بين الواقع والمأمول عن ماذا أتحدث         

بعد غياب دام ثمانية سنين وعشرة أيام  في الغربة التي لظالما تمنيت ان تنتهي علي عجل ها انا اليوم في بلدي تاركا كل الهموم هناك، بعيدا عن تراب أرضي فسلام بما سميته سابقا (بالمنفي الإختياري اي الغربة)

ولكن كيف حال بلدي ؟ هل كان بمثل هذه الحالة سابقا قبل مغادرتي إياه !!!أم كنت مندمجا مع البيئة “الإنسان إبن بيئته” كما يقولون.

بعد مكوثي إليه لمدة تصل 56 يوما وبعد تأمل ليس بقصير حول مختلف الطبقات والفئات العمرية والنمط السائد وغيرها عرفت مالم يكن في الحسبان، أسجل كل يوم لأشخاص أقابلها كبـارا كانوا أم صغــارا أطرح عليهم الأسئلة كما أسجل الأحداث التي تنعكس عن اللادولة وسأستمر لهذا النهج لعلي أبلغ مايشفي عليل القــوم.

أشعر بأن ما يحدث ما هو إلا تضارب بين المأمول والواقع ، توقعاتي وخيالي كانت أبعد بكثير مأ أنا فيه حاليا  مما أبعدني عن تعليق الأحداث لفترة طويلــة  ، أحيانا أشعر علي إستحياء بأننا كنا نبدل الجهود لأشياء تافهة!! نعم تافهة عن الوزير، عن الرئيس ، عن الخلافات السياسية، الإنتخابات وغيرها،، الأمر أكبر من ذلك بكثير !

مجتمع بأكمله يمشي ولا يعرف الي أين ينتهي بِهِمُ المطاف! جيل من الشباب وأطفال يُٺرڪون  في الحياة تائهيين لا يتلقًون الإرشادات اللًازمة من أحد وبعدما إنحرفوا عن المسار؛ الجميع يستهجن فيكون مصيرهم الحبس والاستبعاد، إلا أنني أشفق عليهم، أشفق على هؤلاء الشباب الذين يقفون الطًرقات لسرقة الناس في ظُلمة الليل، تجدهم ينضمون إلي الحركات الإرهابيه فيكون مصيرهم الإعدام سواء من قبل انفسهم أو النظام ،هنا تنعدم المسؤلية -مسؤلية الدولة!  لأن ربما الأبوين ،منشغليين لتوفير معيشتهم.- قبل أن تصدر الأحكام بحقهم هلأنتم على قدر المسؤوليه تجاههم؟ الظروف البائسة وعدم الرعاية والأفكار المنحرفة أنتجتهم وستنتج أكثر فأكثر سينزف المجتمع وسيخسر الجميع.

تري عن ماذا اتحدث!!

أتحدث بما يسمي النظام؟!! بمختلف هيئاته تنفيدا تشريعا وقضاء!! (م)

أم إنعدام نظام الجوده والمراقبة -سواء أدوية كانت أم غداء !! أم أتحدث عن تللك القوافل المغلقة التي تحوم حواليها عساكر حيث الجميع يتفرج ويترك ساكتا ولن تجد جوابا عن ماذا تحويها!!؟ الشئ الوحيد الذي يعرف عنه الجميع هو أنه يأتي عبرالميناء البري فقط! ولا يحق لأحد الإستفسار!(م)  أم أتحدث عن الفساد التعليمي بجميع مراحله – مدارس-معاهد-جامعات- حيث يمكنك دخول الجامعة وفي نفس الوقت مواصلة دراستك الثانوية !! (م) أم بهؤلاء الأمهات اللاتي يئسن من أن يجدوا حقوقهم تجاه النظام فتجدهم مفروشين في كل شارع وتحت رحمة الشمس هذه تبيع اللحم وتلك الحليب وأخري الخضروات والفواكه عل يجدن مـأوى ومـأكلا ومـا يدفــعن لمدارس أطفالهن!!

أم أتحدث عن هؤلاء الرجال المدججين بالأسلحة تجدهم في الشوارع الرئيسية وفي داخل الأسواق بأي شيئ يبحثون؟ الضـــــريبة! إنهــم رجال الدولة، المهمة الأولي والأخيرة للدولة أي مهمـــة جمــع الأموال!! (م) أم أتحدث عن أولئك الأطفال المعرضيين للأمراض -خاصة الأمراض الإستوأئيه الخطِرة- فهم معرضون لأي وقت- بئيا وتغدويا- !!(م)  أم بما تتعرض البئيه من تجاوازات –بـرا وبحــــرا، ريفــا وحضــرا!! (م)

عن مـــــــاذا أتحـدث !!

أتحدث عن المساجد !! حيث الخطيب لايرتقي إلي درجة تؤهله بصعود المنبرولا بإمامة الناس !! مثلا يعتقد بأن الرسول صـــلي الله عليــه وســـلم كان يطول صلاة الصبح، وهذا صيحيح لأن الرسول كان يريح الناس بصوته الجميــل؛ فأولي بهم أن لايقفوا مأموميين أمام الناس بمثل هذه الأصوات……،

أتحدث بهم عن ماذا!!  بتلك الكتب التي يدرسوها للنشأة في غير وقتها أم بتلك الإرشادات والتعليمات المغلوطه؛  يطالع علي كتيبات فيوزع أحكاما! مثلا  يتبرء عن  الأشاعرة ويضعها خارج دائرة أهل السنة والجماعة !! مسكين ياهذا  فأنت لا تساوي علما بدرويش من دراويش الأشاعرة! ولاتعرف شيئا عن ألاشاعرة إلا ما كتبوا عنهم تلك الرسالة أكبر وأعمق من أن تنحصر في بعض الشكليات والمظاهر

أم أتحدث بأرض الصومال حيث الجميع مسافرا معتقدا بإستلام جوازا أجنبيا  ثم الرجوع لإغتنام الفرصة والإستفادة من خيرات البلد بأي طريقة كانت !!

أم أتحدث عن الرؤساء، عن الوزاراء الذين يتبادلون الكراسي والخزائن الفارغة المنهوبه ثم يرجعون الي بلدانهم (أمريكا- أوروبا)  ناهبين ملايين الدولارات تاركين خلفهم صفقات تخسرنا مليارات وتلزمنا عقود آتية!!(م)أم أتحدث عن المجرمين الذين يتحركون حسب مصالحهم الشخصية يخلقون الفوضى فيكون جــــزاءهم مزيــدا من الرتــب والتـرقيــــة! أم أتحدث عن تلك الوزارات حيث الحضور والإنصراف فقط هو سيد المكــــان!، وعندما تطرح الســـؤءال لماذا أنتم علي الكراسي قاعدين؟ يكون الرد فورا بأنه لا يوجد لدينا مشروعات حاليــا! يعني في وقت المشروعات التي تأتي من تبرعات الشـــعوب فقط قليلا يتحركون وتتم القسمة على أغلب الأمول من الرئيس إلي الوزير ،،، وعندما تسأل أين العشرات الملايين التي تأتي من الضرائب حيث الكل يؤخد منه الضريبة ؛ الوردات والصــادرات، الشـــركات، العمـــال،  البيــــوت، السيـــارات التي تأتي من جميع خطوط السير الصوماليه ، من بلدويين ،هرجيسا، وغيرهم ،.   يكون الرد  لا أحد يعرف! إسأل في الوزارة الماليه والرئاسه !! أم أتحدث  بغلاءالمعيشه حيث أقل شيئ يبدأ بـ0.5$  نصف دولار  وأحيانا تسمع 0.4$ أم أتحدث عن اسامي المحـــلات والفنـــــادق وكأننـــا محميـــة تابعة لإمريكــا، ولا عملة لنــا.

عن مـــــاذا أتحــــــــدث؟!! 

أتحدث عن السلوك والتصرفات الغير اللائقة، مثلا  إفعل ماشئت لأي شخص تعرفه أو لا تعرفه ، فلا تنظر منه الشكر ، ضع جانبا بما يسمي الخصوصية فأنت في الصومال ، حتي في الجامعات المواعيد ليس لها أية أهميـــة، أم اتحدث عن القبيلية فعند نقطة التفتيش القبيلة هي بطاقتك الشخصية وعند اللقــاء الأول لأي شخـــص كان تجده منغلقا وغامضا فبثوان عدة يتغير ويصبح كائنا آخرا لأنه عرف بطاقتك الشخصيه -وهذا يثتثني منه قلة قليلة

أم أتحدث بتساوي المتعلمييـــــن والجهلـــه من الشبــاب وقعــــودهم معا جنبا علي جنب  تحت ظل شجرة القبيلة يتناقشـــون عن مصير القبيلة ! ويتبادلون الأراء وأحيانا يقود الجاهل ويكون المتعــلم تابعا له، بئس المتعلم وبئس الدرجة التي يحملها !! يرضون لأنفسهم بأن يكونوا خلف مشايخ القبيلة أو يركضوا مبهدليين خلف من ركض شيخ القبيلة (سواء كان برلمانيا او وزيرا)  فكان من الأولي بهم أن يركضوا خلف تعليمهم ويثقوا بأنفسهم يتحدوا بفكرهم ومعرفتهم ليرجع الكل الي أصله ليقـــودوا هم مرفوعي الرأس ويعولوا علي بلدهم . أم أتحدث عن غياب الوعي وعن التنظيم والتفكير ، عن اللامبالاة، عن تعمير المقاهي، عن الإستسلام للواقع، عن إهمال القدرات، عن الإتكال،،،(م)

عن مـــاذا أتحـدث!! كثيرة جدا ولكن من يشعر !، مشاكلنا أكبرمن السياسة ، مشاكلنا إجتماعية بمعنى الكلمة.

أعتقد بأن علي عاتقنا كشاباب مسؤلية كبيرة لدراسة كل هذا المشاكل قليلة تللك التي ذكرتها وكل قوسين التي بداخلها (م)  أستخدمتها كرمز يؤشر  بضخامة الموضوع ويلزمنا دراسته. وأختم بكلماتي التي  _كتبتها_ وانا في القاهرة  في ثلث الأخير من الليلة الأربعاء. يوم ٢٠١٨/١/٣ ، أحتفظتها لنفسي ومازلت أومن بها وهي كالتالي؛

ترابي ومائي وأهلي وأحبتي لا زيادة لهـــــا

أحب إليً من غربة تلازمه الشـــــــــــــعور

وبيئة جســـــــدي لايكـــاد يرتاح فيـــــــــها

بلـــــــدي وإن كنتَ لا ترحبنــــــــــــــــــي

إلا أن قلبي وجسدي وكل شـــعرة فيها دمي

لا يعـــــــرف الهـــــدوء إلا بحضنــــــــك

أشـــــــــــــــدوا الرحـــــــــال إليـــــــــــكِ

والـــــــزم فيـــــكِ بقيـــــةُ حيـــاتــِـــــــــي

لأنــي ماراحت علي لليل بهـــــمِ وغــــــــمِ

يــــــــــــــــوم أن كنت فيــــــــــــــــــــــكِ

تركتُـكِ فلازمتنـي همـومٌ وحـــزنٌ وخـــوفٌ

تمنيــــــــتُ أني أعــــــــــــودُ إليـــــــــــــكِ

ولم أنــــو يوماً بعد الٍلقــــــــــاءِ رحيــــــــلا

فلا رحيـل بعد اليوم ولكن التغيير ثم التغيير ثم التغيــير مهــما كــــلف الأمـر.

محمود عود جيلي نور

خريج ثناوية الأزهر الشريف _بكولوريوس في العلوم الزراعية. جامعة الأزهــر _ماجستير في العلوم الزراعية _الإنتاج الحيواني_ جامعة الأزهر يعمل حاليا كمحاضر في جامعة ولاية بونتلاندPSU
زر الذهاب إلى الأعلى