مفهوم العنف في المجتمع الصومالي

يعرف العنف في القاموس الفرنسي على أنه “كل ممارسة للقوة عمداً أو جوراً. والكلمة الفرنسية مستعارة من الكلمة اللاتينية التي تشير إلى القوة Violence “وكلمة عنف(Force )  فمصطلح القوة و العنف مشتقان من أصل واحد، وإن كان مفهوم القوة أشمل من العنف فهذا الأخير من الناحية اللغوية هو الإكراه المادي الواقع على شخص لإجباره على سلوك أو التزام ما(1).

يعرفه عالم الإجتماع الأمريكي العنف  H.Nieburg هو أفعال التدمير والتخريب وإلحاق الأضرار والخسائر التي توجه إلى أهداف أوضحايا مختارة أوظروف بيئية أو وسائل أو أدوات.

يكاد يكون من الصعب تقديم تعريف موحد للعنف في الصومال، وذلك لاختلاف واهتمام العلماء والباحثين في هذا المجال، فعلم النفس والاجتماع يعرفون العنف غير ما يعرّفه علماء السياسة، كما أنه قد يعرف بطرق مختلفة، ويعرف البعض الآخر إنه ظاهرة حركية لها جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وهو ظاهرة عامة تعرفها كل المجتمعات البشرية والاجتماعية بدرجات متفاوته وهي الاستخدام الجسدي والنفس لإيقاع الأذى على الآخرين (2).

يعد العنف من الظواهر القديمة التي عايشها الإنسان مند القدم، والتي مازال يعايشها في كل المجتمعات وخاصة المجتمع الصومالي، لاسيما في ظل الاختلافات بين الأفراد والأسر والقبائل في تنشئتهم الاجتماعية وظروفهم وأوضاعهم. وقد يصف البعض العنف بأنه إستخدام القوة إستخداما غير شرعي، أو غير مطابق للقانون. لقد تعددت الآراء والنظريات التي قامت بتفسير العنف، وتباينت فيما بينها في إرجاع هذا السلوك إلى عوامل ومصادر مختلفة، فمنهم من أرجع العنف إلى العوامل الوراثية والتفسيرات البيولوجية، ومنهم من قام بتفسير على أساس النظريات النفسية مثل نظريات التحليل النفسي، ونظرية التعليم الاجتماعي، ونظرية الإحباظ (3) .

ولقد حدد العلماء والباحثون نظاق تفاعلات العنف في الحياة اليومية، فقد أشاروا إلى عدة أماكن لظهور العنف منها الأسرة والمدرسة والشارع، ووسائل الإعلام، ونقاط التفاعل مع الأصدقاء والجيران.

    مظاهر العنف:

يصنف العنف حسب مظاهره إلى قسمين:

  1. العنف الفردي: والذي تكون دوافع عديدة مثل حب التملك والسيطرة ودوافع المنافسة والشعور بالنقص.
  2. العنف الجماعي: ويكون موجهاً ضد الجماعة والغرباء أو الدخلاء أوالكبار(4).

الشباب في مجتمعنا هو أكثر الشرائح الاجتماعية التي تعاني من جدلية الاتصال والانفصال في الهوية والانتماء والتعريفات في الوقت الذي يحاول فيه الشباب الجامعي إعادة تعريف لأنفسهم، وإعادة توصيف لهوياتهم بصورة شخصية وعالمية أقرب إلى وضعهم واهتماماتهم، فإن الجماعة التقليدية العائلة/ العشيرة والمكان التقليدي المحلي، جغرافيا/ الموقع. الثقافة العنيفة الشعبية الحاملة لمجموعة النظم وأنماط الاعتقاد والتفكير والفعل والتغيير السائد عند الطبقات الشعبية العريضة، وهذه الثقافات هي المغدية لكل أشكال الكريهيات الثقافية التقليدية ذات الطابع العنفي، والثقافة الشعبية نفسها هي التي تقف وراء كريهيات أخرى تعمل توتر العلاقات والتفاعلات بين الذات ولآخر، وإن كانت هذه الثقافة لاتظهر على السطح كسبب مباشر للعنف الشعبي، فذاك لأنها القوة المحيطة الكامنة القائمة التي لاتغدي أفعال العنف فحسب، وإنما تؤطر عنف الأفعال والقيم والاعتقادات والسلوكيات جميعاً، وهي القوة المحركة لمعظم الصراعات والنرزاعات والخصومات، والمشجعة لأكثر أفعالنا الاجتماعية قوة وخشونة ودوية(5)، وهذه الصراعات التي نرى اليوم في المجتمع الصومالي ليس إلا نتاج الصراعات القلبية والساسية، لأن ثقافة العنف لدى الشعب الصومالي هي متأصلة في القدم، لأن جل المجتمع الصومالي كان مجتمعاً رعوياً بالدرجة الأولى، وكان الرعاة أكثر الناس تقاتلا في المجتمعات البدائية، وتبدأ الحروب بأتفه الأسباب في داخل الرعاة، ونسبة الرعاة في المجتمع الصومالي كثيرة للغاية، والخصلة البدوية لاتقبل الانقياد، أما حالياً فنسبة الحضر في المجتمع الصومالي كثرت، بسبب الهجرات الداخلية من الريف إلى المدن، وجاء هولاء بطبائعهم إلى المدن، وأصبحت المدن مختلطة مع الريف، لأني أعتقد أن الصراعات القبلية في الصومال أساسها الخصلة البدوية؛ لأن أهل التحضر أكثر تحملا ًمن أهل البدو.

يفهم الصومالي حينما يسمع العنف إستخدام قوة مفرطة غير شرعية تأتي جهة من الجهات إلى شريحة من الشعب أو إلى الفرد، ويدخل في العنف جميع ممارسات غير مرضية تستخدم طرف إلى أخرى من الشعب أو إلى الفرد.

ويكون العنف في الصومال منتشرا في أرجاء الصومال ويتمثل إقتتال القبائل الصومالية فيما بينهم، وأصبح القتال في الآونة الأخيرة شبه مشروع بين القبائل، من بداية الحرب الأهلية 1991 حتى الآن.

وقتل آلاف من الأبرياء أنهم ينتمون إلى قبيلة فلانة، وكان الصوماليون يحاربون بسطو الإبل و اختطاف الفتاة التي يعدونها آخر حرمة تمس، ويقول الصوماليون أي فتنة تقوم بسبب المرءة يصعب إخمادها.

وتمارس الحركات الإسلامية في الصومال العنف ويكون له وجه يخالف أوجه الصراع القبلي في الصومال، ويغطي العنف الحركي في الصومال باسم الدين، ويقتل أبرياء من الصوماليين بمبررات أنهم ارتدوا عن الإسلام، وهم يقرون الشهادتين، وقتل بعضهم في المساجد وهم ساجدون بمبرر أنهم ارتدوا عن الإسلام.

  المصادر

  1. ياسر أبو حسن أبو، ظاهرة العنف السياسي في الوكن العربي،1990-2007، مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية، الخرطوم،2008،ص:5.
  2. ليلى يوسف، اتجاهات السباب نحو استخدام العنف ضد المرأة في بغداد، مجلة مركز البحوث التربوية والنفسية، العدد الثاني عشر، ص:7.
  3. جامعة الجزائر، مظاهر وأسباب العنف في المجتمع الجزائري، من منظور الهيئة الجامعية، 2011، ص:12
  4. نفس المرجع :ص:16
  5.   سالم ساري، مكانة العنف المجتمعي وأمثلة التنمية والتحديات، ص:29.

صالح علي محمود

• حصل الشهادة الجامعية من جامعة مقديشو كلية التربية قسم العلوم الاجتماعية عام 2011 م. • حصل الدبلوم العالي في العلاقات الدولية بأكاديمية السودان للعلوم عام 2014م • الآن يحضر درجة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة سنار في السودان بعنوان" الطرق الصوفية ودورها في الدعوة والثقافة الإسلامية في جنوب الصومال 1889-1960م دراسة تاريخية حضارية " • حصل الشهادة الثانوية من معهد محمد بن نصر المروزي في مقديشوعام 2006م
زر الذهاب إلى الأعلى