الجنديات المجهولات

تجدهن ساعيات  راكعات في شوارع مقديشو، يلبسن السترات الصفراء، متسلحات بالمكانس  وأدوات النظافة البدائية ، ساهرات من أجل ادخال السرور في نفوس المواطنين ووضع البصمة في وجهوهم لا يبتغين في ذلك  الا وجه الله والوطن، تراهن كل يوم  يقفن في  الشوارع الرئيسية والفرعية بالمدينة تأدية للمسؤولية الأخلاقية التي تقاعس عنها الجميع، وانهاضا بالواجب الوطني الذي قصر بحقه المسؤولون عنه بكل صدق وأمانة.

لا تلهي هؤلاء الجنديات تجارة ولا بيع عن أداء هذه المسؤولية ولا يأبهن لما يقع حولهن من تفجيرات وأعمال  إرهابية  راح ضحيتها عشرات الأشخاص ما بين قتيل وجريح بينهم زميلات عزيزات لهن ولا تنال من عزيمتهن ما يتعرضن لهن كل صباح ومساء من مضايقات وتهديدات تصل أحيانا حد التصفية الجسدية لثنيهن عن هذا العمل التطوعي.

هؤلاء الجنديات المجهولات يعملن في ظرف نكد بالغ الصعوبة والتعقيد، في كل صباح وقبل أن تشرق الشمس وتستيقظ المدينة يغدين  إلى أماكن عملهن التطوعي ، فبعضهن لا يقدرن على تحمل تكاليف المشوار ما يجبرهن على الخروج من منازلهن في الصباح الباكر ، وقطع مسافات طويلة  مشيا بالأقدام للوصول إلى الشوراع الرئيسية وسط العاصمة مقديشو تاركات وراؤهن أطفالا رضعا وعائلة كبيرة تتنظر منهن في المساء أحر من الجمرة ما يسد رمقهم أو يعينهم في البقاء على قيد الحياة ، غير أنه  في بعض الأحيان تعود هؤلاء الجنديات المجهولات إلى بيوتهن نحيفات مرهقات  خاليات الوفاض لا يحملن في خريطتهن لا زاد ولا متاع.

لكن  منّ الله عليهن عزيمة لا تخور أمام الشدائد وشكيمة لا تضعف ، وكالمعتاد يعدن   في الصباح التالي إلى أماكن عملهن لا يحملن هما سوى الوطن وراحة المواطن سائلين الله أن يخور لهن في عملهن ويبارك في جهودهن ويعيد إلى منازلهم في المساء سالمين غانمين.

قلما تجد من يساعد هولاء الجنديات على الأعمال الجليلة التي يقمن بها فعلا أو قولا، بل في بعض الأحيان يتلقون من ينتهك حقوقهن ويطمع التبرعات البسيطة التي يحصلنها من المؤسسات الخيرية وسرقتها أو يتعمد في إيذائهن والتصعيد ضدهن  من خلال إلقاء الأوساخ والقاذورات في الطرقات، فهؤلاء حقا جنديات مجهولات ويستخقن تخليد ذكراهن وتخصيص يوم وطني لعاملات النظافة في الصومال.

زر الذهاب إلى الأعلى