لماذا يهاجر الصوماليون بلادهم؟

وقبل أن نتعرض للحديث عن هجرة الصوماليين إلى الخارج وتفاصيلها، يجدر بنا المحاولة في الحديث عن الطرق والوسائل التي أنتشرت عبرها الهجرة في الصومال قديما.

تبدأ القصة من برنامج “الإبتعاث” إلى الخارج الذي كان يعد من أبرز السياسات  التي استخدمها الاستعمار لإحتلال الصومال وتغيير النظام السياسي والاقتصادي فيه، وانشاء نظام طبقي بغيض داخل المجتمع الصومالي الذي كان يتقاسم أفراده في القديم “العيش والملح” أو “العصيدة والحليب”وصناعة فروق بين الذي تعلم في الخارج والذي درس في الداخل بهدف إيجاد فرصة ذهبية تسهل له ضرب الصوماليين بعضهم ببعض وشن حملة التشكيك على الهوية الصومالية وزرع القبلية فيما بينهم .

وبعد عودة هؤلاء الذين تعلموا في المعاهد والجامعات الغربية وخاصة في ايطاليا وبريطانيا إلى البلاد تولوا زمام السلطة وحكموا الشعب بنظام قبلي لكن بقالب ديمقراطي وتبوأ منزلة رفيعة داخل المجتمع ما دفع المئات من الشباب إلى التفكير بالهجرة وتلقى العلوم  خارج البلاد ليعودوا وهم يحملون شهادات جامعات غربية ما يمكن لهم  من تحسين حياتهم  وتوفير مستقبل أفضل لكن للأسف هذه الفكرة عززت رؤية الصوماليين تجاه الخارج وأصبح وجهتهم المفضلة عندما اندلعت الحرب الأهلية عام 1991  ليس فرارا من الحرب وطلبا للأمان فقط وانما رأوها فرصة لا تعوض تسمح لهم  أو لأبنائهم الالتحاق بالجامعات الأوروبية والأمريكية ثم العودة إلى البلاد وهم يحملون شهادات وخبرات تساهم في تحسين مكانتهم داخل المجتمع.

ومن هنا يمكن القول إن الأمر كله يتعلق بما تقوم به قيادة البلاد ومستوى أداء الحكومة وقيامها  بما يحقق آمال الشعب بمختلف الجهات ومدى اصرارها على تحقيق تطلعات المواطن ، واذا قامت الحكومة بمسؤولياتها فان ذلك لا شك سيترك أثرا عميقا وايجابيا على الهجرة وعمليات الهروب الجماعية من البلاد وبالتالي  ينبغي على الحكومة الصومالية  أن تراعي جميع الأهداف القومية والوطنية وكذلك يجب  أن تقدم مؤسسات الدولة المصلحة الشخصية على المصالح العامة، لأن الانشغال بالمصلحة الشخصية   ينجم عنها استبداد وفساد وظلم أو فزع وحروب وأمور  أخرى تؤدي في نهاية المطاف  الي الهجرة وزيادة عدد اللأجئين في الخارج.

ونظرا لحساسية الشعب الصومالي ومزاجه المنفلت، أحسن طريقة لحمايتهم من آفة الهجرة أن لايمزج فيه الخيال بالحقيقة والابتعاد كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تشويه صورة الحكومة أمام الشعب وهذه الفلسفة مهمة،  للوصول الي نتائج ايجابية وهي التعاون بروح وطنية بين المواطنين وقادة واعيين قادرين علي ممارسة القضايا الدولية وادارة البلاد بكفاءة.

عبد الرزاق شيخ علي

كاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى