الصومال: لماذا تكون رواتب القوات أقل بكثير من رواتب باقي موظفي الدولة ؟

من أهم الإنجازات التي حققت الحكومة الصومالية الحالية أنها استطاعت لأول مرة ومنذ سنوات أن تصرف روتب موظفي الدولة بشكل منتظم ولمدة عامين متتالين وبدون انقطاع وهناك أمل في أن يبقى الوضع على ما هو عليه حتى نهاية فترة حكمها- وهذا تطور جديد وانجاز عظيم ، لكن يبدو أن الحكومة الحالية ترتكب نفس الأخطاء التي وقعت فيها الحكومات السابقة وتمارس ما يمكن تسميته بـ”الظلم” بحق المنتسبين إلى السلك الأمني وإلى قطاعات الجيش المختلفة من خلال أعطائهم رواتب أقل بكثير من رواتب الموظفين والعاملين في جميع مؤسسات الدولة الأخرى، وتلك قسمة ضيزى وعدالة عرجاء، ولا يستحق أفراد القوات المسلحة والمنضوين في تشكيلاتها المختلفة الذين يسهرون من أجل حماية الوطن والدفاع عن استقلاله وسيادته ويقدمون أرواحهم ليلا ونهارا فداء للوطن ورخيصة من أجل استعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد أن يتم معاملتهم بهذه الطريقة الفجة، فهم يستحقون معاملة خاصة نظرا للظروف التي يعملون فيها والتضحيات الجسام التي يبذلونها وتقديرا لدورهم الرائد في الجهود الجارية لإعادة بناء هيئات الدولة.

لا تتجاوز راتب الجندي أو الشرطي في الصومال أكثر من  200 دولار  في حين يبلغ أقل راتب يتسلمها الموظف العادي في الحكومة 500  دولار شهريا، أليست تلك قسمة غير عادلة ومعاملة غير منصفة ينبغي إعادة النظر فيها  في ظل الوضع الأمني الذي يمر به البلاد والحاجة الملحة إلى دور الأمن والجيش في التغلب على التحديات الأمنية الراهنة؟ والأغرب من ذلك أن العديد من موظفي الدولية يتقاضون رواتب خيالية اذا ما قارنتها مع الحالة الاقتصادية في الصومال، حيث يتقاضى بعض الموظفين رواتب شهرية تتراوح ما بين 3000 – 7000 دولار وفي نفس الوقت فالجندون المكلفون بحراسة هؤلاء الموظفين والواقفين أمام بيوتهم أو الفنادق التي يسكنونها أو المكاتب التي يعملون فيها لا يتقاضون سوى 200 دولار شهريا والتي تكاد أو لا تسد رمق أسرتهم، علاوة على ذلك فالموظف المدني في الصومال يتمتع بإمتيازات سواء كانت قانوية أو غير قانونية تسمح له جني بعض الأموال بينما لم تعد أمام الجندي سوى انتظار راتبه الشهري أو  فتات المسؤولين  وقد لا يجدها في بعض الأحيان وهذا فقط للمحظوظين منهم. 

وفي هذه الحالة هل يمكن أن نقول أن هذا الجندي وغيره من زملائه في وضع مستقر يسمح لهم أداء واجباتهم الوطنية بأكمل وجه وبإتقان واخلاص وحب؟ بالتأكيد لا ، لأنهم يواجهون بحرا من الهموم وحالات  نفسية غير مريحة تشتت قراراتهم وتضعف أدائهم العسكري، وأنهم  قد يغيبون في بعض المرات عن الخدمة  بحثا عن مصدر دخل آخر يضمن لهم حياة أفضل ولقمة عيش لأسرهم أو قد ينشغلون كذلك في بعض الحالات وفي ذورة العمل باجراء اتصالات مع أقاربهم ومعارفهم للحصول على أموال.

وما ذا ننتظر من قوات تقضي وقت طويلا خارج منازلهم وبعيدا عن عائلاتهم  تخوض حروبا شرسة مع عدو غير تقليدي وفي جبهات عدة في  ظل معنوات ضعيفة سوى الفشل والهزيمة؟

لقد قامت الحكومة الحالية وبناء على توجيهات من الرئيس محمد عبد الله فرماجو جهودا كبيرا لإعادة بناء المؤسسات الأمنية وهيكلتها وضمان حقوق أفرادها غير أن الطريق طول وهناك خطوات مهمة لا بد من اتخاذها ومن أهم تلك الخطوات:

1-  زيادة رواتب أفراد الجيش والأمن وايصاله لحد لا يقل من رواتب موظفي الدولة الآخرين ويتناسب مع حجم تضحياتهم والتحديات التي تواجهونها لأن الروح المعنوية العالية  بالإضافة إلى التدريب الجيد والتسلح يعد من أبرز عناصر النصر.

2-  الإهتمام بإسرهم  وضمان ما يحتاجون إليه من مؤن وعلاج وتعليم وسكن

3- تعزيز ثقة الجندي بقيادته واعطائه بأنه محل اهتمام وتقدير وخاصة فيما يتعلق بالترقيات ومنح الأوسمة واستحقاقات مالية وهذه الخطوة تلعب دورا هاما في رفع الروح المعنوية للجندي.

4-  غرس مبدأ الإنضباط والتفاني في العمل والإتقان في نفوسهم وتمليكهم حس التنافس في هذه المبادئ.

5- توفير المتطلبات الأساسية للجندي مثل الزي المناسب، والصحة والمواصلات والإعاشة وغيرها من التسليح والتدريب وهذا أمر في غاية الأهمية ويعتبر من أهم العوامل التي تساهم في رفع الروح القتالية للعسكري.

  

.

زر الذهاب إلى الأعلى