جوبالاند تطوي صفحة الخلافات  وتنطلق نحو مستقبل واعد

تعتبر منطقة جوبالاند في جنوب الصومال من أكثر المناطق الصومالية تعدّداً قبليًّا، ويقطن فيها طيف واسع من مختلف القبائل الصوماليّة المتصارعة على السلطة والثروة، وعلى الكلاء والماء. هذا العامل كان التحدى الأكبر الذي واجه أحمد إسلان مذوبي حاكم اقليم جوبالاند، وكان حجرة عثرة أمام عودة الأمن والإستقرار بشكل كامل إلي الاقليم، والانطلاق نحو إعادة الإعمار وتحقيق التقدم والتطور في شتى المجالات، والاستفادة من المقدرات والإمكانيات الهائلة من الثروة الحيوانية والزراعية التي تتمتع بها تلك المنطقة.

وبالتالي كان لزاما على أحمد إسلان مدوبي بعد تسلمه زمام السلطة في الاقليم، أن تكون خطوته الأولي نحو تحقيق المصالحة والوئام، وأن يضع كل ثقله على إزالة جميع الشكوك المثارة حول مشروعه، وتبديد المخاوف في قلوب سكان المنطقة وبناء جسر من الثقة والتعاون بين كافة مكوناته وشرائحه المتعددة التي فرقت شملهم النعرقات القبلية والاقتتال الداخلي، للانطلاق نحو مرحلة جديدة  من النضهة والتقدم والرخاء .

ومنذ إعادة انتخاب أحمد اسلان مدوبي كحاكم للإقليم في سبتمبر عام 2015م خطى خطوات جادة نحو انجاز المرحلة الأولى من مشروع جوبالاند والمتمثلة في  تحقيق المصالحة وتشكيل حكومة لا تستني أحدا  وتمثل كافة أبناء قبائل الاقليم سواء كانوا صغارا أو كبارا للانتقال نحو الهدف الأسمى، والغاية المنشودة للمشروع التي هي تحويل جوبالاند إلي منطقة تكامل أقتصادي بين الاقاليم الصومالية ومنطقة جذب للاستثمارات الاجنبية.

وبالفعل تمكن مدوبي من تشكيل نظام سياسي شامل وفتح باب حوار مع  القبائل المعارضة لنظامه ولاسيما قبيلة مريحان لإقناع سياسييها وقياداتها التقليدية بالانضمام إلى قافلة مشروع إعادة بناء الاقليم ، و قطار التنمية والنهضة، وقام بعدد من الجولات إلي مناطق عشيرة مريحان والعاصمة نيروبي حتى نجح في كسب قلوب شيوخها وزعمائها القبليين، واقناع رموز معارضيه بالانضمام إلي الحكومة وعيّنهم مناصب عليا في إدارته. وكان آخر هذه الزموز التي أعلنت تخليها عن مبادئ العنف والوصول إلي السلطة بقوة السلاح، السياسي محمد عبد كَليل الذي عينه وزيراً للدولة بوزارة دفاع إقليم جوبالاند وكان قبله السياسي، محمد سيد آدم الذي عينه نائبا للإدارة.

كان السيد كَليل قد عيّن محافظا لاقليم جذو في حكومة الشيخ شريف أحمد (2009-2012)، وأقيل من منصبه في عام 2015م بعد أن اصطدم مع القوات الإثيوبية المتواجدة في المحافظة والعاملة ضمن قوات الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام آنداك.

ومنذ إقالته عرف السيد كَليل بانتقاده الدائم لإدارة جوبا لاند، لذا كان يُعدّ الوزير الجديد من أبرز معارضي سياسة أحمد مذوبي في الإقليم سابقاً، واستيعابه في التشكيلة الوزارية تطوى صفحة من الخلافات بينهما من جهة وبين قبيلة مريحان التى ينحدر منها السيد كَليل من جهة أخرى.

ويبدو أن المؤتمر الأخير للمصالحة في الإقليم تمخضت عنه نتائج إيجابيّة،  حيث يلاحظ أنّه بعد انتهاء المؤتمر وحتى الآن  أدخل مذوبي في سلك الدولة شخصيات بارزة من معارضيه، كمثل نائبه السيد محمود سيد آدم وكذلك محمد محمود يوسف “Aw-libaax  ” وزير وزارة الشباب والرياضة إضافة إلى الوزير الجديد محمد عبد كَليل، وتبشر هذه الخطوات ببناء كيان متماسك داخليّاً، يجعل الرئيس أحمد مذوبي يستطيع مواجهة الضغوطات القبلية بكل أريحية وبرودة أعصاب.

وتحسب هذه السياسة الجديدة لأحمد مذوبي الذي ركّز على توحيد أبناء ولايته وحرص على تحقيق تماسكهم من الداخل استعدادا لمواجهة التحديات الخارجية المتمثلة في حركة الشباب التى تسيطر على مناطق شاسعة من الإقليم. وبما أنه نجح – كما يبدو  حاليّاً – في اصطفاف القبائل حوله وطيّ صفحات الخلاف بينه وبينها فمن المتوقع أن الوقت قد حان لديه لمجابهة التحدّيات الخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى