلقت على الفور حملة أمنية  للبحث عن الجناة وتمكنت من اعتقال عدد من المشتبهين  بالوقوف وراء الإعدام الجماعي.

وهذا يدل على مستوى الوعي والمسؤولة لدى الصوماليين ورغبتهم الكبيرة في طي صفحة الثارات القبلية ومنع عودها من جديد لكن رد فعل الحكومة الاتحادية في مقديشو تجاه ما حدث في مدينة جالكعيو كان ضعيفا وباهتا ولم يكن يرقى حجم الجريمة، وكان المطلوب أن تهب الحكومة بمختلف مستوياتها بدءا من الرئيس ومرورا برئيس الوزراء وجميع المؤسسات الحكومية بطلاق حملة واسعة لتحذير الصوماليين من العودة إلى عهد الاقتتال القبلي والثارات العشائرية والاتحاد من أجل مواجهة الأشخاص أو التيارات التي تلعب بهذا الوتر الحساس والخطير غير أنها اكتفت بتنديد عابر عبر لسان وزير الإعلام محمد عبدي حير ماري والسبب حتى الآن مجهول لكن فيما يبدو فموقف الحكومة ولاسيما الرئيس ورئيس الوزراء الضعيف  ربما يعود لسببين:

السبب الأول: أنها تتحاشى من ردة فعل عنيف من إدارة ولاية جلمدغ التي تتسم علاقتها معها بالتوتر كما لا تريد إثار استياء العشائر القاطنة في الولاية

السبب الثاني أرادت توفيت الفرصة من القيادات السياسية المنتمية إلى تلك العشائر والمعارضة للرئيس محمد عبد الله فرماجو لاستخدام ردة فعلها ورقة سياسية لممارسة مزيد من الضغوط على الرئيس، والتصوير على أنه منحاز لعشائر صومالية على حساب عشائر أخرى

والسبب الثالث: ربما اعتقد مستشاري الرئيس  أن القضية بسيطة ولا تختلف عما كان يحدث في البلاد خلال الأعوام الماضية وبالتالي لا ينبغي إعطاؤها زخما أكبر من جحمها.

مهما تكن الأسباب فأن موقف الحكومة الاتحادية حيال القتل الجماعي في مدينة جالكغيو وردة فعلها لم يكن موفقا وينبغي أن يصحح هذا الموقف من خلال مؤسساتها الإعلامية والدينية للتحذير من عواقب العصبية والنعرات القبلية والعمل من أجل ضمان أن يحصل ضحايا الحادثة ومرتكبي الجريمة ما ستحقون من العدالة.

زر الذهاب إلى الأعلى