سوق «بكارة » ودوره في تنمية الاقتصاد الوطني

تعتبر الأسواق مصدرا مهما لاقتصاد البلاد، حيث تستمر فيها الحركة التجارية التي تنعش اقتصاد البلاد، ويعدّ سوق بكاره من أشهر وأكبر الأسواق في القرن الأفريقي، بل إنّ بعض التقارير تشير إلى أنه هو أكبر سوق في القرن الأفريقي، إلاّ أنّه من المؤكّد أنّه أكبر سوق تجاري في الصومال، مما يحتّم على الباحثين إجراء دراسات بحثية حول السوق، وذلك لمعرفة دوره في تنمية الاقتصاد الوطني من جانب، وقدرته على منافسة أمثاله من أسواق المنطقة من جانب آخر.

الخلفية التاريخية لسوق بكاره

يقع الجزء الأكبر من سوق بكاره في مديرية هولوذاغ إحدى مديريات إقليم بنادر، كما أنّ السوق اتسع ليصل إلى أجزاء من كلّ من مديريتي هذن وورطيغلي سابقا (ورتا نبد حاليا)، وتقدّر مساحته الحالية حوالي 4_ 5كم2 تقريبا، وهي ربع مساحة العاصمة الصومالية التي تقدّر بـ26كم2 تقريبا1.

يعود تأسيس سوق بكاره إلى سبعينات القرن الماضي، حيث ابتدأ كمكان لمستودعات حفظ الحبوب والغلات الزراعي التي يحصدها المزارعين في موسم الحصاد، وترجع تسميته بهذا الاسم إلى الكلمة الصومالية التي يطلقها الصوماليون على مكان حفظ الغلات الزراعية 2Bakaarالتي تحوّلت فيما بعد إلى Bakhaarعند بعض اللهجات الصومالية.

ومنذ تأسيسه حتّى الوقت الحاضر مرّ بمراحل تاريخية ما بين الازدهار والركود كما نبينه في النقاط الآتية:

  • في عام 1983م، نشب حريق هائل في سوق حمرويني أكبر سوق تجاري في الصومال آنذاك، مما أدّى إلى أن يبحث الناس عن أسواق أخرى يمارسون فيها أعمالهم التجارية، فكان نشوء أسواق مثل سوق بعاد وسوق بكاره استجابة لتلك الرغبة المتمثلة في وجود بديل تجاري عن سوق حمرويني1.
  • ازدهرت الحركة التجارية في سوق بكاره عقب سقوط الحكومة العسكرية الصومالية مطلع عام 1991م، وذلك عندما أصبح سوق حمرويني ميدانا للصراعات القبلية والمواجهات المسلّحة.
  • اكتسب سوق بكاره شهرة عالمية لما بعد أحداث 3/أكتوبر- تشرين الثاني/1993م، والتي من خلالها أسقطت قوات الجنرال محمد فارح عيديد إحدى طائرات الهيلوكوبتر في سوق بكاره.
  • في عام 1994م، دارت في سوق بكاره معارك قبلية عنيفة شلّت حركة التجارة فيه وكادت أن تقضي عليها.
  • وهكذا كانت الأوضاع الأمنية في السوق غير مستقرّة تماما منذ سقوط الحكومة حتى دخول القوات الإثيوبية إلى مقديشو في 2007م، حيث تحولّ السوق في الفترة ما بين 2008 – 2011م، ساحة معركة مفتوحة، وأصبح القصف المدفعي عليه من قبل القوات الإثيوبية أو الإفريقية شبه يومي، متذرّعين بأن المقاومة تطلق قذائف الهاون من سوق بكاره، وهو ما نفته إدارة السوق آنذاك صحة ذلك الخبر مرارا وتكرارا.
  • في الفترة ما بين 2011م – حتى الآن يخضع السوق لإدارة الحكومة الفيدرالية التي افتتحت فيه مركزا للشرطة يساهم في استتاب أمن السوق، ورغم ذلك تحدث فيه بعض الخروقات الأمنية.

التجارة في سوق بكاره:

تنتعش التجارة في سوق بكاره لكونه أكبر سوق تجاري في الصومال، حيث يوجد في هذا السوق حوالي 7000 مبنى تجاري، كما يشتغل فيه حوالي 21000 عامل منتظم وغير منتظم، كلّهم يسعون إلى تنمية اقتصادهم1.

وتشمل التجارة في سوق بكاره كلّ احتياجات المتسوقين من مواد غذائية بما فيها الفواكه والخضروات، وبنائية، وملابس، وأدوية، والأدوات الكهربائية.

كما تنتشر في السوق مقار الشركات التجارية الكبرى في الصومال كشركات التحويلات، والبنوك التجارية وشركات الاتّصالات.

دور سوق بكاره في تنمية الاقتصاد الوطني

لعب سوق بكاره في تنمية اقتصاديات الأفراد والأسر التي تشتغل فيه مما يبعث الأمل على أنه سيساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، ويكون منافسا قويا للأسواق التجارية في المنطقة إذا اتّخذت بعض الإجراءات القانونية والخطوات الاقتصادية التي تنمي الاقتصاد الوطني، ومن هذه الإجراءات والخطوات ما يأتي:

  1. تحسين الوضع الأمني: إنّ الأمن هو أساس أيّ تقدّم تحققه الأمم، فالمنطقة الآمنة تستقطب المستثمرين ورجال الأعمال الّذين لديهم رأسمال قوي للاستثمار بها، ومع أنّ الأوضاع الأمنية في سوق بكاره ليست كما كانت عليه في السابق، إلاّ أنّ هناك مازالت عوائق أمنية في سوق بكاره ، لذلك، لا بدّ من وجود خطّة أمنية شاملة تساهم في تنمية الحركات التجارية في سوق بكاره.
  2. مواجهة الحرائق التي تندلع في السوق:اشتهر سوق بكاره باندلاع حرائق فيه كلّ سنة تقريبا مما يخلّف خسائر اقتصادية ومالية بل وبشرية في بعض الأحيان، وهذا يتطلّب حلاّ جذريا للحفاظ على سلامة الأنفس والممتلكات، ويبدأ الحلّ بإجراء دراسة علمية حول أسباب نشوب الحرائق، والخسائر التي تخلّفها، وكيفية التعامل مع حالات الحرائق. فمعرفة كلّ هذه الأشياء بأسلوب علمي دقيق بعيد عن التكهّنات يساعد على الوصول إلى حلّ جذري للمشكلة.
  3. الاهتمام بالمنظر العام للسوق:ويقصد بالاهتمام بالمنظر العام الحرص على نظافة السوق وطرقه الرئيسية والفرعية، وضمان خلوّها من الأبنية وغيرها مما يعرقل عملية السير فيها، وخاصة عملية سير سيارات إطفاء الحرائق التي تتلقّى مشكلة من ضيق الطريق عند معالجتها للحرائق التي تنشب في السوق.
  4. وجود إدارة تتولّى مراعاة النظام العام في السوق.
  5. تطوير نظام الضرائب: إنّ الضرائب التي يقدّمها التجار إلى الحكومة الصومالية لا بدّ وأن يعود نفعها على التجار بما يخدم مصالح تجارتهم ويطوّرها.

وختاما، ينبغي أن يدرك تجار ورجال الأعمال في سوق بكاره أنّ عليهم مسؤولية كبيرة تجاه النهوض باقتصاد الوطن، لذا عليهم أن لا يفكّروا بمنطق ضيّق لا يجاوز حدود جيوبهم وحساباتهم البنكية فقط، بل عليهم أن يرفقوا بالضعفاء ويساعدوا المبدعين الّذين ينوون إنشاء فرص عمل تجارية يقتاتون منها، حيث أنّ ذلك كلّه يعتبر مساهمة في تنيمة الاقتصاد الوطني.

المراجع

  1. 1. com/2015/10/سوق-بكارا-ودوره-في-الإقتصاد-الصومالي
  2. 2. https://en.wikipedia.org/wiki/Bakaara_Market
  3. 1. https://alsomal.net/سوق-بكارو-المحور-الاقتصادي-للتجارات-ا
  1. 1. محمد مختار إبراهيم، في مقابلة أجرتها معه إذاعة إرغو حول دراسة أعدّها معهد SIPAMللدراسات عن سوق بكاره، نشرت المقابلة على موقع إذاعة إرغو في 2/مايو/2019م. https://radioergo.org/2019/05/02/cilmi-baaris-lagu-sharraxay-habka-uu-u-shaqeeyo-suuqa-bakaaraha-ee-muqdisho/
زر الذهاب إلى الأعلى