دور الإمارات في القرن الإفريقي… السلام والأمن لتحقيق التنمية الشاملة

تضع  دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عقود كل ثقلها على تعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع منطقة القرن الإفريقي، سواء عبر  استثمارات بملايين دولارات لدعم التنمية الاقتصادية والتكامل الاقليمي في دول المنطقة أو من خلال المشاركة الفعالة والإيجابية في الجهود الدولية والإقليمية لإخماد الصراعات الداخلية أو احتواء  النزاعات التاريخية بين بلدان المنطقة كالحرب الأهلية في الصومال والصراع الإثيوبي الإريتري  باعتبارها جزءا لا يتجزؤ من الأمن القومي الخليجي ولارتباطها بازدهار العالم العربي.

 لقد حققت جهود  الامارات نجاحا كبيرا في انهاء عدد من الصراعات في المنطقة وكان آخرها  القطيعة بين إثيوبيا واريتريا  وابعاد الاقليم من شبح حروب جديدة ، وتحسين الوضع المعيشي لسكان عدد من بلدان  شرق إفريقيا بالإضافة إلى تخفيف ضغوط اقتصادية ظلت تتعرض لبعض هذه الدول منذ أمد بعيد وإفشال مشاريع تدميرية كانت تنوي قوى اقليمية لاستهداف البنية الاجتماعية لشعوب المنطقة.

خلال العقدين الماضيين، قامت الإمارات بحركات سياسية منقطة النظير أثبتت قوتها الدبلوماسية وساهمت في دعم الاستقرار ومكافحة الاٍرهاب والقرصنة والجهود التنموية  والمصالحة بين اريتريا وإثيوبيا وهي الآن تكاد تخطف ثمارها  حيث أصبحت شريكا مقدرا في القرن الإفريقي، ومتصدرة الحضور العربي في هذه المنطقة.

في ارتيريا، بدأ دور الإمارات في ارتيريا يتشكل  منذ زمن بعيد عبر دعم كفاح الشعب الإرتيري من أجل الاستقلال وهي تعتبر حاليا واحدة من أكبر خمس دول مانحة لارتيريا وتستأجر قاعدة بحرية في ارتريا تشكل لشبكة قواعد بحرية على المناطق الساحلية في القرن الأفريقي .

وفي يونيو عام 2012، أبرم صندوق أبوظبي للتنمية مع إريتريا اتفاقية قرض بقيمة 183 مليون درهم للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية وحيوية تخدم اقتصاد البلاد. وكان للمستشفى الإماراتي الميداني الإنساني العالمي المتنقل، دور كبير في توطيد أوجه العلاقات بين الإمارات وإرتيريا، حيث نفذ المستشفى برامج علاجية وإنسانية بشراكة مع وزارة الصحة الإرتيرية وتحت إشراف حملة العطاء الإنسانية لعلاج مليون طفل ومسن وبمشاركة نخبة من كبار الأطباء والجراحين من مختلف دول العالم.

 وفي 24 يوليو عقد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، اجتماعا مع رئيس وزراء إثيوبيا، أبي أحمد، والرئيس الإريتري، إسياس أفورقي، وذلك بعد أقل  من أسبوعين على توصل إثيوبيا وإريتريا إلى إنهاء الصراع بين البلدين، وأوضح الشيخ محمد بن زايد، أن “الإمارات تدعم كل جهد أو تحرك يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار في أي بقعة بالعالم من منطلق إيمانها بأن تحقيق السلام والأمن هو المدخل الأساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لجميع شعوب العالم”. وخلال اللقاء منح ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، وسام “زايد” لرئيس إريتريا ورئيس وزراء إثيوبيا تقديرا لجهودهما في إطلاق مسيرة السلام بين بلديهما.

 أما إثيوبيا يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في هذ البلد الإفريقي صاحب 100  مليون نسمة، 363 مليون دولار أميركي في مجالات عدة مثل الصناعات التحويلية والأدوية والألومنيوم والمعالجة الزراعية. وتعهدت في يونيو الماضي بضخ حوالي 3 مليارات دولار كمساعدات واستثمارات إلى أثيوبيا، وذلك في إشارة إلى دعم كبير لمساعي آبي أحمد رئيس الوزراء الجديد في إنعاش اقتصاد البلاد واطلاق مشاريع سياسية تهدف إلى حل أزمات البلاد التي ظالت عقبة كأداء أمام تحقيق نجاحات اقتصادية في هذا البلد ذات المائة مليون نسمة.

