التغيّر المناخي وأثره على الإنتاج الزراعي في الصومال

ازداد في الآونة الأخيرة الحديث عن التغيّر المناخي العالمي لما له من آثار واضحة في سير الحياة الطبيعية على هذا الكوكب، وعليه فإنّنا نتناول في هذه الأسطر واقع التغير المناخي في الصومال وما يتركه من آثار على الحياة فيه، وخاصة الحياة الزراعية باعتبارها أكثر أصعدة الحياة صلة وتأثرا بالمناخ وأحواله. وفي مستهل حديثنا نتعرف على مفهوم التغيّر المناخي وما يشير  إليه، فهو كغيره من المصطلحات العلمية لا يوجد تعريف موحد خاص له، إلاّ أن هناك عدة تعاريف حوله نذكر منها التعريف الّذي ورد في دراسة لروان عوني نشر على موقع موضوع. كم في 10/إبريل/2018م، والذّي جاء فيه: “تغير المناخ (بالإنجليزية: climate change) هو التغيير الحاصل في الخصائص الإحصائية للنظام المناخي، والذي يستمر لعدّة عقود لا تقلّ عن ثلاثين عاما، ويتضمّن هذا التغيير اختلافاً في الطقس والطبيعة المتمثّلة في المحيطات، وأسطح اليابسة، والصفائح الجليدية” .

يتّضح لنا من هذا التعريف للتغيّر المناخي أنّه يشمل كلّ التغيّرات التي تطرأ على الطبيعة المناخية المتعارف عليها باختلاف المواسم والفصول، مثل ارتفاع درجات الحرارة المعتادة عليها وانخفاضها، التغيّرات التي تطرأ على نظام هطول الأمطار سواء من حيث زيادة كمية المياه ومايتبعها من سيول وفيضانات، أو نقصانها وانعدامها في بعض المواسم وما يتبعها من قحط وجفاف، كلّ هذا يعدّ من مظاهر التغيرّ المناخي. وبناءً على هذا فإنّه يمكن الجزم أن الصومال لها نصيب من التغيّر المناخي، حيث يعاني المزارعون -الّذين يعدّون المتضرر الأكبر من التغيّر المناخي- يعانون من السيول والفيضانات تارة، ومن القحط والجفاف تارة أخرى.

وتتعدّد الأسباب التي تؤدي إلى تغيّر المناخ وتختلف من مكان لآخر، إلاّ أن البيئيين يصنفونها في الغالب إلى صنفين رئيسين هما: أسباب طبيعية، وأخرى بشرية، فمن الأسباب الطبيعية التي تؤدّي إلى التغيّر المناخي: ثوران البراكين التي تتسبب في حدوث ظاهرة الاحتباس التي تعدّ نوعا من أنواع التغيّر المناخي، حيث أن الدّخان المصاحب للبراكين يساهم في زيادة الاحتباس الحراري، ومن الأسباب الطبيعية للتغيّر المناخي أيضا الأشعة الكونية الناجمة عن انفجار بعض النجوم حيث تضرب الغلاف الجوي العلوي للأرض وتؤدي لتكون الكربون المشع.

ومن الأسباب البشرية المؤدّية إلى التغيّر المناخيّ: حرق الوقود الأحفوري للنقل ولتوليد الكهرباء وإنشاء المصانع الكبيرة حيث أنّ الغازات المنبعثة من هذه الاستخدامات يساهم في تلويث الهواء مما يعني المساهمة في التغيّر المناخي. ويعدّاستخدام التكنولوجيا الزراعيةسواء كانت متمثلة في الأسمدة الكيميائية، أو في إزالة الغابات وقطع الأشجار التي تعدّ أكبر مصدر لامتصاص غازات الاحتباس الحراري، من الأسباب البشرية الرئيسية للتغيّر المناخي

أماّ الآثار المترتبة على التغيّر المناخي بوجه عام فمنها مايأتي:

  1. ارتفاع درجات الحرارة: حيث أنّ أكبر قضية تشير إلى وجود تغيّر مناخيّ هو ارتفاع درجات الحرارة، والذي ينتج غالبا عن عمليات التصحر وقطع الأشجار، وكذلك الغازات المنبعثة من المصانع ووسائل النقل والمواصلات.
  2. انخفاض كمية هطول الأمطار، وما يترتب على ذلك من انخفاض للإنتاج  الزراعي: إن الأمطار هي المصدر الأساسي للإنتاج الزراعي، فإذا انخفضت كمية الأمطار المعتادة ترتب على ذلك انخفاض الإنتاج الزراعي، وبذلك يكون انخفاض الأمطار الذي هو تغير مناخي قد أثّر على الزراعة.
  3. نفوق الحيوانات بسبب قلة المراعي و انعدامها: إن التصحر والجفاف الناجم عن قلّة الأمطار يؤدّي إلى نفاد المراعي مما يؤدّي إلى هلاك الماشية ونفوقها.

وإذا نظرنا إلى التغيّر المناخي وأثره على الزراعة الصومالية فإنّه يمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:

  1. اختلال الإنتاج الزراعي في الصومال: إن الاختلال الحاصل في المناخ نتيجة التغيّر المناخيّ في الصومال نتج منه انخفاض معدّلات المحاصيل الزراعية، إذ أنّ معظم العمليات الزراعية في الصومال تعتمد على الأمطار، فمتى حدث خلل في نظام هطول الأمطار يستتبعه تغيّر في الإنتاج الزراعي، وتعدّ كوارث القحط والجفاف والفيضانات التي تتابعت في الصومال وأدّت إلى انحسار الزراعة وإنتاجها تجسيدا لآثار التغير المناخي في الصومال.
  2. انحسار مساحة الأراضي الزراعية والمزارعين: إن القحط والجفاف الناتج عن انعدام الأمطار في مواسمها أدّى إلى أن يعزف بعض المزارعين عن الزراعة ويهاجروا من أريافهم إلى المدن بحثا عن لقمة عيشهم طالما أن مزارعهم أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجاتهم الضرورية للعيش، مما أدّى إلى خراب الأراضي الزراعية المهجورة لفقد من يهتم بها ويتعهّدها بالزرارعة.
  3. ندرة بعض المحاصيل الزراعية: إن بعض المحاصيل الزراعية موسمية، فإذا أثّر تغيّر المناخ في موسم زراعتها أو حصادها فهذا يؤدّي إلى ندرة هذا المحصول وانعدامه إذا استمرّ الأمر على ذلك، إذ أنّ الندرة تستدعي تضخّم الأسعار والّذي يجبر بعض الشرائح أن تتخلّى عن هذه المحاصيل لغلائها،  مما يُحبط المزارع ويضطرّه إلى أن يتخلّى بدوره عن زراعة هذه المحاصيل.

تلك هي أهمّ الآثار الزراعية الناجمة عن التغير المناخي في الصومال. ومن الواضح أنها تشكّل تهديدا حقيقيًّا لمستقبل قطاع الزراعة كأحد أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، وتفادي تلك المخاطر مرهون بطريقة تعامل الجهات المسؤولة مع التغيّرات المناخية في الصومال، ومدى تأكيدها الحفاظ على البيئة الطبيعية ومحاولة الاستفادة من النظم الحديثة لمعالجة التغير المناخي؛ حيث إن الحفاظ على البيئة الطبيعية والمتمثّلة في النباتات والأشجار الطبيعية يساهم في مواجهة التغير المناخي، فقطع الأشجار للاستفادة منها في أمور أخرى يؤدّي إلى التصحرّ مما يعني أن بابا من التغير المناخي قد انفتح بسبب قطع الأشجار وحرقها.

كما أنّ التّغيّر المناخي أصبح مشكلة أو قضية عالمية تتطلب من الجميع حلاّ جذريا وإيجاد آليّة مثلى للتعاطي معها. وهناك مؤتمرات واتفاقيات حول ظاهرة التغيّر المناخي، لذلك ينبغي الإلمام بتوصيات المؤتمرات ومقررات الاتفاقيات الدولية التي تساعد على إيجاد طريقة للتخفيف من آثار التغيّر المناخي.

عمر محمد معلم حسن

الكاتب عمر محمد معلم حسن باحث أكاديمي وكاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى