المتحف القومي الصومالي:  الماضي والحاضر والمستقبل

المتحف القومي الصوماليPDF

محتويات الدراسة 

تمهيد:

  أولا :    المتاحف… أهميتها ودورها في تنمية المجتمع

  ثانيا :    تاريخ المحتف القومي الصومالي … مراحل ومحطات

  ثالثا:   المقتنيات والقطع الأثرية  التي كانت في المتحف الصومالي

رابعا:    الآثار الصومالية في السوق السوداء  والمزادات السرية

خامسا:    شكبة منظمة لنهب الآثار الصومالية

سادسا:    المتحف القومي الصومالي…  الآمال والتحديات

الخاتمة

تمهيد:

أصبح المتحف الوطني الصومال بعد الاطاحة بالنظام العسكري عام 1991 أحد ضحايا الحرب والانفلات الأمني وتعرض لعمليات نهب ممنهجة، حيث تم سرقة قطع ثرية ثمينة تعود تاريخها إلى آلاف السنين وشهود بعض تلك القطع تباع في مزادات علنية وسرية في العاصمة الكينية نيروبي ومدن أخرى عربية وغربية، كما تم تدمير بعض الآثار الصومالية القديمة في المتحف وتهشيمها من قبل أشخاص جهلاء دخلوا المدن قادمين من البوادي والارياف بعيد الحرب الأهلية أو من قبل أشخاص يحملون أفكارا دينية متطرفة، فقاموا فور سقوط النظام ودخول البلاد في الفوضى بجمع عدد من المقتنيات الثمينة في المتحف ومن ثم تدميرها تحت حجة تعارضها مع الشريعة الاسلامية.  لكن بعد سنوات من العجاف التي عانها المتحف القومي الصومالي ، يستقبل اليوم  مرحلة جديدة مفعمة بالآمال والتحديات، حيث يجرى في الوقت الحالي على قدم وساق مشروع طموح لإحياء المتحف وعمل متواصل من اجل إستعادة المقتنيات والقطع الأثرية المنهوبة الا أن هذا المشروع يواجه عددا من التحديات أبرزها الأمن وقلة التمويل وضعف الكفاءات والخبرات اللازمة لإستعادة الآثار التي كانت في المتحف بالإضافة إلى النظرة السلبية التي لايزال ينظرها البعض إلى المتحف ودوره في بناء المجتمع، وفي هذه التقرير نتناول تاريخ  المتحف الوطني الصومالي والمراحل التي مر بها مع ذكر تفاصيل حول القطع الاثرية التي كانت في المتحف،  كما نتطرق إلي عمليات النهب والسرقة التي تعرض له والجهود الرسمية والشعبية  التي تبذل حاليا لإعادة بناء المتحف واحياء نشاطاته الاجتماعية المختلفة في ظل تحديات أمنية ومالية قد تعيق تلك الجهود ، وتقلل نتائجها في المستقبل.

المتاحف… أهميتها ودورها في حفظ تراث الأمم

بطبيعة الأحوال تعتبر المتاحف من أهم الأماكن التي تحفظ تراث الشعوب وتاريخها مما يكسبها أهمية خاصة إذ يفد إليها  مختلف شرائح المجتمع وذلك بغرض التعليم أو التّرفيه أو البحث العلمي وغير ذلك من الأغراض التي يحققها المتحف. وبناء على الخدمات والأغراض التي يحققها المتحف، قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بتحديد تعريف للمتحف ذكرت فيه بأنّ المتاحف “مؤسسات دائمة لا تتوخى الربح، تعمل لخدمة المجتمع وتطويره، وهي مفتوحة أمام الجمهور وبإمكانها إمتلاك الإثباتات المادية للسكان وبيئتهم وحفظها، وإجراء البحوث بشأنها ونقلها وعرضها لأغراض خاصة بالأبحاث والتعليم والترفيه”(1).

ويعدّ متحف الأشموليان في جامعة أكسفورد بلندن أول متحف افتتح للجمهور، وكان افتتاحه في عام 1683م في مبنى يشغله الآن تاريخ العلوم( 2) ثم تتابعت عمليات تأسيس المتاحف وافتتاحها حتّى وصلت حسب سناء السعداني التي ذكرت في دراستها بعنوان المتاحف”ذاكرة الشعوب الحية وتراث الإنسانية الخالد”  والتي نشرت على موقع هيئة الاستعلامات المصرية في 13/مايو/2017م، ذكرت فيه أن عدد المتاحف في العالم يصل إلى ما يقارب 55 ألفا من المتاحف في مختلف بلدان العالم، وأن 35 ألفا من هذه المتاحف الموزّعة على 145 دولة في العالم تشارك في احتفالات اليوم العالمي للمتاحف والّذي يوافق اليوم الثامن عشر من مايو من كل عام منذ 1977م. (3)

وتظهر أهمية المتاحف في كونها مستودعا للتراث الثقافي والتاريخي للأمة، ومصدرا للتزّود من المعارف والعلوم التاريخية والثقافية للباحث، كما أنها تشكّل مكانا لمن أراد الترفيه والتنزه وذلك باطّلاعه على إنجازات الأقدمين التي يستطيع من خلالها أن يستوحي طرائق تفكيرهم في مواجهة صعوبات الحياة وإدارتها.

وتتعدد أنواع المتاحف في الدّولة الواحدة وذلك حسب عراقة تاريخها، وقوّة تأثيرها في الحاضر كما في الماضي، ومن أهم أنواع المتاحف: المتحف الوطني الّذي تملكه الدولة والتي تحافظ من خلاله ذاكرة الأمة وتراثها الثقافي، والمتحف الفني الّذي هو عبارة عن متحف يحفظ الأعمال الفنية التي يقوم بها الفنانون المشهورون، والمتحف العلمي الّذي يحتفظ بالمخطوطات والوثائق العلمية النادرة والتي تساعد الباحثين في التراث الثقافي للأمم في بحثهم العلمي، وغير ذلك من الأنواع.

تاريخ المحتف الوطني الصومالي … محطات ومراحل

يعود تاريخ المتحف القومي الصومالي إلى عهد حكم العمانيين في عام 1872م، وكان واحدا من أقدم المتاحف في أفريقيا – جنوب الصحراء الكبرى وأول متحف في شرق إفريقيا (4)، تم تشيده ضمن قلعة رائعة بناها سلطان زنجبار “برغش  بن سعيد”  ليكون مقرا لحكومته في الصومال. ضم المتحف عددا من  الأجنحة تشمل على قاعة للقراءة ومكتبة حديثة  تحتوي على العديد من الأعمال المهمة في الإثنوغرافيا و الفلكور الشعبي  ، وعلم الاجتماع الصومالي ، ومجموعة واسعة إلى حد ما من المنشورات عن المستعمرات الإيطالية وأفريقيا عمومًا ، وكذلك كتب عامة(5) . 

بني المتحف الصومالي بناء على طلب من سلطان زنجبار “برغش بن سعيد ” ليكون مقرا لوكيله  وحاكم مقديشو آنذلك – السيد سليمان بن حامد، إثر حصوله على موافقة من سلطان جليذي” أحمد يوسف ” ولهذا سمي المتحف في البداية متحف القصر (Garesa Museum).

خضع المتحف إبتداء من دخول الاستعمار الإيطالي إلى الصومال عام 1893  وحتى عام 1933 لعمليات ترميم وتجهيز من قبل الاستعمار الإيطالي، وتم إفتتاحه رسميا  بعدما سمح الحكام الإيطالي آنذاك ” ورافا ماوريتسيو”  للجمهور في عام 1934م .  أثناء الحرب العالمية الثانية ، وخلال الإدارة العسكرية البريطانية 1939-1950، تعرض المتحف للإهمال وتضررت المجموعات الأثرية فيه(6) وبعد الاستقلال تحول إسمه  إلى المتحف القومي الصومالي . وفي مطلع الثمانينات وعند الانتهاء من إنشاء المبنى الجديد والمنشآت الحديثة في المتحف الوطني ، فإن المبنى القديم تحول  إلى “متحف إقليمي”.

وفي عام 1985 م ، كشفت الحكومة الصومالية عن مشروع ”بيت مقديشو الثقافي” الذي كان عبارة عن مجمع بني وفق تصميم  هندسي رائع،  وطراز  معماري يعكس روح التراث الإسلامي والهوية الوطنية الصومالية  ، حيث شمل  المجمع على كل من  المتحف الوطني، والمسرح الوطني، والمكتبة الوطنية.  ففي مايو من عام  من1987 م ،أعيد بناء المتحف وكان تحت إدارة وزارة الثقافة والتعليم العالي  وكان من بين مدرائها الإيطالي  الدكتور” S. Appolonio،  ” ومحمود محمد ديريوس” (7) ومن موظفيها اللامعين الأستاذ ياسين كيناديد إبن مخترع كتابة الحرف الصومالي ” اسماعيل يوسف كيناديد ” الذي تلقى تدريبات في علم الصوتيات بإيطاليا.

     المقتنيات والقطع الأثرية التي كانت في  المتحف القومي الصومالي

يقع المتحف القومي الصومالي في حيّ “ورتا نبد” او ” ورطيغلي”  سابقا وعلى بعد أقل من كلم من ساحل المحيط الهندي، وكان يتكون من طابق أرضي وطابقين، حيث كان في الطابق الأراضي صالة للمعارض الأثرية والإثنوغرافية، وفي الطابق الأول صالة أخرى  للقطع الأثرية التي تحكي عن نضال الصوماليين ومقاومتهم ضد الاستعمار. وفي الطابق الثاني صالة مخصصة للأسلحة التاريخية ومعارض الجيش الحديثة واللغة والأدب. أما الطابق الثالث فقد خصص للمعارض المؤقتة(8)  .

 حمل المتحف القومي الصومالي في جنباته تاريخا حافلا للشعب الصومالي، ومشاهد رائعه تفوح منها عبق الماضي القديم ، لتجسد  عادات وتقاليد شعب تعود تاريخه إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وأسرار حضارات قديمة تعاقبتها في بلاد الصومال، حيث  ضم(9):

  1.   مجموعات من الوثائق والعديد من القطع الأثرية  في مجالات العلوم الطبيعية ، وعلم الآثار  والإثنوغرافيا،  والببليوغرافيات، وقد تم جمعها منذ أكثر من نصف قرن، لكن العديد منهم ضاعت أو أبلاه طول العهد حتى قبل انهيار النظام في الصومال عام 1991م.
  2. ومن بين العناصر المعروضة في هذا المعرض  أغطية رأس خشبية ، تُعرف باسم بارشي ، وهي قطع أثرية تعود إلى أيام الحكم المصري.
  3. تم توثيق التأثير الفارسي من خلال عرض بقايا التزيين والفخار والزخارف الرخامية ، وكلها موجودة على طول ساحل بنادير ، ويعود تاريخ معظمها إلى القرن العاشر قبل الميلاد. 
  4. كما احتوى آثار قبور ونقوش دينية يرجع تاريخها إلى 700 إلى 1000 قبل الميلاد والعديد من العملات البرونزية القديمة التي تحمل إسم ملوك المسلمين في جنوب الجزيرة العربية وبلاد فارس والسلاطين الصوماليين. تُظهر العناصر من هذه الفترة جميعًا التاريخ الطويل لحياة مدينة إسلامية مستقرة ومتحضرة على طول الساحل الصومالي.
  5. وكذلك ضم المدافع المستخدمة في غزو الصومال من قبل البرتغاليين في القرن الخامس عشر(10).
  6. ضم  المتحف أيضا مجلدات الصحف الصومالية الصادرة في الصومال أثناء الفترة الإستعمارية مثل كوريري لا صوماليا وبريد الصومال وحامل أنباء الصومال باللغتين الإنجليزية والإيطالية علاوة على بعض أعداد   الصحف الصومالية الرسمية  التي صدرت بعد الاستقلال مثل نجمة أكتوبر ، والعهد الجديد ، والفجر، وأنباء الصومال(11).
  7. مجموعات عن  الجيولوجيا ، وعلم الحيوان ، علم العملات ، وغيرها من المجموعات المهمة التي تحتوي على أفضل مجموعة من الأشياء ذات الأهمية الإثنوغرافية التي توضح الثقافة الصومالية. وتشمل هذه الأمثلة من شعوب ما قبل الصوماليين من نهر الزنوج في الصومال ومن مجتمعات الأقليات غير الصومالية الأخرى.
  8. مجموعة قيمة من المخطوطات والوثائق التاريخية ، بجانب العديد من المعاهدات والاتفاقيات التي أبرمها زعماء محليون مع المستعمرين الإيطاليين الأوائل. هناك أيضًا مجموعة كبيرة من المخطوطات العربية ، وبعض الأعمال الدينية لشيوخ الصومال ، وكتلة من المراسلات بين الشخصيات الصومالية الشهيرة والإدارة الإيطالية المبكرة.
  9. حافظ المتحف القديم على  عدد من المقتنيات الثمينية ، كأنياب الفيل ، وجلود الحيوانات ، والرسومات ، والشعارات التقليدية  بالإضافة إلى الوثائق التاريخية مثل سجلات اتفاقيات الملوك والملكات في التجمعات الاحتفالية وتبادل الهدايا. إلى جانب  الأسلحة الخفيفة، مثل الرماح من جميع الأحجام ، والسيوف ، والأقواس ، والسهام ، وعربات الخيول .

