الصراع بين القوى العظمى: الحرب الصومالية الإثيوبية (1977-1978)


كاد الصراع بين الصومال وإثيوبيا أن يسبب عام 1977 حربا عالمية ثالثة بعد أن رفض الرئيس الصومالي الأسبق الجنرال محمد سياد بري المبادرة  الروسية لحل النزاع الحدودي بين البلدين وأعلن الحرب على إثيوبيا لاستعادة اقليم الصومال الغربي.
فالصراع الصومالي -الاثيوبي أزلى وقديم ويعود إلى ما قبل بداية الاستعمار الغربي، وإلى عهد المماليك الصومالية التي كانت تحاول  بسط حكمها وسيطرتها على منطقة الشرق الإفريقي لتصبح وكيل الخلافة العثمانية في تلك المنطقة ، ولتحقيق هذا الهدف، كان لا بد من المواجهة مع إثيوبيا التي كانت بدورها تسعى إلى السيطرة على تلك المنطقة لتكون وكيلا للدعاة الصليبيين ومساعدتهم على الانتشار  في شرق إفريقيا .
في تلك الوقت دارات العديد من الحروب بين البلدين وكانت الصومال تنتصر في أغلب تلك الحروب واستطاعت السيطرة على بلدان كثيرة في المنطقة، حتى وصل جيشها إلى هضبة (شوا) حيث تقع عاصمة إثيوبيا الحالية، الأمر الذي أدى إلى تأجيج  روح الكراهية والنعرة لدى الإثيوبين، وتوالي الهجمات الصليبية ضد القوى الإسلامية في القرن الإفريقي وخصوصا إثر ارسال ملك الحبشة رسالة الى الكنيسة الغربية مطالبا منها يد العون من أجل تخليص المسيحيين من ظلم المسلمين في منطقة القرن الافريقي.

كان عام 1885 بداية دخول الاستعمار الى منطقة القرن الافريقي، في تلك الفترة احتلت بريطانيا، منطقة شمال الصومال وأنشأت قاعدة عسكرية فيها لتأمين طريقها الى جنوب اليمن وأطلقت عليها اسم الصومال البريطاني. وفي ذات الفترة تقريبا، اتخذت فرنسا خطوة مماثلة واحتلت جزءا من الأراضي الصومالية والمعروف حاليا بإسم جيبوتي. أما ايطاليا لم تنتظر طويلا حتى لحقت بالركب وأخذت نصيبها من الكعك واحتلت جنوب الصومال .

لم تكتف إيطاليا بالمناطق الجنوبية ، بل فقد حاولت احتلال أكبر رقعة من دولة الصومال الكبرى وتمكنت من احتلال منطقة الصومال الغربي وضمها إلى مستعمرتها الجديدة.
وعندما هزمت ايطاليا في الحرب العالمية الثانية، سقطت معظم مناطق الصومال تحت حكم الاستعمار البريطاني بما فيها منطقة الصومال الغربي ولكن وقعت المصيبة الكبرى عندما أهدت بريطانيا تلك المنطقة لإثيوبيا على رغم من كون سكانها صوماليين ، ولذلك صارت تلك المنطقة بؤرة صراع محتدم بين الصومال واثيوبيا وقنبلة قابلة للانفجار في أية لحظة.
في عام 1960 تحررت منطقتا جنوب وشمال الصومال من قبضة المستعمر ثم قررا الاتحاد وإنشاء جمهورية صومالية موحدة.  وبعد  استقرار الحكم للدولة الصومالية الوليدة، قررت الصومال استعادة باقي أراضيها المحتلة من قبل إثيوبيا وخاضت حروبا كثيرة في سبيل استعادة تلك الأراضي.
في عام 1977 كادت أن تقوم الحرب العالمية الثالثة في منطقة القرن الافريقي وكانت هذه السنة بداية دموية بين الصومال وإثيوبيا وكان الاتحاد السوفييتي يحاول ثني الصومال عن هذا القرار وفتح باب المفاوضات مع الجارة اثيوبيا الأ ان الصوماليين رفضو المفاوضات وأصروا على استعادة أراضيهم بأي ثمن وأعلن رئيس الصومال وقتها الجنرال محمد سياد بري الحرب على اثيوبيا وفي فترة وجيزة تمكن الجيش الصومالي من تحرير منطقة الصومالي الغربي، واستعادة الاراضي المحتلة من قبل اثيوبيا.
ومع نشوة الانتصار، أمر جنرال سياد بري قواته بالزحف الىنحو عاصمة اثيوبيا (أديس أبابا) الأمر الذي أثار حفيظة الاتحاد السوفييتي فقرر الانحياز إلى جانب إثيوبيا ومساعدتها في ايقاف تقدم القوة الصومالية نحو العاصمة، وارسال قواته الى الأراضي الإثيوبية ، وفتح جسر جوي بين روسيا واثيوبيا يمكنها من تقديم المساعدات وارسال المدرعات وآلات الحرب الحديثة وذلك لانقاذ الحليف الجديد (اثيوبيا) من هزيمة الجيش الصومالي ، وساعد الجسر الجوي في نقل الجيش اليمني الجنوبي والجيش الكوبي الى منطقة الصراع وانضمامهم الى القوات الروسية في أثيوبيا .
ردت الصومال موقف الاتحاد السوفييتي بحزم وقررت قطع العلاقات معه وطرد دبلوماسييه ومستشاريه العسكريين من أراضيها والانتقال إلى المعسكرى الأمريكي ونجحت في الحصول على دعم  كل من  مصر،  والعراق ، وباكستان، والصين ، والولايات المتحدة، وكانت الأخيرة تزود الجيش الصومالي بالسلاح باموال خليجية وبتدخل هذه الدول كادت هذه الحرب أن تكون بداية لحرب عالمية ثالثة غير أن غيوم الحرب تبددت بعد انسحاب الجيش الصومالي الى حدود بلاده المعترف بها دوليا، واقراره بهزيمته امام الاتحاد السوفييتي والجيش الاثيوبي المدعوم من قبل دولة جنوب اليمن، وكوبا ، وليبيا، والاتحاد السوفيتي.

عبد السلام شيح عبد الواحد

طالب فى كلية الطب ويهتم بالتاريخ والسياسة
زر الذهاب إلى الأعلى