الطاقة المتجددة في سلم أولويات الحكومة الصومالية .. تقييم عابر

الطاقة المتجددة في الصومال PDF

الطاقة المتجددة يُقصد بها تلك النوعية من طاقات الموارد الطبيعية كالطاقة الشمسية والحرارية والكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة النووية والغاز الطبيعي، وغير ذلك من الأنواع الشبيهة التي يطلقون عليها مصطلح (الطاقة النظيفة) لانسجامها الكامل والتام مع البيئة والمناخ، ولعدم إخلالها بالنظام البيئي العالمي والإنساني، كما يطلقون عليها مصطلح(الطاقة البديلة) لكونها تقدم البدائل الآمنة للطاقات التقليدية التي تعتمد على الموارد الصناعية الضارة بالبيئة وبصحة الإنسان، وهذه النوعية من الطاقة أصبحت ـــ في ظل ما تعانيه دول كثيرة من كوارث وفيضانات وموجات جفاف وظروف غير آمنة ـــ تمثل ضرورة قصوى لتجنب الكثير من المشكلات والأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ولتحقيق الاستدامة في كافة القطاعات الحيوية حالاً ومستقبلاً.

القارة السمراء ومشكلات الاستدامة 

تمثل مشكلات الطاقة في القارة الإفريقية تحدياً كبيراً يقف حائلاً دون تحقيق برامج وخطط التنمية المنشودة، خاصة في ظل الظروف المناخية والبيئية الفقيرة والسلبية التي يعاني منها سكان القارة؛ إذ يعد السكان الأفارقة مثلاً، من بين أكثر الشرائح السكانية العالمية فقراً وحرماناً من الحصول على الطاقة الكهربائية اللازمة والضرورية؛ ووفق بعض الإحصاءات، فإن “نسبة الطلب الإفريقي على الطاقة لا تتجاوز 4%، ولا يوجد سوى 290 مليون إفريقي فقط من أصل 915 مليون، يتمتعون بالطاقة الكهربائية” كما أن الدول الإفريقية تتكبد سنوياً 2% من إجمالي الناتج المحلي جراء الأزمات الناجمة عن مشكلات الطاقة في القارة، وهو ما يمثل هدراً كبيراً في ميزانيات الأفارقة، إذا نظرنا لطبيعة المعاناة الإفريقية الشاملة على كافة المستويات والأنماط، وخاصة الاجتماعية والبيئية منها

وهذه النسب المتدنية للطاقة في إفريقيا، لا تتناسب مع حجم الموارد والثروات الطاقية الطبيعية المتاحة في القارة، والتي يمكنها أن تنتقل عبر الاستغلال والتوظيف الجيد بالسكان الأفارقة إلى آفاق رحبة من التنمية والتطوير وتعظيم العوائد والموارد، ناهينا عما يمكن أن يوفره التوظيف الجيد لتلك الموارد والثروات من تحسين كبير للحالة البيئية والصحية والإنسانية بين الأفارقة؛ فعلى سبيل المثال” توجد بالقارة الأفريقية إمكانات للطاقة الكهرومائية بنسبة 12% من إجمالى إمكانات العالم، وهو ما يمكنه توليد أكثر من 1800 تيرا واط من الكهرباء سنويًا، شريطة الإدارة السليمة للموارد المائية” ومن جهة أخرى، تشير بعض التحليلات الراصدة لطبيعة الثروات الطاقية المتوفرة إفريقياً، إلى وجود أنماط من الطاقة الطبيعية غير المستغلة إفريقيا، الأمر الذي يحرم سكان القارة من فوائد قصوى وضرورية وحيوية؛ ومما يُذكر في هذا السياق مثلاً:” نفط مدغشقر الثقيل، والذي يُحرم منه الأفارقة بينما تستقطبه القوى المتطورة والمتقدمة عبر البحار وعلى رأسها اليابان، وهناك أيضاً طواحين الهواء في جزر الرأس الأخضر، والتي يمكنها إمداد دول القارة بنسبة كبيرة من الطاقة الكهربائية عبر طاقة الرياح، هذا بالإضافة إلى الطاقة الحرارية الجوفية في منطقة الوادي المتصدع بكينيا، والتي يمكن استغلالها في حل مشكلة نقص الكهرباء في منطقة القرن الإفريقي”

إفريقيا وجديد الطاقة المتجددة

في ظل هذه المصادر الضخمة التي تمتلكها إفريقيا في مجال الطاقة المتجددة، تشهد دول القارة في المرحلة الراهنة اهتماماً متزايداً بهذا المجال، وخاصة في ظل الزخم العالمي والدولي الخاص بخطط التنمية المستدامة التي يتبناها المجتمع الدولي في ظل التداعيات السلبية المدمرة التي خلفتها ولا تزال تخلفها المجتمعات والدول الصناعية، بل والتي تخلفها القارة الإفريقية ذاتها، جراء إهمال الاعتماد على موارد الطاقة المتجددة؛ إذ” تساهم إفريقيا بنسبة 4% من إجمالي الانبعاثات الضارة المسببة لمفعول الدفيئة على المستوى العالمي، ما تحتاج معه دول القارة إلى أكثر من 40 مليار يورو سنوياً لمشاريع التنمية المستدامة” الأمر الذي يشجع ويدفع حالياً إلى تجنب كل هذه التداعيات السلبية الناجمة عن منظومة الطاقة الصناعية، وذلك عبر تطوير منظومة الموارد الطبيعية المنتجة للطاقة المتجددة ولتطبيقاتها المختلفة في كافة المجالات إفريقيا؛ ومن دلائل ذلك، ظهور نماذج إفريقية واعدة في هذا الإطار؛ فعلى سبيل المثال” أصبحت جزر الرأس الأخضرتنتج 20% من استهلاكها الكهربائي عبر الطاقة الهوائية(طاقة الرياح)، بل وتتطلع مستقبلاً لزيادة النسبة إلى 50% بحلول عام 2020، بينما تجتهد جزر القمر في مجال توظيف الحرارة الجوفية للاكتفاء الذاتي من الكهرباء، في حين تتطلع إثيوبيا لإمداد منطقة القرن الإفريقي ومناطق إفريقية أخرى بالطاقة الكهربائية عبر ستة آلاف ميغاوات مزمع إنتاجها عبر مشروع سد النهضة الكهرومائي على مياه النيل”

واقع الطاقة المتجددة في الصومال

وبالنسبة للصومال، فإن الواقع العملي والميداني إلى جانب البيانات الإحصائية، يؤكد أنها بين الدول الأقل من حيث استهلاك الطاقة؛ فبحسب تقييمات المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقةRegional Center for Renewable Energy and Energy Efficiency (RCREEE) والذي حصلت الصومال على عضويته منذ العام 2015، فإن البلاد” لديها واحد من أقل معدلات استهلاك الطاقة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى؛ إذ هي تعتمد على الحطب والفحم والنفط المستورد لإنتاج الوقود وتلبية احتياجاتها من الطاقة بنسبة تزيد على 80% من إجمالي استهلاك الطاقة في الداخل الصومالي” وتعد مشكلة الحصول على الكهرباء في مجمل الأراضي الصومالية، من أعقد المشكلات في الوقت الحالي؛ إذ” يعتبر الصومال من البلدان الأكثر غلاء في العالم بالنسبة لتكاليف الكهرباء، فعلى سبيل المثال، فإن متوسط نفقات ​​قرية زراعية صومالية يبلغ حوالي ثمانين ألف دولار أمريكي سنويا من أجل شراء الوقود لمولدات المياه الكهربائية” ووفق ما أشار إليه المركز الإقليمي للطاقة السابق ذكره ” تعاني الأقاليم والمدن الصومالية من نقص الكهرباء، وخاصة في المناطق النائية والريفية، في حين يتصل حولي 60٪ من سكان المناطق الحضرية مثل مقديشو بشبكة الكهرباء، وتقل هذه النسبة في المدن الصغيرة؛ حيث يتصل ما يقرب من 25٪ فقط بالخدمات الكهربائية”

وبالنظر إلى حجم ما تمتلكه الصومال من قدرات وموارد طبيعية للطاقة المتجددة، فهي كبيرة وواعدة، ويمكنها تقديم حلول جذرية لمشكلات الكهرباء في البلاد على وجه الخصوص؛ فعلى سبيل المثال يمكن لمولدات المياه الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، أن تساهم في توفير ما يقرب من ستين ألف دولار أمريكي على مستوى كل قرية من قرى الصومال بشكل سنوي كما أن استحواذ أكثر من 50% من أراضي الصومال على حركة رياح قوية تفوق سرعتها أكثر من 6 أمتار في الثانية، يضمن للصوماليين” أعلى إمكانيات إنتاج طاقة الرياح البرية في أفريقيا، والتي تعتبر ممتازة لإنتاج الطاقة الكهربائية، هذا بالإضافة لما تمتلكه الصومال من الطاقة الشمسية عبر ما يزيد على ثلاثة آلاف ساعة من إشراق وتوهج الشمس، ما يضع البلاد ضمن الدول المالكة لأعلى المتوسطات اليومية من الإشعاع الشمسي في العالم”

دلائل الاهتمام الصومالي بالطاقة البديلة

وهذه القدرات الواعدة المشار إليها سابقاً، والتي التي تمتلكها الصومال في مجال الطاقة المتجددة، دفعت على ما يبدو المسئولين الحكوميين في مقديشو وغيرها من الأقاليم والمدن الصومالية وخاصة المسئولين في أرض الصومال، إلى التجاوب والتناغم مع الدعوات العالمية والدولية لأهمية التركيز على استغلال تلك القدرات لإنجاح خطط التنمية ومواجهة التحديات المعيشية للإنسان الصومالي فيما يتعلق بندرة الكهرباء وضعف إمكانية الحصول على الطاقة في صورها الضرورية، إلى جانب تحقيق السلامة الصحية والبيئية للمجتمع الصومالي، والكفيلة بتهيئة الأجواء الصومالية وإعداد الإنسان الصومالي القادر على إحداث النهضة والتقدم في كل القطاعات، وهذه الحالة الإيجابية الحادثة في الصومال على المستوى الرسمي تجاه الاهتمام بمجالات الطاقة المتجددة، يمكن تلمس آثارها ومظاهرها من خلال الآتي:

  • حرص الأجهزة والهيئات الرسمية في الدولة الصومالية على المشاركة الفعالة في كافة الفعاليات والمنتديات والمؤتمرات الإقليمية والدولية المرتبطة بمجالات توظيف واستغلال الطاقة المتجددة، والتي كان من بينها منتدى لشبونة عام 2018، ومؤتمر الطاقة المتجددة في الإمارات 2019، الأمر الذي تنعكس آثاره الإيجابية على الداخل الصومالي؛ حيث شهدت العاصمة مقديشو ومناطق أخرى من أرض الصومال تدشين مشروعات عديدة تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لمساعدة أكثر من 10 ملايين صومالي يعانون من عدم الحصول على الكهرباء
  • ازدياد تواجد الشركات الدولية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة بالصومال، وهو ما يساعد على مزيد من توظيف الإمكانات الصومالية في هذا المجال لتحسين قدرة القطاعات الحيوية المختلفة في البلاد؛ فعلى سبيل المثال استطاعت شركة SolarGen Technologies الرائدة في مجال الطاقة النظيفة، إمداد ما يزيد على 100 من المزارعين الصوماليين بمضخات ري المياه العاملة بالطاقة الشمسية، إلى جانب قيام الشركة بتدشين شبكات أخرى للطاقة الشمسية الصغيرة شمال العاصمة مقديشو، جنباً إلى جنب، مع إنشاء وتطوير ما يعرف بشبكات الـــــ micro grid الهادفة إلى تقليل كلفة حصول الصوماليين على طاقة الديزل إلى ما دون النصف تقريباً، وذلك قبل تمليك هذه الشبكات بالكامل للمجتمع الصومالي، وإلى جوار الشركة المذكورة، توجد شركات أخرى، منها مثلاً شركة Power Off Grid العاملة في مجال صناعة مواقد الطهي ذات الكتلة الحيوية، والتي تعمل على تجنيب البيئة الصومالية أضرار النفايات الغذائية والحيوانية، عبر توظيفها كوقود وأنظمة شمسية صغيرة، كما أن الشركة، تقدم تسهيلات تمويلية كبيرة لعملائها الصوماليين من أجل تشجيعهم على تبني منتجاتها النظيفة
  • تعاظم الاهتمام بالتحول من هيمنة الوقود الأحفوري والمستورد على الاستخدامات الجماهيرية في الصومال بكل ما يحمله ذلك من أضرار صحية وبيئية إلى جانب الأعباء المالية الكبيرة، إلى هيمنة من نوع آخر، هي هيمنة الاستخدامات الطاقية المتوافقة مع البيئة والاستخدام الآمن والموفر للطاقة، وذلك عبر شركات متخصصة تتيح هذا التحول عبر آليات مدروسة، وهو ما تقوم به شركة(بيكو) لتوليد الطاقة الكهربائية، إحدى الشركات الرائدة في هذا الإطار؛ حيث تضع الشركة مهمة تطوير منظومة الطاقة المتجددة في الصومال، على رأس أولوياتها، ومنذ أن تأسست الشركة في عام 2014، استطاعت الالتزام بتزويد مدن صومالية عديدة بالطاقة الكهربائية النظيفة مثل مقديشو، كيسمايو، أفجوي، بلعاد، جوهر، وغيرها، وبمعدل سنوي قدره 50 ميجاوات، وتعمل الشركة على خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى ما دون الــ 40% من إجمالي إنتاجها، وذلك من خلال توليد الطاقة الشمسية بمعدل يتجاوز 5 ميجاوات سنويا، بل إن الشركة نجحت في توظيف تكنولوجيا الطاقة الشمسية لإنتاج ما يزيد على 16000 برميل من وقود الديزل شهرياً لتوليد الكهرباء في المدن والمناطق الصومالية

معوقات وتحديات الاستدامة في الصومال

ورغم هذه البدايات الصومالية الواعدة والمشجعة في إطار الاهتمام بتطوير منظومة الطاقة المتجددة وعلى رأسها الطاقة الشمسية، لابد من الإشارة إلى ضعف الإنجاز الحاصل في هذا الإطار، وكذلك إلى وجود بعض الإشكالات والمعوقات التي يجب العمل الجدي على تجنبها وتحييدها، لتستمر عملية التطوير متواصلة وقائمة، وعلى رأس هذه الإشكالات ما يلي:

    1. تحتاج عمليات تطوير جهود الطاقة المتجددة إلى تمويل كبير كي تحقق التأثير المجتمعي والبيئي والاقتصادي بشكل شامل ومتكامل، وهو ما يستوجب التفتيش والبحث عن الممولين والمانحين المناسبين للوضعية الصومالية، فلا تزال جهود الطاقة المتجددة في الصومال محدودة للغاية إذا ما قيست بحجم الصومال كبلد يزخر بعدد كبير من القطاعات التشغيلية في كل المجالات، وهو ما يتطلب أن تكون إنجازات الطاقة المتجددة وخاصة في مجال توفير الطاقة الكهربائية، موازياً لهذا الزخم التشغيلي في البلاد، فليس كافياً بالمرة أن تقتصر جهود الدولة الرسمية على إنارة شارع هنا أو شارع هناك بالطاقة الشمسية مثلاً، فهذا لن يفي أبداً بمتطلبات مواكبة النمو الحادث على الساحة الصومالية سواء في عدد السكان أو في الاعتماد المتنامي للقطاعات الشابة على التكنولوجيا الحديثة، إلى غير ذلك من أوجه النمو التي تعد الطاقة الكهربائية أمراً حيوياً وأساسياً بالنسبة لها، إلى جانب طبيعة البيئة الصومالية نفسها من حيث ارتفاع درجة الحرارة وانتشار الجفاف، وهو ما يتطلب الحصول على الطاقة الكهربائية للتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن هذه الظواهر؛ لذا فعلى الحكومة الصومالية توظيف القروض والمنح توظيفاً مثالياً لتحقيق أكبر قدر من التوازن الطاقي بين الصوماليين، وخاصة في مجال توفير الكهرباء، كما أن عليها البحث عن مانحين مستثمرين، يجمعون بين المنح والاستثمار؛ لأن ذلك أجدر بالإنجاز السريع وبالتطوير المتواصل، خاصة في ظل توقعات سلبية ببقاء “نصف مليار شخص في إفريقيا إلى سنة 2040 محرومًا من الطاقة الكهربائية”
    2. تتطلب منظومة الطاقة المتجددة في الصومال، تذليل الكثير من العقبات اللوجيستية الأولية التي يجب توافرها في المراحل الأولى للتطوير والتحديث، ومن ذلك مثلاً الحاجة إلى تطوير البنية التحتية للطرق، والتي تعد محدودة جداً في مناطق ومدن الصومال، وكذلك محدودية القدرات التقنية المساعدة على مواكبة التحديث الطاقي، إلى جانب عدم وجود خطط حكومية متوازنة في مجال تمويل المستهلك الصومالي للسلع والبضائع والمنتجات العاملة بالطاقة النظيفة، وهو ما يقف حائلاً دون انتشار ثقافة الطاقات المتجددة والنظيفة بين الصوماليين، ويعرقل بدوره خطوات ولوج وانضمام الصومال كبلد وكمجتمع إلى منظومة الأهداف العالمية والدولية للتنمية المستدامة، والتي ترعاها الأمم المتحدة، وعلى رأسها هدف” تحقيق الوصول العالمي للطاقة الكهربائية بحلول عام 2030، وذلك بأن تتراجع أعداد المفتقرين للطاقة الكهربائية في عام 2030 إلى 800 مليون شخص على المستوى العالمي، وأن يتراجع عدد المحرومين من الوصول إلى وقود الطهو النظيف تدريجيًّا في الفترة نفسها”
    3. يتوقف إنجاح منظومة الطاقة المتجددة في الصومال تحديداً على طبيعة التوجهات الاقتصادية والسياسية الحادثة في البلاد، والتي تفتقر في كثير من جوانبها إلى الانسجام والتكامل في الآليات والإجراءات نظراً للخلافات القائمة بين الحكومة المركزية في مقديشو وباقي الأقاليم الصومالية، ولنا أن نتصور أن تحقيق مثل هذا الانسجام والوفاق، كفيل بأن تحقق البلاد قفزات غير مسبوقة في مجال أمن الطاقة، ومن ثم، توفير ملايير الدولارات المهدرة على الخزانة الصومالية

استنتاجات

      • الصومال ضمن الدول المالكة لأعلى المتوسطات اليومية من الإشعاع الشمسي في العالم، وتستحوذ نصف الأراضي الصومالية على طاقة رياح برية بإمكانيات فائقة إفريقيا، وباستغلال هذه الإمكانات مجتمعة، تصبح الصومال قادرة على إنقاذ اقتصادها وشعبها من مشكلات وتداعيات الحرمان من الطاقة الكهربائية.
      • الصومال على الطريق الصحيح نحو تطبيق البرامج الأولية لتوظيف واستغلال الطاقات المتجددة، والمشاركة بفاعلية في منتديات وفعاليات الهيئات الدولية والأممية المتعلقة بخطط التنمية المستدامة 2020/2030، ولكن تبقى الاستفادة العملية المنشودة من هذه البرامج والمشاركات هي التحدي الأكبر حالاً ومستقبلاً.
      • النتائج المتحققة على الساحة الصومالية في مجال توظيف واستغلال موارد الطاقة المتجددة مقبولة، لكنها بالتأكيد ليست مرضية؛ لأنها لاتتناسب مع حجم ما تمتلكه البلاد من إمكانات واجبة التوظيف والاستغلال.
      • الشركات المتخصصة في مجال مشروعات ومنتجات الطاقة المتجددة، تلعب دوراً كبيراً في استنهاض منظومة الاستخدام النظيف والآمن للطاقة بين الصوماليين، لكنها تعاني من ضعف التمويل، وتراجع البنية التحتية العامة، وكذلك من حرمان معظم الصوماليين من الدعم الرسمي للمنتجات العاملة بالطاقة النظيفة.
      • أزمات الطاقة تكلف الدول الإفريقية 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتساهم بشكل كبير في تراجع التنمية وإفشال خططها القصيرة والطويلة والممتدة، كما أنها تعرض حياة الأفارقة والصوماليين للتداعيات السلبية الناجمة عن المخلفات الصناعية والنفايات بمختلف أنواعها، وبالتالي التعرض للأخطار الصحية المترتبة على ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية، وبدرجات مضاعفة لطبيعة البيئة الصومالية والإفريقية الحارة والصحراوية والمتقلبة من حيث تفاوت المناخ والتعرض لموجات التصحر والجفاف.
      • عدم الانسجام القائم بين الحكومة المركزية في مقديشو وباقي الأقاليم الصومالية، يعرقل مشروعات التوظيف الجيد للموارد الطبيعة المتجددة للطاقة في البلاد، وهو ما يؤدي إلى تفكيك خطط التنمية بالصومال وتجزئتها إلى خطط تنموية منعزلة ومتفرقة، ما يفضي في الغالب إلى ضعف النتائج المتحققة، وعدم الإنجاز الكامل والسريع.

توصيات

  • مواصلة تعزيز الاستخدامات الآمنة والنظيفة للطاقة في الصومال، جنباً إلى جنب، مع وضع خطط عملية نابعة من طبيعة البيئة الصومالية، ومتماشية مع الواقع الاقتصادي للصوماليين، مع عدم إغفال الاقتداء بالتجارب الإفريقية الرائدة في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة، والتي من خلالها”بدأت برامج التطوير في تحسين فعالية الإنتاج، بحيث يتوقع أن يتضاعف الإنتاج 4 مرات سنوياً بحلول عام 2040، مقارنة بالرقم المتواضع حاليًّا 90 غيغا وات(يأتي نصفها من جنوب إفريقيا)، وتُعَدُّ دول مثل غانا ورواندا نماذج ناجحة في هذا الإطار”
  • استغلال وتوظيف الفترات الزمنية التي تنخفض خلالها تكاليف منتجات الطاقة النظيفة، وذلك لتعزيز النواقص اللوجيستية اللازمة لتطوير منظومة الطاقة المتجددة الصومالية، وتعد الفترة الحالية مثالية في هذا الإطار، وكذلك المرحلة القريبة القادمة، وخاصة فيما يتعلق بالمنتجات المعتمدة على الطاقة الشمسية، وهي مثالية بالنسبة للأجواء الصومالية؛ إذ”انخفضت أسعار الوحدات الكهروضوئية الشمسية (الألواح الشمسية) بنسبة 80% في الفترة من العام 2010 إلى العام 2016، كما انخفضت تكلفة توليد الطاقة الشمسية من مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق المرافق بأكثر من 70%، ومن المتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات النزولية، بحيث يمكن أن تنخفض تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنسبة 60%، والطاقة الشمسية المركزة بنسبة 45% خلال العقد القادم”
  • فتح الباب مشرعاً أمام المستثمرين في مجال الطاقة المتجددة داخل الصومال، وتسهيل إجراءات هذا النوع من الاستثمار، مع التركيز على الاستثمار تحديداً في مجالى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، باعتبارهما المجالين الأكثر جاهزية للتطوير والإنجاز وحصد النتائج، وذلك جنباً إلى جنب، مع إتاحة الفرص الاستثمارية لشركات القطاع الخاص وتذليل كافة العقبات أمام هذه الشركات لتشجيعها في الانخراط ضمن منظومة تطوير الطاقة المتجددة والمستدامة.
  • توسيع دائرة الانفتاح الصومالي الرسمي على الشراكات الدولية المتعلقة بأمن واستثمار الطاقة النظيفة والمتجددة، وكذلك على الهيئات الدولية والإقليمية المعنية بهذا الجانب، واستغلال الصورة الذهنية الإيجابية للمجتمع الدولي عن الصومال كسوق واعدة للاستثمارات بشتى أنواعها والاستثمار الطاقي على وجه الخصوص، وللصومال تجارب سابقة تتيح له مثل هذا الانفتاح المطلوب؛ فقد سبق وأن استفادت الحكومة الصومالية من دعم صندوق أوبك للتنمية الدولية(أوفيد) بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث تمكنت وزارة الصومال الاتحادية للشئون الإنسانية وإدارة الكوارث من الحصول على 600 مصباح يعمل بالطاقة الشمسية لمساعدة الأسر المشردة داخل العاصمة مقديشو، إلى جانب الحصول على شبكات للطاقة الشمسية بقوة 1500 واط لإمداد بعض المكاتب الحكومية الريفية بالطاقة الكهربائية ومؤخراً تبنت المملكة المتحدة عبر ما يعرف بــ(برنامج أمن الطاقة وكفاءة استخدام الموارد) مهمة إمداد المستهلكين في أرض الصومال بالكهرباء والطاقة النظيفة والمتجددة، وبأسعار منخفضة تعزز مسيرة النهضة والتنمية

خاتمة

يعد اهتمام الحكومة الصومالية بمجال الطاقة المتجددة ومشاريع التنمية المستدامة أمراً جيداً وجديراً بالتقدير والاهتمام، إذ أن مجال الطاقة النظيفة بالنسبة للصومال في المرحلة الراهنة يعد مصيرياً وفارقاً؛ لأنه المجال الوحيد الآن القادر على حل مشكلة الكهرباء في البلاد بشكل عملي وسريع، كما أنه المجال الآمن الذي من شأنه إنقاذ الشعب الصومالي من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري الخطيرة من الناحية الصحية والبيئية، وهو ما يوفر على الاقتصاد الصومالي هدر الكثير من الأموال، وقبل هذا وذاك، فإن هذا المجال، يمثل فرصة واعدة للحكومة الصومالية كي تحقق طفرة تنموية في عموم المناطق الصومالية، وهو ما يعزز الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي على حد سواء؛ لذا فعلى الحكومة المركزية أن تولي هذا المجال الاهتمام اللائق به ضمن سلم أولوياتها حالاً ومستقبلاً.

الهوامش والإحالات 

  1. راجع: شيخنا،سيدي أعمر، تحولات الطاقة ومستقبل إفريقيا، تقرير مركز الجزيرة للدراسات ، بتاريخ 13 يوليو 2016، متاح على: http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2016/7/13/a217b86b5ffa4e3180fc51905f30ed7b_100.pdf ،(بتصرف)
  2. راجع صحيفة الوطن الكويتية على الرابط: http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=436687&yearquarter=20152 ، (بتصرف)
  3. راجع تصريحات الدكتورة أماني أبو زيد مفوض البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الإفريقي، لصحيفة اليوم السابع المصرية، بتاريخ 13 ديسمبر 2018، من تحرير نورهان مجدي، متاح على: https://www.youm7.com، مع البحث تحت عنوان(مصر لديها قصة رائعة في تحويل عجز الطاقة إلى فائض)، (بتصرف)
  4. راجع: أربعة مصادر للطاقة في إفريقيا لا تعرف عنها شيئاً، تقرير(نون بوست) بتاريخ 28 يناير 2014، متاح على: https://www.noonpost.com/content/1666 ، (بتصرف)
  5. راجع صحيفة الوطن الكويتية، مصدر سابق(بتصرف)
  6. المصدر السابق نفسه( بتصرف)
  7. راجع قيم الصومال على الموقع الرسمي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، متاح على الرابط: http://www.rcreee.org/ar/content/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84 ، (بتصرف)
  8. راجع بوابة الشمول المالي من أجل التنمية-FinDev ، تحت عنوان(الصومال: تشجيع استخدام الطاقة الشمسية ضمن مبادرة تمويل أصغر جديدة)، عن: PR Newswire، متاح على الرابط: https://www.findevgateway.org/ar/organization/pr-newswire (بتصرف يسير)
  9. راجع قيم الصومال على المركز الإقليمي للطاقة…، مصدر سابق(بتصرف)
  10. راجع بوابة الشموال المالي، مصدر سابق(بتصرف)
  11. راجع قيم الصومال على المركز الإقليمي للطاقة…، مصدر سابق(بتصرف)
  12. راجع: التقرير الصادر عن منتدى الطاقة المستدامة للجميع في لشبونة sustainable energy for all، بتاريخ 9 أغسطس 2018، تحت عنوان( استغلال الطاقة المستدامة في الصومال) ،متاح على الرابط: https://www.seforall.org/news/tapping-sustainable-energy-in-somalia ، (بتصرف وترجمة)
  13. المصدر السابق نفسه(بتصرف)
  14. راجع تقرير صحيفة(الرصد) الإلكترونية المهتمة بشأن القرن الإفريقي، تحت عنوان: الصومال يستهدف تطوير مصادر الطاقة الشمسية بدلاً من الوقود الأحفوري، بتاريخ 30 أبريل 2018، متاح على: http://alrasdi.com، مع البحث بالعنوان المذكور( بتصرف)
  15. راجع: شيخنا،سيدي أعمر، تحولات الطاقة ومستقبل إفريقيا،…، مصدر سابق
  16. المصدر السابق نفسه، وراجع أيضاً: التقرير الصادر عن منتدى الطاقة المستدامة للجميع في لشبونة، مصدر سابق(بتصرف)
  17. ذكرنا سابقاً أن مشكلات وأزمات الطاقة تكلف دول القارة الإفريقية 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يشير إلى أن تحقيق نجاحات متكاملة في مجال استخدام الطاقة النظيفة يوفر هذه التكاليف.
  18. راجع: شيخنا،سيدي أعمر، تحولات الطاقة ومستقبل إفريقيا،…، مصدر سابق(بتصرف)
  19. راجع تقرير صحيفة الاتحاد الإمارتية تحت عنوان: تحالف الطاقة الشمسية يشهد توقيع 9 مشاريع في خمس دول أعضاء، بتاريخ 18 يناير 2018، عن تصريحات لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، متاح على: https://www.alittihad.ae ، مع البحث بالعنوان المذكور(بتصرف)
  20. راجع الرابط: https://www.alwatanvoice.com/arabic/content/print/1084062.html ، |(بتصرف)
  21. راجع الرابط: https://www.alyamanalaraby.com/382890 ، (بتصرف)

محسن حسن

باحث وأكاديمي مصري
زر الذهاب إلى الأعلى