كل هذه الأمور لم تكن ذات أهمية قصوى فقط للتاريخ المحلي لمدينة مقديشو انما أيضا للمدن القديمة الأخرى في جنوب الصومال مثل مركه وبراوة وكسمايو، كما شكلت أهمية كبيرة لتاريخ مدن قديمة في ساحل شرق إفريقيا، حيث  زين الفناء الداخلي للمتحف الوطني الصومالي بنقوش تعكس حكاية الحضارة والثقافة عن مساجد قديمة  في الصومال وفي ساحل شرق إفريقيا يعود تاريخ بعضها إلى القرن الثامن. وجرى استخدام العديد من العناصر التاريخية في المتحف في المنشورات العلمية ، ولا سيما من قِبل علماء إيطاليين (12).

الآثار الصومالية في السوق السوداء  والمزادات السرية

  لم تبدأ سرقة محتويات المتحف القومي الصومال عقب الاطاحة بنظام سياد بري وانما يرجع أمرها إلى أيام خروج الاستعمار  الايطالي والبريطاني ، حيث سرق الاستعمار كما فعل في العديد من مستعمراته في افريقيا مقتنيات ثمينة في المتحف الوطني الصومالي وجرى نقلها إلى إيطاليا وبريطانيا، وأنها جزء من نحو 90% من التراث الثقافى الأفريقى التي يعتقد بأنها موجودة حالياً فى أوروبا، وقالت بنديكته سافوا مؤرخة الفنون الفرنسية فى تصريحات صحفية، “إن متحف كواى برانلى فى باريس يضم وحده نحو 70 ألف قطعة أثرية أفريقية، مثله مثل المتحف البريطانى فى لندن” وكذلك تحتوى المتاحف والمعارض الأوروبية والأمريكية على أقسام ومجموعات هائلة من الآثار المسروقة للحضارات الأفريقية القديمة (13).

تضمنت القطع الأثرية المفقودة  من المتحف الصومالي  سواء في مقديشو أو مدينة هرجيسا شمال البلاد، للوحات والصور والرسم والأفلام التاريخية والمنحوتات والفخار والأعمال الفنية الأخرى وغيرها. عندما اندلع القتال في العاصمة الصومالية مقديشو في عام 1991 ، كان المتحف الوطني أول الضحايا. ففي غضون أسابيع ، تم بيع العديد من مواده الثمينة ، بما في ذلك الفخار المصري القديم ، للسياح في كينيا المجاورة(14).

شبكة منظمة لنهب الأثار الصومالية

تعرض المتحف الوطني لتدمير  شديد  فيما بعد الإطاحة  بنظام سياد بري عام 1991م ،  وجرى نهب جميع ما كان في المتحف من مقتنيات وقطع أثرية والتي تعود  معظمها إلى ما قبل الاستعمار  وأثناء الإستعمار وبعده  وصار ما بتقى من بناية المتحف ملاجئ للمشردين(15) .  وكان للمسرح الوطني فروعا في المدن الكبرى بالصومال وأبزر تلك الفروع مسرح هرجيسا في شمال الصومال،  الذي افتتح عام 1977 م ،  وضم المجموعة الإثنوغرافية الغنية التي تم الحصول عليها في معظمها من تبرعات من الناس من مدينة هرجيسا ،  بعد أن تأثروا بالحركة الثقافية التي شهدتها المدينة في منتصف السبعينيات وكان أحد أهم إنجازاتها بناء مركز ثقافي يتكون من مسرح ومكتبة ومتحف هرجيسا. وفي عام 1981م تقريبًا ، تعاونت “ستيفانييا كوبيلج ” مؤرخة فن يوغسلافية ومتخصصة في الإثنوغرافيا ، بالتعاون مع وزارة الثقافة والتعليم العالي في تجديد متحف هرجيسا، حيث سعت الخبيرة إلى تنظيم المعرض بناءً على المواضيع وعلى التسلسل الزمني للقطع الأثرية، وإختيار العناصر من أجل تجنب الإزدواجية غير الضرورية بهدف تحسين تصانيف المتحف والعمل في حالات الطوارئ لوقف تدهور القطع الأثرية(16). في عام 2007 ، بدأ بعض النشطاء  بالعمل من أجل إعادة الآثار القديمة المسروقة من متحف هرجيسا من المجتمعات المحلية في مناطق إقليم أرض الصومال. تمكن هؤلاء النشطاء من إعادة اللوحات التي كانت قد سُرقت في السابق من مواقع الدفن بالقرب من مدينة برعو من خلال حملة محلية بعد ان أدركوا أهمية هذه اللوحات ، وأدى ذلك إلى قيام كبار السن بالبحث عن هذه اللوحات. كانت هذه اللوحات في طريقها إلى بوصاصو ليتم شحنها إلى الخليج كي يتم بيعها في السوق السوداء ، لكن الشيوخ الذين تم تنبيههم عثروا على هذه اللوحات وأعادوها إلى الجهات المعنية (17) .

نشر موقع  (roadsandkingdoms.com ) عام 2010 عن وجود شبكة منظمة تسرق القطع الأثرية في الصومال وتبيعها في السوق السوداء. وقال الموقع نقلا عن قول المديرة السابق لوزارة السياحة والآثار في أرض الصومال  سادة مري التي سجلت 130  موقعا تاريخيا في البلاد إن شبكة منظمة من اللصوص تنقل القطع الأثرية الصومالية  في صومالاند إلى العالم عبر جيبوتي ومنطقة شبه الجزيرة العربية وتبيعها في السوق السوداء، وتحدث الموقع مع أحد الاشخاص الذين يعملون لصالح هؤلاء اللصوص ويقوم بعمليات حفر في مناطق باقليم ارض الصومال وأكد له وجود تلك الشبكة. وقال الموقع إن هؤلاء اللصوص يستهدفون  قبورا في منطقة بوراما والتي غالبًا ما تضم  مقتنيات أثرية قديمة غير العظام مثل تماثيل ذهبية للخيول والنعام(18).

المتحف القومي الصومالي …. الآمال والتحديات

ساهم المتحف الوطني الصومالي خلال وجوده في حفظ تاريخ الصومال وتراثه، كما كان من الأماكن السياحية التي يرتادها المواطنون الصوماليون للتّنزه أو للتعرّف على  التاريخ العريق وسيرة ما سطره  الآباء والأجداد  في صفحاتها من بطولات  وبسالات فى محارية العدو  بغية الإستئناس بها . وكان المتحف الوطني يشكّل مع كلّ من: المكتبة الوطنية، والمسرح الوطني معلما حضاريا بارزا وكان يعرف بالمدينة الثقافية لمقديشو في إشارة إلى دور هذه الأماكن في حفظ ثقافة الأمة وتراثها الخالد .

ومع إندلاع الحرب الأهلية ودخول الصومال في دوامة العنف غابت جميع المرافق العامة والحكومية من الخدمة، وأصبحت بعضها مأوى للسكان، بينما البعض الآخر أصبحت ملجأ للكلاب ومدمني المخدّرات واللصوص وقطاع الطرق.  كان من بين المباني الحكومية التي إستوطنتها مجموعات من الصوماليين المتحف الوطني الّذي تعطّلت خدمته منذ سقوط الحكومة وتعرّضه للنهب والسلب إبّان فترة الحروب الأهلية التي شهدتها البلاد منذ حوالي 27عاما.

وكبادرة من الحكومة الصومالية لتشغيل المرافق العامة والمنشآت الحكومية في مقديشو، أعلنت الحكومة  في منتصف عام 2018م عن مشروع أطلق عليه  “إسحلقان” الكلمة الصومالية التي تعني العمل التطوعي الجماعي يحيث يستطيع كل فرد من خلاله المساهمة و بما يملك من خبرة وعلم ووقت ومال لإعادة ترميم المنشآت والمرافق العامة، وخاصة: المتحف الوطني، المكتبة الوطنية، وغيرهما من المراكز والمباني التاريخية في العاصمة الصومالية مقديشو. لقيت هذه المبادرة استحسانا واستجابة من مختلف شرائح المجتمع الصومالي، مما شجّع الحكومة على تكوين لجنة يترأسها وزير البريد والاتصالات المهندس عبد عنشور حسن، تتولى بدورها شؤون إدارة عمليات مشروع “إسحلقان” الّذي يستهدف إعادة ترميم المتحف الوطني.

ومن جانبه أصدر عمدة مقديشو عبدالرحمن عمر عثمان (يريسو) قرارا يطالب الذين يسكنون في المتحف بإخلائه لتسهيل عمليات إعادة الترميم.  وفي 9/ديسمبر/2018م، وضع الرّئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو حجر الأساس لإعادة ترميم المتحف وبنائه من جديد، وأشار الرئيس في خطابه تجاه الحاضرين إلى ضرورة بناء الوطن بالتضامن والتعاون فيما بين أبناء الوطن دون إنتظار مساعدة من الخارج.  وذكر رئيس اللجنة المكلفة لإعمار المتحف الوطني المهندس عبد عنشور حسن وزير البريد والاتّصالات، أنّ عمليات ترميم المتحف ستنتهي في منتصف عام 2019، ويكون المتحف جاهزا في يونيو القادم لأداء مهامه.   تعدّ هذه الخطوة مهمة وفاصلة في بناء الوطن والاهتمام بممتلكات الشعب وحفظها، وأنّه إذا تم إفتتاح المتحف من جديد فإنّه سيساهم في حفظ ثقافة الأمة وتراثها التقليدي من الاندثار، مما سيجعل المتحف قبلة للسائحين من الداخل والخارج وذلك لمعرفة تراث الأمة وثقافتها وتاريخها.

الخاتمة

تهتم كل الأمم والشعوب فى حفظ تراتها عبر وسائل متعددة لتبقي المتاحف هي الوسيلة المثلي المتعارف عليها عالميا فى دقة تنظيمها وعكسها للوجه المشرق والحضاري لكل أمة أو شعب ، ففى فرنسا مثلا يوجد متاحف كثيرة ومهمة ، ولكن يشهد القسم الذى يوجد فيه صورة وقصة الموناليزا فقط فى متحف اللوفر  فى العام الواحد زيارة أكثر من ستة ملايين شخص من أرجاء المعمورة ، مما يدل قاطعا على أهمية المتاحف ليس فقط فى عكس التراث وحفظها  وإنما في الأنعاش الاقتصادى للدولة لما تجذب لقطاع السياحة من زوار  ، وذاك ما تحتاج اليه الصومال اليوم . وإذا استعاد المتحف الصومالى هيبته المعهودة ، فلاشك أن ذلك سيمثل اضافة حقيقية فى رصيد الانجازات التى تؤهل الصومال للحاق فى ركب الأمم المتنافسة فيماوارء الغلاف الجوي .

المصادر والمراجع:

  1. http://www.unesco.org/new/ar/culture/themes/museums/
  2.   مجلة المتحف الدولي : مجلة فصلية تصدر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو)  العدد 3 – يوليو-أغسطس 2000
  3. http://www.sis.gov.eg/Story/139406/المتاحف….-ذاكرة-الشعوب-الحية-وتراث-الإنسانية-الخالد?lang=ar
  4. Historical Dictionary of Somalia, New Edition Mohamed Haji Mukhtar
  5. The Garessa Museum, Mogadishu NOTES AND NEWS  288  by I. M. Lewi  Cambridge  University 
  6.   المصدر السابق
  7. https://www.youtube.com/watch?v=D9PSCkFcvBo
  8. https://www.revolvy.com/page/National-Museum-of-Somalia
  9. Museum development and monuments conservation by H. Crespo-Toral  1988
  10. Historical Dictionary of Somalia, New Edition Mohamed Haji Mukhtar
  11.     كتاب الصحافة العربية  العربية في مواجهة الاحتراق الصهيوني..الصحافة الصومالية ملاحظات أولية  : د\ عواطف عبد الرحمن
  12. Looting Africa Theft, illicit sales, poverty and war are conspiring to rob a continent of its rich artistic heritage http://content.time.com/time/world/article/0,8599,2056125,00.html
  13.   The Garessa Museum, Mogadishu NOTES AND NEWS  288  by I. M. Lewi  Cambridge  University 
  14. https://ara.reuters.com/article/entertainmentNews/idARAKCN1NS249
  15.   http://library.ifla.org/1635/1/083-nur-en.pdf
  16.     Museum development and monuments conservation by H. Crespo-Toral  1988
  17.   http://www.somaliheritage.org/museums.php
  18. https://roadsandkingdoms.com/2013/the-grave-robbers-of-hargeisa/

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى