على قادة جلمدغ تغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح

أصبحت الخلافات بين قادة ولاية غلمدغ سمة بارزة ترافق المسيرة السياسية للولاية منذ تأسيسها عام 2015، حيث استحال تحقيق توافق بين الشركاء على سياسة موحدة تجاه مستقبل إقليم غلمدغ الذي تعصفه في الوقت الحالي بثلاثة خلافات خطيرة.

أولا: الخلافات بين القيادات العليا في إدارة الولاية

 تشهد غلمذغ منذ أكثر من عام تقريبا انقساما سياسيا حادا، أدّى إلى تقسيم الإدارة إلى جناحين  وأن تكون هناك مدينتان رئيستان لإدارة الولاية، وهما مدينة عذاذو التي اتخذها نائب رئيس الولاية محمد حاشي ورئيس البرلمان علي جعل ومؤيدون لهما قاعدة لهم، يصدرون من خلالها الأوامر والتعليمات التي لا يعلم منها رئيس الولاية أحمد دعالي حاف، التي اتخذ مدينة طوسمريب مقرا له.

وتصاعدت وتيرة الخلافات بين الطرفين هذه الأيام، وخصوصا، إثر صدر  رئيس  الولاية دعالي حاف قرارا بعزل محافظ إقليم مذغ عبد الرشيد عرتن  الا أن الأخير رفض القرار  بعد حصوله على دعم قوي من مختلف أطياف المجتمع في إقليم مذغ.

وأعلن عرتن في حديث لوسائل إعلام محلية تأييده للحكومة الاتحادية في إشارة واضحة إلى أن للحكومة التي تتسم علاقاتها مع رئيس ولاية جلمدغ أحمد دعاله حاف بالتوتر دور سلبي في التطور الأخير.

ثانيا: الخلافات بين رئيس الولاية وإدارة جلمدغ

ظهرت في الآونة الأخير بوادر انشقاق بين تنظيم أهل السنة والجماعة- الشريك السياسي الأساسي في إدارة غلمذغ- والرئيس أحمد دعالي حاف، وظهر الخلاف إلى العلن رغم نفي الطرفين  وجوده عقب اجتماع بينها في طوسمريب خلال الشهر الجاري حول مستقبل إدارة الولاية. وذكرت مصادر مطلعة  أن أعضاء أهل السنة وافقوا مبدئيا على إجراء الانتخابات الرئاسية في غلمذغ شهر يوليو/تموز المقبل، وهو ما يرفضه الرئيس أحمد دعالي، الّذي يتمسّك بموقفه  إزاء اجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية غلمدغ بحلول2021م ، على أساس أن فترة رئاسته تبدأ منذ انتخابه رئيسا للولاية في مايو/أيار 2017م.

وفي خطاب له أمام مجموعة من شبان غلمذغ أفاد الرئيس بأنه منذ عام تقريبا لم يزر كلا من مقديشو وعذاذو التي يتّخذها نائبه ورئيس برلمان غلمذغ  مقرّا لهما. وأضاف الرئيس بأنه سيواصل حربه ضدّ معارضيه حتّى يحقق النصر.

ثالثا: العلاقات بين الحكومة الاتحادية وإدارة غلمذغ

تتّسم العلاقات بين الحكومة الاتحادية وولاية غلمذغ بالتوتّر السياسي، وتعدّ جلمذغ من أشدّ الولايات الفيدرالية معارضة لسياسات الحكومة الاتحادية، وقد كان للأزمة الخليجية دور في تأجيج التوتّر السياسي بينهما، فحين تبنّت الحكومة الاتحادية موقفا محايدا من الأزمة، كانت ولاية غلمذغ من الولايات الفيدرالية التي ارتأت رفض موقف الحكومة إزاء الأزمة والإصرار على الاحتفاظ  بالعلاقات القوية والتاريخية مع المملكة العربية والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي محاولتها لفرض سيطرتها على الولايات الفيدرالية بذلت الحكومة الاتّحادية جهودا في استقطاب رؤساء الولايات الفيدرالية قدر الإمكان أو إقصائهم عن القيادة إذا تعذّر استقطابهم. وحققت هذه السياسية نتائج إيجابية في كلّ من ولايتي هير شبيلي وجنوب غرب الصومال، حيث استطاعت الحكومة الاتحادية أن تقنع رئيس هير شبيلي  بالانضمام إلى صفّها، في حين  تمكنت من إزاحة الرئيس السابق لولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن عندما فشلت في ضمه إلى صفوفها ، ويتذكّر الجميع تبعات هذه الخطوة من إراقة دماء أبرياء في مدينة بيدوا وطرد المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة إلى الصومال بعدة مطالبته بفتح تحقيق حول أحداث بيدوا الدّامية.

ما الحل؟

على الشركاء السياسيين في ولاية جملدغ تغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح واتخاذ خطوتين شجاعتين لإنهاء الخلافات القائمة سواء كانت خلافات داخلية أو مع الحكومة الاتّحادية ولفتح آفاق جديدة من التقدم والازدهار لسكان الولاية:

  1. القبول على جلوس طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات سياسية تغليبا للمصلحة العامة للعباد والبلاد، والبحث عن توافق سياسي يحفظ ماء وجه الجميع ويؤدي إلى تحسين علاقتهم بالحكومة الاتّحادية كما فعله رئيس هير شبيلي الذي تصالح مع معارضيه والحكومة الاتحادية بعد أن شعر تهديدا حقيقيا على سلطته.
  2. وفي حال تعذر ذلك ينبغي أن يقبل الرّئيس الحالي أحمد دعالي حاف إجراء انتخابات رئاسية يتم تحديد موعد إجرائها من قبل لجنة مستقلّة يشكلها أعيان المجتمع رأبا للصدع والحفاظ على أرواح الأبرياء ، حيث أنّ أيّ تصعيد سياسي سيؤدّي في نهاية المطاف إلى تصعيد عسكري بين القبائل التي ينتمي إليها قادة كلّ طرف، وهذا بالتأكيد لا يصب في مصلحة مجتمع غلمذغ.

وبالمقابل ينبغي على الحكومة الاتّحادية أن تبدي مرونة سياسية تستطيع من خلالها إدارة البلاد وفق سياسات عامة ومحدّدة، وأن تأخذ في الاعتبار أن تبنّي الفيدرالية جاء لحلّ الصراع على السلطة بين القبائل الصومالية، ووضع حدّ للاعتداءات القبلية بين القبائل الصومالية، ولا تعني الفيدرالية أن تتغاضى الحكومة الاتحادية الطرف عن التحرّكات التي تهدّد تماسك النسيج الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى