الإستفزاز الكيني لن ينال من عزيمة الصوماليين

تتجاوز كينيا الخطوط الحمراء، وتتمادى في استفزازاتها، لجر الصومال إلى حرب وهمي غير متكافئ، اتخذت خلال الشهور والأيام القليلة الماضية عددا من الخطوات لإثارة حفيظة الصوماليين، ابتداء من طرد السفير الصومالي في بلادها مرورا بتعليق الرحلات الجوية المباشرة من العاصمة مقديشو إلى نيروبي ووصولا إلى منع  وزراء ونواب كانوا ينوون المشاركة في مؤتمر اقليمي بنيروبي من الدخول إلى بلادها وتركهم معلقين لساعات في مطار جوماكينيا الدولي دون السماح لهم بدخول كينيا أو العود إلى بلادهم ضاربة عرض الحائط كافة المعاهدات الدولية ولاسيما فيما يخص بإحترام حصانة المسؤولين والدبلوماسيين وجميع الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين، ولم  يتبق لها سوى اعلان حرب شامل على الصومال ومصالحها رغم وجود مئات من جنودها في الأراضي الصومالية.

لم تكتف كينيا بهذه الخطوات السياسية وانما شرعت كذلك  في محاصرة الصومال اقتصاديا وسياسيا، وتضيق الخناق على المواطنين الصوماليين وخاصة رجال الأعمال والتجار العاملين في أراضيها عبر اعلان نيتها في إغلاق بعض البنوك وشركات الحوالات الصومالية في بلادها، واعطاء الضوء الأخضر لقواتها العاملة ضمن بعثة قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال لحرق  مقرات شركات الاتصالات الصومالية الأمر الذي أدى إلى خسائر مالية كبيرة. كما بدأت الحكومة الكينية بتشكيل جيش الكتروني يقوم بنشر مقاطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي تشويه صورة الصومال وتربطها بالإرهاب وتصور بأنها تشكل تهديدا على  أمن واستقرار دول شرق ووسط أفريقيا.

لا تسعى حكومة أهورو كينياتا من كل تلك الخطوات الاستفزازية سوى ممارسة ضغوط على الحكومة الصومالية لتتراجع عن موقفها ازاء ملف النزاع الحدود البحري بين البلدين والمنظور حاليا أمام المحكمة الدولية في لاهاي بالمملكة الهولندية وذلك بعد أن فشلت سياساته الناعمة التي كان يستخدمها منذ انتخاب الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو رئيسا للبلاد عام 2017 وتعيين حسن علي خيري الذي عمل لفترة طويلة في كينيا رئيسا للوزراء ، في محاولة منه لتغيير مواقفهما حيال النزاع واغرائهم بتقديم تسهيلات سياسية واستضافتهم في نيروني وتقديم وعود لهم بتحسين العلاقات بين البلدين واقامة شراكة استراتيجية أو تحالف استراتيجي بين الحكومتين، غير أن  هذا القرار لم يجد نفعا وبعد عامين أكتشف كينياتا أن الحكومة الحالية لا يمكن أن تقدم لهم أكثر مما حصل من حكومة الرئيس السابق حسن شيخ محمود التي قررت تحويل قضية النزاع الحدودي إلى المحكمة الدولية.

وبالتالي، لا بد أن تعرف الحكومة الكينية أن استخدام سياسية العصا الغليطة لن تنال من عزيمة الصوماليين ولن تفت عضدهم مهما بلغت حدتها ، بل ستكون عاملا للوحدة وفرصة لنبذ الخلافات فيما بينهم والوقوف صفا واحدا أمام عدوانها الغاشم واستهدافها المتكرر على سيادة البلاد  وهيبته أمام العالم، وينبغي أيضا ألا تنخدع بدبلوماسية الصمت التي تنتهجها حكومة الرئيس محمد عبد الله فرماجو ازاء تصرفاتها الرعناء وصبر الشعب الصومالي الذي يمهل ولا ينسى والذي ليس من عادته قبول الضيم وأنه سيكون يوما يتم الرد على الحكومة الكينية، ومحاسبتها على  اجراءاتها العدوانية سواء في المحافل الاقليمية أو الدولية .

وكذلك يجب أن تعرف أن الصوماليين حذرون من الفخ الذي تنصب لهم ولا يريدون إعادة احياء قضية اقليم “انفدي” لإذكاء الفتن بين الصوماليين في كينيا وفي الصومال، نحن نعتبر الشعب الكيني إخوان لنا وأمة نشترك معهم التاريخ والمصير ولا يمكن بطبيعة الحال أن تفرقنا سياسات عدائية يمارسها رئيس يغادر السلطة عاجلا أم عاجلا وأن روابط الأخوة والمحبة بين الصوماليين والكينين ستبقى قوية وثابتة إلى أن يرث الأرض ومن عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى