تفاصيل تجارب مرعبة عاشتها صحفية كندية في الصومال

مقديشو (  مركز مقديشو) أماندا ليندوت، صحفية كندية، كانت في السادسة والعشرين من عمرها، عندما سافرت في رحلتها التي كبدتها كثيرا من الهموم إلى الصومال تلك الدولة التي مزقتها الحرب في شرق أفريقيا في أغسطس 2008، حينما اختطفت هي وصديقها المصور الاسترالي نايجل برينان.

عاشت أماندا في الصومال محنة مرعبة دامت 15 شهرًا، بعد ان تعرضت للاغتصاب المتكرر والتعذيب، وفكرت في الانتحار، لكن رسالة الهية كانت السبب في تراجعها عن تلك الخطوة.

في 23 أغسطس 2008 هدد خاطفون مسلحون ببنادق آلية هجومية من طراز إيه كيه 47، أماندا وبرينان، بقطع رأسيهما إذا لم يحصلوا على فدية قدرها 1.5 مليون دولار، طلبوها من عائليتهما بعد خطفهما.

ولكن بعد 15 شهرا من الاعتداء والتعذيب والترويع والتجويع، وتكرار اغتصاب اماندا، أطلق الخاطفون سراحهما

وبعد مرور تسع سنوات، قالت أماندا في مقابلة اجرتها، استدعت الصحفية الكندية ذكرياتها الأليمة في الصومال، قائلة: «أتذكر أنني كنت أفكر في البداية، ربما كان حادث اعتراضهم لنا من اجل السرقة، لقد كنت أفكر بسذاجة شديدة، ولكن لا يمكنني أن أتحدث على مثا هذا النحو».

واضافت: «هدد الخاطفون عائلتينا ودولتينا كندا واستراليا بذبحنا اذا لم تدفع الفدية ولكن الحكومتين الكندية والاسترالية لم تدفعا الدية، ولقد انحدرت من عائلة فقيرة حقا، وكذلك كانت عائلة نايجل، لسنا أغنياء».

كان من المفترض أن تكون أماندا ونايجل في شرق أفريقيا لمدة أسبوع واحد، لكن زيارتهما تزامنت مع وقت كانت الصومال فيه تلتهب وكانت اشبه بـ «منطقة نار حمراء» ومنطقة للخاطفين ومحبسا للمخطوفين.

وفي ثالث يوم لهما في العاصمة مقديشو، أوقفتهما سيارة أثناء سفرهما إلى مخيم للاجئين وبرفقتهما مترجم وثلاثة حراس أمن مسلحين.

أماندا وصفت المشهد بينما كانوا على طريقهم واعترضهم الخاطفون كأنه اشبه بكابوس، ووفقا لروايتها: «في غضون دقائق خرج 12 مسلحا ببنادق من طراز AK-47s وأجبروا فريق الأمن على تسليمنا لهم».

وعلى مدار الخمسة عشر شهرًا التالية ، تعرض الزوجان للضرب والتجويع، لاسيما بعد أن تم فصلهما عن بعضهما البعض، إذ تعرضت أماندا للاغتصاب مرارًا وتكرارا.

وتروي أماندا وقائع تلك الاوقات العصيبة: «في اليوم الذي انفصلنا فيه تقريبًا، بدأ الاعتداء الجنسي» مضيفة «لقد كانت الاجواء مدمرة ومخيفة للغاية، وكذلك مع مرور الوقت الظروف ازدادت سوءًا».

وتابعت اماندا قائلة: « كان الطعام مكلفا، وبالتالي فإن الكميات التي كانوا يقدمونها لنا كانت تقل بصورة كبيرة، وكان خاطفونا من المراهقين ممن كانوا يثيرون امتعاضي».

ووفقا لصحيفة «ذا صن» البريطانية استدعت أماندا، التي كانت تعمل من قبل في بغداد وأفغانستان، تلك الاحداث المروعة بعد مرور أربعة أشهر على واقعة اختطافها، عندما أيقظوها في منتصف الليل، واقتادها إلى وسط الصحراء؛ وأخرجوني من السيارة تحت شجرة وسحبوا رأسي إلى الخلف، ووضعوا شيئا حادا على حلقي استشعرت من حدته أنه سكينا، اذ انهم اقتادوني معصوبة العينين الى هذا المكان».

وتذكرت أماندا تلك الحادثة المرعبة قائلة: عندما كان نصل هذا الجسم الحاد على حلقي اعتقدت انها النهاية لا محالة… فكنت سأموت».

ولكنها تشير وفقا لروايتها الى ان خاطفيها اجبروها بعد ذلك على مهاتفة والدتها وإقناعها بدفع الفدية في غضون سبعة أيام، لكن المال لم يأت بعد المهلة التي حددوها، وهدد الخاطفون بتسليم اماندا وبرينان إلى عصابة أخرى.

واعترفت أماندا، التي تبلغ من العمر الآن 37 عاما، أنه بعد 13 شهرًا من أخذها كرهينة، كانت قد خططت للانتحار باستخدام شفرة حلاقة استطاعت جلبها، لكن رسالة غريبة جعلتها تقلع عن هذا التفكير وتتمسك بالحياة بصورة اكبر.

قالت الصحفية الكندية انها تمكنت من رؤية طائر يحلق أعطاها العزم على البقاء.

وأوضحت: «كنت حقا قد اقتربت على الاقدام على مثل هذا القرار الى ان ايقظني شعاع للشمس صباح يوم وكنت لا اقوى على الحركة ولكن رأيت طائرا يتنقل في هذا البصيص من الضوء.

وأضافت: كنت أؤمن دائمًا بعلامات قد تأتيني كرسائل، وبطريقة ما، تمكنت من التشبث بالحياة، فقد كان هذا الطائر رسولا وباعثا على الأمل، ولم أفكر مرة أخرى في الاقدام على ايذاء نفسي أو انهاء حياتي».

وتابعت: هذا الشعور المذهل غمر جسدي، وعقدت العزم على البقاء على قيد الحياة بغض النظر عما اذا كانت تلك الفترة التي سأقضيها اسيرة ستطول ام ستقصر- فسأحصل على حريتي مرة أخرى ، وسأرى عائلتي.

ووفقا لـ “ذا صن” .. بعد أسابيع من هذا الحدث، حاول برينان وأماندا الهروب بالقفز من نافذة في مخبأهما والاحتماء بمسجد حولهما الا أنهما تم اسرهما مجددا.

حاولت امرأة المجيء لمساعدتهم، وتوسلت للخاطفين بالسماح لهما بالرحيل بينما كانت تحاول الاعتناء بـ أماندا، واصفة إياها بـ «أختها»، لكن تم إخراجهما من المسجد وإعادتهما إلى محبسهما حيث جرى احتجازهما مجددا، واقتيادهما، وبعدها سمعا صوت طلقة واحدة تخرج من داخل المسجد.

أماندا قالت انها لم تدر بعدها ماذا حدث للسيدة التي حاولت اعتاقها.

وأخيرا، بعد 460 يوما من الأسر، تم إطلاق سراحهما بعد أن تمكنت عائلاتهما من جمع الفدية معا، وتم تسليم الصحفيين إلى 40 رجلًا صوماليًا مسلّحًا، اقتادوهما إلى مكان آمن.

وفي حالة من الارتباك، تم منحهما هواتفهما المحمولة للتحدث إلى عائلتيهما للمرة الأولى منذ أكثر من عام.

واستدعت أماندا تلك اللحظة التي تحدثت فيها إلى أمها قائلة: «أنا مرتبكة تماما وأضع الهاتف على أذني بينما أمي على الطرف الآخر لا تصدق أني حرة».

وأضافت: أثناء المكالمة، علمت أن الأموال قد تم جمعها بواسطة عائلتي وعائلة برينان معًا من خلال لم التبرعات من شعب بلدينا الاسخياء.

وواصلت: لقد انتقلنا من تجربة هي أسوأ ما في الإنسانية، فقط لكي نخرج ونكتشف أننا قد تم إنقاذنا بواسطة من هم أفضل من في الإنسانية.

وتابعت: «أعني، حرفيًا تمامًا اولئك الأستراليون الذين لم يعرفوا نايجل ولا أنا، ممن ساهموا في هذا الفدية … من أجل حريتنا».

إلا أن هذا الزعم عارضته عائلة نايجل التي قالت إنها دفعت كل الفدية لتأمين الإفراج عن ابنهما وتلك الصحفية الكندية- حيث تزعم أخت المصور الاسترالي أن التفاوض على الدفع أدى إلى نيلهما حريتهما.

في يونيو، حكم على علي عمر آدر – الرجل الذي نظم عملية الخطف والفدية – بالسجن لمدة 15 عامًا في سجن كندي.

وأقر القاض بأن المواطن الصومالي البالغ من العمر 40 عاما، الذي أجرى العديد من المحادثات الهاتفية مع أم أماندا، كان ‘مشاركا راغبا’ في خطف الرهائن.

المصدر- صدى البلد

زر الذهاب إلى الأعلى