دور الحاضنات في تنمية النسيج الاقتصادي والصناعي

تلعب حاضنات الأعمال بأنواعها المختلفة أدواراً متباينة مبنية على الدور الأساسي من خلال كونها وسيلة لدعم المشروعات الجديدة، حيث أثبتت نجاحاً كبيراً في رفع نسب نجاح هذه المشروعات الناشئة. وقد وصلت نسبة نجاح المشاريع الجديدة المقامة داخل الحاضنات إلى (88%) مقارنة بنسبة النجاح التقليدية المنخفضة لهذه المشروعات بصفة عامة.

ومن بين الأدوار التي يمكن للحاضنة أن تلعبها نجد الآتي:

1. تشجيع خلق وتنمية المشروعات الصغيرة الجديدة:

إن دعم المشاريع الناشئة ورفع فرص نجاحها هي الوظيفة الأولى للحاضنات، وتتم من خلال توفير جميع أنواع الدعم المالي والإداري والتسويقي ورعاية المشروعات الجديدة في مرحلة البدء والنمو، وتسهيل بدء المشروع والتوصل إلى شبكة دعم مجتمعي، وإقامة مجموعة من الخدمات الداعمة والمتميزة مثل الجودة وقاعدة للمعلومات الفنية والتجارية ووحدات للاختبارات والقياس لخدمة المشروعات داخل وخارج الحاضنة، ويمكن للحاضنات تقديم هذه الخدمات للمشروعات التي تنفذ بداخلها أو تلك المنتسبة إليها من خارج الحاضنة.

كذلك تقيم الحاضنة خدمات للمشروعات المحيطة بها عن طريق ربط المؤسسات والجهات المختصة بالمشروعات الصغيرة بها. والعمل على تنميتها والتسويق للمنتجات والخدمات التي تقدمها، وأيضاً من خلال تبني المشروعات القائمة على التكنولوجيا والمرتبطة بالجامعات ومراكز البحوث والعمل على تغذية المشروعات الصغيرة الوليدة في موقعها.

2. تنمية المجتمع:

تنمية وتنشيط المجتمع المحلي والمحيط بالحاضنة، من حيث تطوير وتنمية بيئة الأعمال المحيطة بها، وإقامة مشروعات في مجالات تنمية هذا المجتمع المحيط، وجعل الحاضنة نواة تنمية إقليمية ومحلية، ومركز النشر روح العمل الحر لدى جموع الشباب والراغبين في الالتحاق بسوق العمل.

وفي دراسة عن التأثيرات التي نتجت عن إقامة الحاضنات التكنولوجية في البرازيل، وخاصة تقييم الأثر الاجتماعي ودورها في تنمية المجتمع ونوعية رجال الأعمال الذين تخرجوا من الحاضنات، والتي يرجع تاريخ إنشاء أول حاضنة فيها إلى عام 1984 حيث توضح الدراسة التي أجريت على 62 حاضنة، وهي الحاضنات العاملة فعلياً في البرازيل، أن الشركات المقامة داخل الحاضنات ينقسم أصحابها من حيث النشأة إلى أربعة أقسام:

-33% من هذه المشروعات أقامها أفراد تركوا القطاع الحكومي.

-33% من هذه المشروعات أقامها أعضاء هيئة التدريس وطلاب عاملون بالجامعات.

-17% من هذه المشروعات أقامها أفراد خرجوا من القطاع الخاص البرازيلي.

-17% من هذه المشروعات أقامها أفراد جاءوا من الشركات التي رعتها واحتضنتها الحاضنات من قبل وتركوها لإقامة مشروعات خاصة بهم (Spin-off).

من خلال هذه الاحصائيات يمكن استخلاص الدور التنموي الحيوي الذي تقوم به الحاضنات، من حيث الإسراع بدمج وإعادة إدخال الأفراد في مشروعات من خلال تأثيرها كعامل وحافز لإقامة المشروعات وخاصة تلك المشروعات المبنية على التكنولوجيات العالية.

3. دعم التنمية الاقتصادية:

تستطيع الحاضنة تمكين المدينة أو الأقاليم التي تقام فيها من تحقيق معدلات عالية لإقامة أنشطة اقتصادية جديدة بالإضافة إلى تحقيق معدلات نمو عالية للمشروعات المشتركة بالحاضنة، وذلك من خلال العمل على تسهيل توطين وإقامة عدد من المشروعات الإنتاجية أو الخدمية الجديدة في هذه المجتمع، هذه المشروعات الجديدة تعتبر في حد ذاتها إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية لهذا المجتمع، حيث أن هذه الشركات تقوم بدفع الضرائب والرسوم وتنشيط عمليات الإنتاج والتصدير والتوريدات، وكلها عمليات تدر موارد مالية على ميزانيات الدول وتفيد ومن ثم المجتمع، ونذكر مثالاً على هذه التنمية الاقتصادية للمجتمعيات، تجربة ولاية ميريلاند الأميركية حيث أقامت الولاية شبكة من الحاضنات تتكون من ست حاضنات مختلفة التخصصات، بدأ العمل في أحدثها في ديسمبر عام 2000 وبعد أقل من عام على بدء تشغيل هذه الشبكة كانت المشروعات التي تمت إقامتها من خلال هذه الحاضنات قد أدت إلى إضافة مبلغ 96 مليون دولار أمريكي إلى خزانة الضرائب في الولاية، وتقدر القيمة الكلية لفرص العمل التي تستطيع أن تخلقها هذه الشبكة حوالي 2400 فرصة عمل جديدة ودائمة للمواطنين داخل الولاية.

4. دعم التنمية الصناعية والتكنولوجية:

تركز الحاضنات التكنولوجية على رعاية وتنمية الأفكار الإبداعية والأبحاث التطبيقية والعمل على تحويلها من مرحلة البحث والتطوير إلى مرحلة التنفيذ، من خلال إقامة مشروع صغير، وتعظم بذلك دور المشروعات الصغيرة التكنولوجية كأحد أ÷م آليات التطور التكنولوجي من حيث قدرتها الفائقة على تطوير وتحديث عمليات الإنتاج بشكل أسرع وبتكلفة أقل كثيراً على الشركات الضخمة ذات الاستثمارات العالية، وإقامة حاضنات تكنولوجية متخصصة في قطاعات محددة تعمل على تسهيل نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة والمتطورة،

والتركيز على تنمية تكنولوجيات هذه القطاعات، مثال على ذلك إقامة حاضنات للمشروعات المتخصصة في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لتنشيط قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأحد الأقاليم، هذه الحاضنة تعمل على “تفريغ” عدد من المشروعات الجديدة المتطورة في هذا القطاع، كذلك لجميع القطاعات التكنولوجية المتطورة مثل تكنولوجيا المواد الجديدة والتكنولوجيا الحيوية (Bio-Technology) .. الخ، وتذكر الاحصائيات أن 27% من مجموع حاضنات الأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية ترتبط بالجامعات والمعاهد التعليمية بينما تصل هذه النسبة في الصين إلى أكثرم ن 95%، فالحاضنة تلعب من خلالها الدور المحوري كقناة ربط بين الصناعة والبحث العلمي.

وكمثال على قدرة الحاضنات في التنمية التكنولوجية قد قامت إسرائيل بتطوير قطاع التطبيقات والأبحاث والتكنولوجيا العالية في مجالات التكنولوجيا الحيوية والاتصالات والمعلومات عن طريق حاضنات المشروعات والحدائق الصناعية وارتفعت صادراتها من المنتجات التكنولوجية من نصف بليون دولار عام 1990 إلى 7 بليون دولار عام 1997، والتي تمثل ثلث صادرات إسرائيل، ويرجع تاريخ مبادرة الحكومة الإسرائيلية لإقامة الحاضنات التكنولوجية ومبادرة تمويل الشركات الجديدة “Yozma” إلى عام 1992 وفيما يلي بعض من نتائجها حتى نهاية عام 1998:

-تمت إقامة مائة شركة صغيرة جديدة إسرائيلية تم تسجيلها في بورصة الشركات.

-بلغ رأس مال هذه الشركات 65 مليار دولار.

-مجالات التكنولوجيات الجديدة تمثل 75% من النشاط الاقتصادي الإسرائيلي و45% من الصادرات.

-هناك 102 شركة إسرائيلية مسجلة في بورصة نيويورك (أمام 8 شركات فرنسية فقط).

5. دعم تنمية الموارد البشرية وخلق فرص عمل:

تنمية مهارات وروح العمل الحر  القدرة على إدارة المشروع تمثل أهم تأثيرات وجود حاضنات الأعمال في أي مجتمع بالإضافة إلى العمل على خلق فرص عمل دائمة/ غير دائمة، مباشرة/ غير مباشرة، من خلال الشركات التي تساعد الحاضنات في إقامتها وتنميتها، وتذكر الإحصائيات أن 75% من فرص العمل في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1979 نتجت عن 10% من المؤسسات الصغيرة، ومثال آخر يوضح أنه قد أتم خلق 26 ألف فرصة عمل جديدة من خلال 78 حاضنة مشروعات فقط في دول مثل جمهورية التشيك، واستطاع برنامج حاضنات المشروعات في خلق 440 شركة ومؤسسة جديدة ناجحة.

كذلك أوضحت دراسة حديثة أجرتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أن هناك مليار وظيفة جديدة سوف يتم خلقها في الفترة ما بين عام 1995 وعام 2005 وسوف تكون من نتاج الشركات الصغيرة فقط، بينما تظهر هذه الدراسة أن غالبية هذه الشركات من المشروعات منخفضة التكنولوجيات، نجد أن أعلى معدلات النمو الاقتصادي والقيمة المضافة تميل إلى صالح المشروعات التكنولوجية، والتي سوف تشكل مصدراً رئيسياً من مصادر النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في الألفية الثالثة.

6. العمل على حل مشكلة محددة:

قامت عدة دول حديثاً بتوظيف حاضنات الأعمال في مجابهة مشكلات اقتصادية أو صناعية أو اجتماعية محددة، وتذكر Barbara Harley المديرة التنفيذية للجمعية الأمريكية للحاضنات (NBIA) أن حاضنات الأعمال المتوسطة يمكن أن تستخدم كي تساهم في حل مشكلة محددة مثل مشكلة فقد عدة كبير من الوظائف في حالة إغلاق أو تغير نشاط شركات ضخمة، (وتظهر هذه المشكلة بوضوح أثناء عمليات خصخصة القطاع المملوك للدولة مثلاً) ويمكن لنا أن نتذكر مثالاً قريباً على ذلك وهو انهيار شركة الطاقة الأمريكية الشهيرة (إنرون) العام الماضي

والذي أدى إلى فقدان أكثر من 30 ألف وظيفة في أقل من شهر، هذه المشكلة لا تظهر فقط عند إغلاق مصنع أو شركة ولكن أيضاً عن إغلاق قاعدة عسكرية أو وجود وحدات إدارية غير مستغلة، أو أفول أحد المناطق الصناعية وهبوط النشاط التصنيعي أو التجاري بها، ومحاولة إحياء هذه المناطق من خلال خلق مشروعات جديدة تنتج عن وجود هذه الحاضنات.

ونذكر أحد الأمثلة على مساهمة حاضنات الأعمال المتوسطة في حل مشكلة محددة، فقد أقامت هيئة اليونيدو بالتعاون مع الحكومة الباكستانية أحد التجاري الرائدة في مجال الحاضنات، حيث تمت إقامة حاضنة خاصة بالضباط والعسكريين الذين تتم إحالتهم إلى المعاش،

حيث تهدف الحاضنة إلى استيعاب هؤلاء الضباط الذين عادة ما يخرجون من الخدمة في الأربعينيات من العمر، حيث يتم تدريبهم على المهارات الأساسية لإدارة المشروعات وتشجيعهم على إقامة شركات جديدة يستغلون فيها خبراتهم المكتسبة أثناء الخدمة العسكرية، وتأتي هذه الحاضنة بالتعاون مع هيئة (AWT) الباكستانية وهي هيئة أقيمت في أعوام السبعينيات لتنمية الخدمات المقدمة إلى الضباط المحالين إلى المعاش وعائلاتهم، وقد تمت إقامة حاضنة Askan commercial enterprise incubator في عام 1996، وقد تقدم لها حوالي 130 شخصاً للتدريب وقام 24 فرداً منهم فعلاً بالبدء في إقامة مشروعات جديدة بالحاضنة.

زر الذهاب إلى الأعلى