من يعرقل عمل البرلمان الصومالي.… الحكومة أم المعارضة؟ 

يسود البرلمان الصومالي هذه الأيام حالة من الفوضى  تعرقل أداء واجباته الدستورية ، وتهدد كيانه الذي يمثل سيادة البلاد ووحدة الشعب ، وما من جلسة تمر الا وتتسع هوة الخلافات بين أعضاء البرلمان وتكاد تصل إلى مستويات خطيرة يصعب رأبها ولملمة جراحها في المستقبل ، ويوشك في بعض  الجلسات أن يقع فيها عراك واشتباك بالأيدي بين النواب قد يؤدي إلى اغلاق أبواب البرلمان وتوقف نشاطاته.

تلك كارثة سياسية قد تعيد الصومال إلى المربع الأول وتنسف جميع الانجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية نتيجة جهود مشتركة  بين القيادات الصومالية  والمجتمع الدولي.

 ففي جلسة البرلمان الثانية في دورته الخامسة التي عقدت يوم أمس السبت، انتهت بالفشل وعلى غرار الجلسة الأولى على خلفية جدال سياسي بين النواب حول سبل مناقشة الملف الأمني الذي كان ضمن أجندات تلك الجلسة التي حضرها وزير الأمن الذي هو أيضا عضو في البرلمان وقيادات الجيش والشرطة والمخابرات، واختلف النوب ما اذا ستكون الجلسة  مغلقة ودون تغطية اعلامية  أم ستكون مفتوحة يتم بث وقائعها على الهواء مباشرة وأمام عدسات كاميرات الصحافة  الصومالية المستقلة؟ وبعدها اتخذ رئيس البرلمان محمد مرسل قرارا باجراء تصويت لهذا الشأن، وصوت 104 نائبا لصالح أن تكون الجلسة مغلقة وخارج التغطية الإعلامية ومطالبة المراسلين والمصورين بمغادرة القاعة في حين صوت 40 نائبا بـ”لا” وامتنع عن التصويت 20 نائبا، بحسب ما أعلنه رئيس البرلمان محمد مرسل.

 لكن هذه النتيجة لم ترض النواب الذين طالبوا بأن تكون الجلسة مفتوحة واتهموا رئيس البرلمان بالانحياز والتلاعب في النتيجة، وقاموا بمنع الصحافة من مغادرة قاعة البرلمان احتجاجا على  ما وصفوه بالنتيجة المزورة التي أعلنتها رئاسة البرلمان، الأمر الذي أحدث فوضى عارمة في الجلسة ودفع رئيس البرلمان إلى انهائها قبل موعدها.

 يبدو أن الحدث كان مدبرا ومخططا سلفا وأمرا  قد قضي بالليل، لأنه جاء بعد اجتماع طارئ عقدها مجلس الوزراء عشية جلسة البرلمان، وذكرت مصادر مقربة أن الوزراء ناقشو سبل عرقلة الجلسة للحيلولة دون مسائلة وزير الأمن والقيادات الأمنية الأخرى، وهذه الخطوة كانت أيضا جزءا من خطة رسمتها الحكومة لمواجهة حراك داخل البرلمان يهدف إلى كشف اخفاقات الحكومة وخصوصا فيما يتعلق بالمجال الأمني .

خلال العامين الماضيين تمكنت حكومة رئيس الوزراء حسن علي خيري من اسكات جميع التيارات السياسات المعارضة وتكميم أفواه رؤساء الإدارات الاقليمية، كما أنها استطاعت اختطاف قرارات رئاسة البرلمان ولي عنقها واخضاعها لإراداتها السياسية بعد نحاجحها في اقالة رئيس البرلمان السابق محمد عثمان جواري وممارسة الضغط على الرئيس الحالي للقبول على مقترحاتهم  والتماشي مع رؤية السياسية تجاه البرلمان وهذا انتهاك صارخ للدستور ولإستقلال المجلس ، وبالتالي لم يبق  لهم سوى تكميم أفواه نواب البرلمان المعارضيين لها  الذي يتمترسون وراء الحصانة القانونية عبر اثارة فوضى خلابة داخل البرلمان ، وتشويه صورتهم أمام الشعب من خلال توجيههم اتهامات خطيرة ووصفهم بممثلي تنظيم الشباب في مجلس الشعب ، واشغالهم عن انجاز المشروعات المطروحة أمام المجلس بأمور خلافية لا تغير من الواقع كثيرا  ولن تحظى توافقا بين النواب.

هذا الأمر يعطي مبررا لحكومة خيري إذا ادركت  أنها فشلت اداء واجباتها الدستورية، مثل مراجعة الدستور واجراء الاستفتاء عليه وتطبيق النظام التعددية الحزبية واجراء انتخابات شعبية حرة ونزيهة ينتخب المواطنون ممثليهم في البرلمان بصورة مباشرة وستلقي اللوم على البرلمان بسبب فشله في اجازة المشروعات القانونية التي قدمتها  له الحكومة.

زر الذهاب إلى الأعلى