متى ستعيد المملكة العربية السعودية فتح سفارتها في مقديشو ؟

لم تترد المملكة العربية العربية السعودية يوما من الوقوف إلى جانب الشعب الصومالي في محطاته التاريخية التي مر بها ونقاط تحولاته المختلفة. ساند ملوك وأمراء المملكة الشعب الصومالي في كفاحه ضد الإستعمار ومن أجل نيل الحريه والاستقلال، ودعموا مواقفه حيال النزاع الحدودي مع  بعض دول الجوار، لقد زار الملك فيصل الصومال مهنئا الصومالين قيادة وشعبا بنيل استقلالهم وحرتهم، ومشاركا في أول قمة اسلامي تعقد في العاصمة الصومالية مقديشو ، في حين سخر الملك خالد بن عبد العزيز جميع الإمكانيات من اتخاذ موقف جماعي عربي لإيقاف العدوان الأثيوبي على الصومال،  فقد دعا الملك خالد جامعة الدول العربية إلى الوقوف بجانب مقديشو في محنتها والاعتناء بها وتقديم المساعدة الفعالة والسريعة كواجب يحتمه الدين وتفرضه الأخوة العربية، ولم يكتف الملك خالد بالتصريحات المنددة وانما وجه حكومته بدعم الصومال عسكريا. وقال في رسالة بعثها إلى الأمين العام للجامعة العربية  الأسبق محمود رياض أن المملكة السعودية قد قامت من جانبها بمساعدة الصومال ماديا ومعنويا.

كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول العربية التي نهضت ولبت نداء الاستغاثة عندما اندلعت الحرب الأهليه في الصومال وأعلنت وقوفها إلى جانب الشعب الصومالي فأمر الملك فهد بإسال  القوات السعودية إلى الصومال  للمشاركة في عملية اعادة الأمل وساهمت بقوة في ايصال المساعدات الغذائية إلى المتضررين جراء المجاعة والحروب في مختلف الاقاليم الصومالية.

 خلال السنوات القليلة الماضية، لعبت المملكة دورا كبيرا في تسهيل وانجاز عدد من مؤتمرات المصالحة بين الفرقاء السياسيين الصوماليين ودفعت من أجل تحقيق ذلك ملايين الدولارت ونذكر هنا على سبيل المثيال لا الحصر رعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 2007  توقيع الحكومة الانتقالية الصومالية وزعماء العشائر الصومالية على نتائج مؤتمر المصالحة الوطنية في قصر المؤتمرات بمدينة جدة. وأتى هذا التوقيع تتويجا لنتائج مؤتمر المصالحة الوطنية الذي عقد خلال مدة شهر ونصف في العاصمة الصومالية مقديشو برعاية كريمة من المملكة العربية السعودية.

 لم يقتصر الدعم السعودي للصومال على الجانب السياسي وانما شمل ايضا الجانب الإقتصادي، والثقافي، والانساني، حيث ظلت المؤسسات الرسمية السعودية والمنظمات الخيرية رافدا من روافد دعم الجهود الإنساني والتنموي في الصومال. لقد منح الصندوق السعودي للتنمية خلال السبعيات والثمانيات قروضا بملايين الريالات للصومال من بينها قرضا بقيمته 35 مليون وثلاثمائة ألف ريال سعودي لتمويل الجامعة الوطنية في الصومال. وكان هذا القرض جزاء من مجموع القروض التي قدمها الصندوق السعودي للتنمية للصومال في ذلك الوقت والبالغ عددها حوالي 289 مليون، 200 ألف ريال سعودي. كما مولت المملكة العربية السعودية مشروع مركز التضامن الاسلامي في قلب العاصمة مقديشو والذي اكتمل بناؤه في 30 رمضان عام 1396هـ . ويتكون المركز من مسجد جامع ومعهد ملحق به، وبلغت تكلفته (5.800.000) ريال. وكذلك شاركت المملكة بقوة حملة التعريب والخطة الخمسية الأولى لهذا المشروع الذي انطلق في الصومال عام 1980.

وفي الأعوام الأخيرة، قامت الحملة الوطنية السعودية لإغاثة الشعب الصومالي  بتفيذ مشاريع متنوعة في عدد من الاقاليم والمناطق الصومالية بتوجيهات من ملوك وأمراء المملكة العربية السعودية لتخفيف معاناة الصوماليين نتيجة موجات الجفاف والمجاعة.  وتلقت الصومال عام 2012 مساعدات تنموية وانسانية من المملكة بقيمة 72 مليون دولار، و300 ألف دولار عام 2013 لمكافحة القرصنة وقد أعلن وزير المالية الصومالية عبد الرحمن دعالي بيله هذا العام عن تلقى الصومال مساعدة مالية قدرها 50 مليون دولار لدعم ميزانية الدولة.

وانطلاق من هذه العلاقة التاريخية والوطيدة بين المملكة والصومال يتساءل كثيرون،  ما إذا ستغير المملكة العربية السعودية التي ظلت منذ نشأتها صديقا وفيا للصوماليين موقفها تجاه الصومال بشكل جذري نظرا لأهمية موقعه الجغرافي ودوره الضروري في تحصيين الصف العربي، ودعم التكامل السياسي والاقتصادي بين الدول العربية والاسلامية؟ وهل ستقوم المملكة بخطوات جريئة ،مثل اعادة فتح سفارتها في الصومال  لتعزيز دورها في هذا البلد الإفريقي الواقع في الشط الجنوبي من البحر الأحمر  ورفع مستوى مشاركتها في الجهود الجارية لإعادة بناء مؤسساته الوطنية وتخليصها من الفوضى السياسية وبراثين الحركات المتشددة ؟ وهل يدل  ما يقوم به ممثل خادم الحرمين الشريفين  لدى الصومال وكينيا، معالي السفير محمد عبد الغني الخياط هذه الأيام في الصومال من تنفيذ مناشط دعوية لتوعية الشباب الصومالي ومنعه من الانزلاق إلى هاوية التطرف على أنه أول الغيث؟

زر الذهاب إلى الأعلى