ماذا سيكون مصير المنحة العسكرية القطرية المقدمة للصومال؟  

تلقى الصومال خلال السنوات العشر الماضية منحا عسكرية من عدد من الدول الصديقة والشقيقة بهدف تحسين قدرات القوات المسلحة الصومالية وتطوير كفاءتها القتالية وتمكينها من القضاء على تنظيمي الشباب ودعش اللذان يشكلان تهديدا على كيان الدولة الصومالية، وشملت تلك المنح آليات عسكرية وأسلحة خفيفة وأجهزة متطورة للجيش الصومالي أو الشرطة  وجاءت آخر تلك المنح من دولة قطر التي تربط علاقات قوية مع حكومة الرئيس محمد عبد الله فرماجو، حيث  تسلمت وزارة الدفاع الصومالية  في 17 يناير الماضي منحة عسكرية مقدمة من القوات المسلحة القطرية تتكون من 68 آلية عسكرية حديثة تم شحنها بجهود مشتركة من مختلف الوحدات بالقوات المسلحة القطرية بحسب وكالة قطر للانباء.

وأوضحت الوكالة بأن المنحة تأتي ضمن الجهود التي تبذلها دولة قطر لدعم جمهورية الصومال شعبا وحكومة، ومن أجل المساهمة في الشدّ من عضد مؤسسات الدولة، ودعم جهودها الحثيثة لإرساء الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف.

تباينت  الآراء حول هذه المنحة ما بين معارضين لها يبدون مخاوفهم من استخدامها في تنفيذ أغراض سياسية أو سقوطها بأيدي جماعات متطرفة كما حدث في حالات سابقة، وما بين مؤيد يرى المنحة خطوة  في الاتجاه الصحيح تأتي في اطار الجهود الدولية لإعادة بناء المؤسسات الأمنية الصومالية التي انهارت بعد سقوط نظام سياد بري عام 1991.

وتجدير الإشارة  في هذا السياق إلى  أن تلك الهدية تأتي في وقت تشهد العلاقات  بين الصومال ودول عربية كبرى برودة غير مسبوقة بسبب موقف الحكومة الصومالية ازاء الأزمة بين تلك الدول ودولة قطر وانحيازها الواضح للأخيرة.

اعرب المعارضون للمنحة العسكرية القطرية مخاوفهم وقلقهم الشديد إزاء مصيرها وامكانية سقوطها في أيدي الجماعات المتطرفة مثل داعش وحركة الشباب أو  استخدامها لتحقيق أهداف سياسية ورأوا أنها قد جاءت في وقت غير مناسب وذلك للأسباب التالية:

  1. غياب المؤسسات الأمنية والعسكرية الصومالية المسؤولة عن حفظها، وصيانتها واصلاحها
  2. وجود شكوك في امكانية استخدامها في قمع المعارضين وبعض العشائر ما يشكل تهديدا على وحدة وسيادة الصومال
  3. أن  الآليات العسكرية التي تلقتها الحكومة الصومالية من قطر  مستعملة وليست جديدة ولا تتمتع بالمواصفات التي تناسب بيئة وطبيعة المناطق التي تنشط فيها الجماعات المتطرفة مثل تنظيمي الشباب وداعش ما يعرضها لخطر الوقوع في أيدي  تلك الجماعات، كما حدث في حالات سابقة، حيث استولى مقاتلون من حركة الشباب آليات عسكرية  حصلت عليها الصومال من دول صديقة اثر تعطلها نتيجة الأمطار وسوء الأحوال الجوية
  4. يرون أن المنحة تشكل خرقا لقرار الأمم المتحدة حول حظر  توريد الاسلحة للصومال و الصادر عام 1992

لكن في المقابل يبدي آخرون ترحيبهم بالمنحة، ويؤكدون على أهميتها وبالذات في هذه المرحلة التي تظهر الحكومة الصومالية  جدية كبيرة  إزاء إعادة بناء وهيكلة  التشكيلات المختلفة للقوات المسلحة ورفع كفاءتها القتالية، وتحقيق تفوق عسكري واستخباراتي على الجماعات المتطرفة (تنظيم داعش وحركة الشباب)  التي تسعى بكل ما أوتي لها من قوة ووسائل  للحيلولة دون عودة النظام والقانون في الصومال وتدمير الحكومات الناشئة، وهناك احتمال كبير بأن تحقيق حلمها، بحسب هذا الفريق ما دامت المؤسسات الأمنية والعسكرية في الصومال ضعيفة ولا تتفوق من التنظيمات المسلحة تسليحا وتدريبا ويعاني أفرادها من قلة الدعم المعنوي والمادي.

 بالرغم من وجود اختلاف في الرأي حول طبيعة وأهداف الأسلحة التي قدمتها دولة قطر  للحكومة الصومالية الا أن هناك شبه توافق وخصوصا على الصعيد الشعبي  على ضرورة توقي الحذر وبذل كل الجهود لضمان عدم سقوط هذه الأسلحة بيد الجماعات المتشددة التي لا تترك مناسبة الا تتبجح وتعلن عن اعتمادها بشكل كبير على الأسلحة والعتاد التي تستولي عليها أثناء قتالها مع القوات الصومالية أو خلال هجماتها المباغتة على قواعد الجيش الصومالي وقوة حفظ السلام الافريقية الداعمة له.

زر الذهاب إلى الأعلى