وقد بلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وإثيوبيا خلال 2012، 809 ملايين دولار، وشكلت الصادرات غير النفطية ما قيمته 87.4 مليون دولار، بينما بلغت قيمة إعادة تصدير الإمارات إلى إثيوبيا 632 مليون دولار، مع واردات بقيمة 90 مليون دولار.

أما صادرات إثيوبيا إلى الإمارات  بلغت خلال النصف الأول من 2013 ما قيمته 49 مليون دولار.

تعتبر دولة الإمارات، الدولة الخليجية الثانية بعد المملكة العربية السعودية التي تستمثر في إثيوبيا، حيث وصل حجم استثماراتها خلال عام 2014 إلى 100 مليار دولار أمريكي. وقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2015-2016،  بـ 873.6 مليون دولار.

أودعت الإمارات هذا العام  مليار دولار في البنك المركزي الإثيوبي لتخفيف نقص العملة الأجنبية في البلد الواقع في القرن الإفريقي صاحب 100 مليون نسمة.

 وعندما نتحدث عن الصومال، احتل هذا البلد العربي الإفريقي عام 2013 المرتبة 11 في قائمة الدول الـ 25 الأكثر تلقيا للمساعدات الخارجية لدولة الامارات اذا بلغت المساعدات الإماراتية المدفوعة للصومال 92.32 مليون درهم. وبلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها الإمارات للصومال منذ العام 2009 وحتى نهاية 2016 نحو 941 مليوناً و810 آلاف درهم.

وصلت المساعدات الإمارات للضومال ذروتها في العام 2016 وبلغت 392 مليوناً و365  ألف درهم، وفقا لتقرير الوزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية

خلال أزمة المجاعة في الصومال مطلع عام 2017 ، اعلنت دولة  الإمارات عن حملة انسانية أطلقت  «لأجلك يا صومال»، والتي استهدفت تقديم المساعدة للملايين في الصومال الذين تواجهون من خطر الجوع والجفاف والملايين المشردين جراء الأزمة. هب الشعب الإماراتي بمختلف اطيافه  لتبية لنداء الإنسانية ووقف إلى  الصومال في محنته حيث بلغ إجمالي التبرعات للحملة نحو165 مليون درهم.

أضف إلى ذلك أن قيادة دولة الإمارات نظرا لعلاقتها التاريخية مع الصومال، وجهت قوة الواجب الإماراتية إلى تنفيذ عدة دورات تدريبية تخرج منها الآلاف من الصوماليين ضمن مشروع إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية الصومالية، وأمرت بدعم ميزانية الصومال ومساعدته في صرف رواتب 2407 جندي صومالي ،وأشرفت الإمارات على برنامج قوات الشرطة البحرية في إقليم بونتلاند المعنية بمكافحة الأرهاب والقرصنة، وساهمت الإمارات في رفع قدرات المؤسسات الأمنية والعسكرية الصومالية، وكذلك دعم وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب بالتعاون مع عدة أطراف دولية والقوات التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال .

كما أنها بنت  3 مراكز تدريب ومستشفى إلى جانب ارسال طواقم طبية اماراتية بشكل دورة إلى الصومال لعلاج المرضى ولاسيما الطبقات الفقيرة والذين لا يقدرون على دفع تكاليف العلاج. كما أنها نقلت عددا من المصابيين جراء الهجمات الانتحارية إلى مستشفياتها لتلقي العلاج.

وكذلك استضاف دولة الإمارات خلال العشر السنوات الماضية  مؤتمرات دولية واقليمية لبحث قضايا تتعلق بالصومال وعلى رأسها مشكلة القرصنة، والاستثمار، وحل الخلافات بين الفرقاء الصومالين.

تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك التجاري الأهم، والمصدّر الأول إلى جمهورية الصومال. تقدّر نسبة المستوردات الصومالية من الإمارات العربية المتحدة 44% من مجموع ما يستورده الصوماليون، وبلغ التعاون الاقتصادي الصومالي الإماراتي مراحل متقدمة في سبعينيات القرن العشرين، من خلال تجارة المواشي التي ازدهرت خلال تلك الفترة ولازالت مستمرة.

وإذا  توجهت إلى جيبوتي، استثمرت الإمارات ميناء دورالي، واستطاعت تطوير الميناء ورفع مستوى طاقته الاستيعابية ( 1.25  مليون حاوية نمطية ) خلال فترة زمية قياسية  ليكون أكبر مصدر للوظائف والإيرادات في جيبوتي.

زر الذهاب إلى الأعلى