من أجل تصحيح المسار السياسي في الصومال: الخيار الثالث

 بات  من الضرورة الوطنية في ظل التيه السياسي الذي يعاني منه الشعب الصومالي قرابة ثلاثة عقود، إيجاد تيار سياسي جديد غير تقليدي مغاير تماما عن التيارات السياسية الموجودة في الساحة تفكيرا وتنظيما وسلوكا وأخلاقا يحمل مشروعا سياسيا شاملا واضح الأهداف والمعالم يتناول جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والعلاقات الخارجية ،  وفق أطر سياسية مدروسة تضمن لهذا التيار الجديد تجاوز كافة العقبات السياسية والأمنية والمالية من أجل الوصول إلى سدة الحكم  وتولي رئاسة البلاد خلال السنوات الأربعة المقبلة وهذا المشروع يجب أن يكون نتاج لقراءة واسعة وعميقة في تاريخ العملية السياسية الصومالية منذ الاستقلال وإلى اليوم والعوامل والأسباب التي أدت إلى انهيار الدولة عام 991 وفشل جميع المحاولات المحلية والاقليمية والدولية في إعادة بنائها من جديد، والانتقال من نظام قبلي إلى نظام سياسي ديمقراطي يقوم على قواعد صلبة وراسخة .

يجب أن يقوم هذا التيار البديل على التعاون الجماعي على المستويين الحكومي والشعبي ودون أقصاء أحد سواء من المعارضة أو الموالاة، والاحترام على القيم الأساسية للمشروع القومي الصومالي، والالتزام بثقافة الاعتدال الديني في مواجهة الأفكار القبلية، والأيدلوجيات الشاذة، ويعطي أهتماما كبيرا لفئة الشباب ولاسيما في الجامعات   والمعاهد والمدارس، وتنطلق أفكاه بأن عصر الاحزاب والجماعات السياسية والفكرية قد ولى، وأن عصر الجماهير قد بدأ وأنه حاون وقت الاقتراب من المواطن العادي والسماح له بتمثيل همومه واحتياجاته بنفسه ويكتب تاريخه ومستقبله بعيدا عن توجيهات الاقطاب والرموز السياسية التقليدية وبقايا المنظومة السياسية الفاسدة الموروثة من الاستعمار والتي تععشت في أروقة الحكم بالبلاد خلال السنوات الست والعشرين الماضية، حيث كانت السلطة تنتقل من جوقة فاسدة إلى أخرى أكثرا فسادا وضعفا وامتصاصا لدماء الصوماليين.

إن الخيار الثالث يعتبر الحل الأمثل والمخرج الأفضل من انسداد الأفق السياسي الراهن في الصومال، لأن طرفي النزاع في الأزمة الصومالية ، الحكومة الاتحادية وثنائية الرئيس فرماجو ورئيس الوزراء خيري من جهة والمعارضة بقيادة الرئيسان حسن شيخ محمود وشريف أحمد وعبد الرحمن عبد الشكور من جهة ثانية لا يمثلان سوى أفكار أثبتت فشلها ولا تقود البلاد سوى نحو مزيد من الصراع والانقسام ونبش القبور الآسنة. والأخطر من ذلك من المستحيل أن يجتمع هولاء حول طاولة مستديرة ويتوصلا إلى حل سياسي يخرج الوطن عن عنق الزجاجة ، وبالتالي لابد من أيجاد خيار ثالث  شعبوي ونخبوي في آن واحد. 

زر الذهاب إلى الأعلى