المرأة الصومالية والإبعاد السياسية

أثبت فوز اليتيم للسيدة نعيمة عبدي في عضوية البرلمان ولاية بونت لاند فشل المجتمع الصومالي في احتواء سيداته بشكل مخزي ومُعيب ، فبروز أسم أنثوي وحدا بين سته وستون أسماً ذكوراً لهو خيبة أمل وتكريس المجتمع بصورة الصوت الواحد ، و القطب المتفرد ، والفكر الجامد الذي لم يغير موقفه من شريكة الوطن منذ ظهور حركة (ليقلي) المناضلة للاستعمار ، فالفتاة و السيدة والام التي حركت و جمعت ونسقت وحاربت وقُتلت لم تُكافئ بعد التحرر إلا بسماح للمحظوظات منهن بزيارة الرئيس دون أذن مسبق أو انتظار طويل ، فقد نًسي حظها من كُتب التاريخ المدرسي، وسقط حضورها من دوائر أتخاذ القرار، وحُرمت من تزعم المناصب السياسية والسيادية المهمة ، وتوج نضالها المنصف والعادل مع الرجل بتجاهل مع تقادم الزمن ، و اظهار الجهاد الوطني كله بانه من صنع رجل في وطن رجل لمستقبل رجل دون أن يرف لهم جفن الخجل بأنهم بذلك قتلوا أمل النساء وخانوا عهد الشُركاء ، ومزقوا وثيقة الوفاء مُعلنين معها نهاية حقبة الاستعمار الاجنبي وبداية تهميش الجاهلي لشريكة الوطن والتي لم تنجو منه إلا في عهد الثورة العسكرية وبعدها اُدخلت في دوامة أثبات وجودها الشرعي في وطن هو خليط جدلي بين ما هو عربي وافريقي وبدوي وريفي و قبلي مصر و مقر في موقف واضح وحازم على اقصاء نسائه .
و هذا الاقصاء الذكوري قابله تحدي نسوي مكافح يشتعل حماساً مليء بإشعارات ، متلحف بالأبيات والامثلة المنصفة لها ومع ذلك فشلت المرأة مرة بعد آخر في قطف ثمار نضالها بل ازدادت عزلة وإبعاد وانحياز أكثر للرجل نتيجة للأبعاد الاجتماعية والمصالحة السياسية والموروثات الفكرية التي تضع المرأة في قوالب ضيقة و مجحفة تعمل على عرقلة مشروعها ، و يُسند ايضاً الفشل المرأة الصومالية إليها وذلك للأسباب التالية :
1/ عدم وجود عقيدة سياسية موحده للنساء :
لا تمتلك حركة النضال النسوي في الصومال أرضية علمية صلبه يمكن أن تنطلق منها بشكل ممنهج لصياغة أهداف وغايات تتفق عليها الأجيال المتعاقبة وتؤمن بها وتحارب من اجلها ، فالمتتبع لصوت النسوي الصومالي لا يستطيع أن يُمسك بخيط فكري فلسفي واضح ، فهي خليط من كل شيء تطمح إلى أعلى شيء دون متانه معرفيه وفكرية عميقة ، فاعتمادها على تجارب الأشخاص واستحضار سجل الذكريات لا يصنع نضال مثمر .
2/ غياب الفكر التنظيمي بين النساء :
العمل النسوي في الصومال أشبه بمجلس اللوردات ، أميرات متنافسات ، ليس هناك خط تنظيمي ولا تسلسل هرمي، و لا أجندة واضحه ، و لا مهام أوليه واخرة متأخرة ، الكل بجوار الكل ، والصوت يغطي على الصوت الآخر ، والعمل مشتت ورؤيا وأن تبدو موحده فهي جوهرها مبهمة و مجزئة .
3/ وجود العنصر الاجنبي :
كأي عمل نضالي يحتاج إلى دعم معنوي و مادي ، وكون الثقافة السائدة تتحفظ على دعم السياسي للمرأة الصومالية و بطبيعة الحال لا تدعمه بشكل المطلوب مما يفتح المجال للتدخل الاجنبي سواء بال احتوى الكامل أو بالتلميح من بعيد وفي كلتا يُزيد ذلك توجس المجتمع الصومالي من المرأة وسلامة مطالبها واستقلالية صوتها .
4/ الانقطاع وعدم الاستمرار :
على من رغم الصخب الذي يصاحب مؤتمرات التي تُعقد بخصوص المرأة الصومالية إلا نها تكون غالباً قبل الانتخابات او الاحداث السياسية بفترات قصيرة ، وهذه الاوقات المضغوطة والمعدودة لا تأتي بحقوق طويلة الأجل ، بل تصور تلك المطالب بأنها مطالب غير جدية لا تؤخذ بمحمل الجد لأنها تطفوا وتختفي .
وأخيراً أن فشل حركة النضال النسوي السياسي في الصومال يحتاج إلى دراسات بحثيه عميقة وفتح باب النقد الحقيقي لحقوق المراة مالها و ما عليها مما يساعد على وقف هذه المهزلة السياسية للمرأة الصومالية والتي قد تدفعها إلى التطرف الفكري والاعداء النفسي لمجتمعها الرافض .

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى