تحذيرات أممية من نذر كارثية.. – اللاجئون الأفارقة إلى اليمن.. باب لم يغلق

تزايدت في الآونة الأخيرة عملية تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء من القرن الأفريقي إلى اليمن حيث بلغ عدد اللاجئين في نهاية شهر أكتوبر 2013 طبقا لإحصائية حكومية 242 ألفاً و944لاجئا يشكل الصومال الغالبية العظمى منهم بسبب الصراعات السياسية والأوضاع المعيشية والكوارث الطبيعية والحروب التي تقف وراء هجرتهم، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية ليس على اليمن فحسب، بل على دول المنطقة ..
تعتبر اليمن الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي وقعت على اتفاقية اللجوء لعام 1951 م وبروتوكول عام 1967 م التابع لها، ومنذ اندلاع الصراع في الصومال عام 1991 ..تقوم اليمن بمنح اللاجئين الصوماليين الذين يصلون إلى الأراضي اليمنية وضع اللاجئين الذين يفرون من الصراعات وانعدام الأمن في بلادهم، ومع ذلك لا يوجد في اليمن تشريع وطني خاص باللجوء أو نظام لجوء لمعالجة القضايا المتعلقة باللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد.
فيما تشير إحصائية أخيرة للمفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة لعام 2012 م انه تم توثيق وصول أكثر من 107 آلاف و532 شخصاً من القرن الأفريقي إلى اليمن عبر خليج عدن والبحر الأحمر عام 2020م بحثا عن الأمان والحماية وفرص اقتصادية .
ويصل الأشخاص الذين يقومون بهذه الرحلة إلى الشواطئ وهم يعانون من الجفاف وسوء التغذية وفي حالة صدمة نفسية
وكان الاتجاه الأكثر بروزا هو الزيادة الهائلة في عدد الواصلين من غير الصوماليين وبشكل أساسي الأثيوبيين الواصلين إلى اليمن ..وفي عام 2009 تم تسجيل ما يقرب من 44744 مهاجراً أثيوبياً أي ما نسبته 5.57من الوافدين الجدد .
وتواصل تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين من القرن الإفريقي إلى اليمن في عام 2013م، وخلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2013 تم تسجيل حوالي 62194 من الوافدين بانخفاض 31 % مقارنة بالفترة نفسها من عام 2012 وهذا الانخفاض قد يكون راجعا إلى عدة عوامل منها موسم الرياح الموسمية الصيفية وتعطيل مؤقت لبعض طرق التهريب وانخفاض طفيف بين المهاجرين مستقبلا بسبب الأخبار عن الصعوبات الموجودة في عبور الحدود السعودية بعد أن قامت الأخيرة بتحديث وتحصين حدودها.
استراتيجية مشتركة
من جهته أوضح السيد أمين عواد – مدير مكتب المفوضية السامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا : أن المفوضية شكلت الفريق المعني بالهجرة المختلطة والذي يعمل في إطار خليج عدن من خلال استراتيجية مشتركة تتعلق بكيفية تبادل المعلومات وتحسين مستوى التعامل مع قضية اللاجئين والذين يتعرض معظمهم لأبشع أنواع الاستغلال و الاتجار بالبشر في المنطقة .
وقال إنه نتيجة مخالفة القانون من قبل شبكات تهريب الاتجار بالبشر وعملها في الخفاء، فإنه من غير الممكن معرفة الرقم الحقيقي لعدد المهاجرين الذين يدخلون إلى المملكة العربية السعودية عبر اليمن، ومع ذلك تشير التقييمات المطلعة إلى أن أغلبية المهاجرين الذين يدخلون اليمن يفرون إلى المملكة العربية السعودية ونتيجة لحالة الاضطراب في شمال اليمن، قامت الحكومة السعودية بتعزيز مراقبة حدودها وتبنت سياسة ترحيل المهاجرين الأفارقة، وعليه عاد معظم الأثيوبيين مرة أخرى إلى اليمن.
وأشار إلى أن أغلبية الأفارقة العائدين إلى اليمن يعانون من انعدام المال والطعام والماء، ويصبحون عالقين في الحدود، كما يقعون تحت رحمة المهربين، ويعاني المهاجرون أيضا من ظروف صحية سيئة كما يتعرض العديد منهم لخطر الاتجار بالبشر وسوء المعاملة من قبل المهربين.
وعن ترتيبات العودة للمهاجرون واللاجئين إلى بلدانهم قال عواد : إن المنظمة الدولية للهجرة قامت بتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين ذوي الحالات الأضعف منذ عام 2010 م، حيث تم تسهيل عودة أكثر من 25 ألف مهاجر وحوالي 9834 مهاجراً تم عودتهم طوعيا بينما هناك 15 ألفاً و400 لا يزالون في انتظار العودة إلى بلدانهم الأصلية .
وعن التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية أوضح عواد بأن المفوضية تعمل مع السلطات المحلية ( في شمال – شرق الصومال ) إقليم بونت لاند على رفع مستوى الوعي حول الصعوبات المصاحبة للرحلة إلى اليمن وكذا المخاطر والمشقة التي تبرز حال الوصول إلى اليمن وخصوصا على أيدي المهربين والمتاجرين بالبشر .
توعية
من جانبه أكد سعد العريفي رئيس بعثة مجلس التعاون الخليجي في اليمن على أهمية الخروج برؤية موحدة مع الحكومة اليمنية ومنظمة الهجرة الدولية والمنظمة السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين للحد من مشاكل الهجرة واللجوء من القرن الأفريقي إلى اليمن وتداعيات ذلك على المنطقة خاصة مع ازدياد أعداد اللاجئين في الآونة الأخيرة نتيجة للظروف الاقتصادية والسياسية والصراعات المختلفة وتسرب العديد من اللاجئين إلى الدول المجاورة لليمن كالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكد العريفي على أهمية التوعية الإعلامية والمجتمعية للحد من هذه الظاهرة ..ودعا المجتمع الدولي إلى دعم اليمن في مجابهة تداعيات اللجوء والهجرة وتقديم الرعاية والاهتمام للاجئين لكونهم ضحايا ظروف إنسانية قاهرة .
طالبو اللجوء
برونو جيدو القائم بأعمال الممثل للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين يقول : نحن نعمل على رفع مستوى الوعي حول المخاطر التي يواجهها اللاجئين في اليمن قبل أو بعد أو أثناء وصولهم لليمن بالإضافة إلى دعم برنامج إعادة المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على الأراضي اليمنية إلى بلدانهم وهذا أمر من شأنه أن يحد من التدفق ويساعد في تخفيف العبء وتنظيم مسألة الهجرة سواء إلى اليمن أو إلى دول الخليج .
وأكد أنه إذا ما تم تنظيم الهجرة حسب متطلبات سوق العمل فإن معدل تدفق المهاجرين بناء على ذلك سيحد من الهجرة غير النظامية إلى اليمن .
ونوه بأن أهمية توفير الحماية للاجئين الذين يفرون من جحيم الصراعات والعنف من القرن الأفريقي إلى اليمن.
موضحا أنه لا بد من توفير الخدمات الفعالة والخدمات الإنسانية لكافة اللاجئين وطالبي اللجوء وضرورة تعزيز الإطار القانوني والقدرات المؤسساتية من أجل حماية ومساعدة اللاجئين واستخدام إعادة التوطين كأداة من أدوات الحماية وكحل مستدام، بالإضافة إلى رفع مستوى قدرات اللاجئين على الاعتماد على الذات من أجل زيادة خيارات سبل العيش وتحسين مرافق الاستقبال والمساعدات للمهاجرين المختلطين من قبيل الحماية.
بدائل شرعية
ويؤكد بسكوالي لوبولي – المدير الإقليمي لمنظمة الهجرة الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وممثل الأمانة العامة للهجرة المختلطة : أن الجمهورية اليمنية لها دور فعال وناجح في استقبال وإيواء اللاجئين والمهاجرين الأفارقة بالتعاون مع المفوضية السامية ومنظمة الهجرة الدولية منذ عام 2008 م وحتى يومنا هذا
ولفت في الوقت ذاته إلى ضرورة الخروج برؤية إقليمية لحل مشكلة اللجوء والهجرة بالتعاون مع دول الخليج ودول القرن الإفريقي لإيجاد بدائل شرعية لتدفقات الهجرة غير المنتظمة وما يصحب ذلك من أبشع أنواع الاستغلال والمتاجرة باللاجئين والاعتداءات التي يتعرضون لها في سبيل بحثهم عن أسس العيش الكريم بعد أن ضاقت بهم السبل .
مضيفا : بأن منظمة الهجرة الدولية تقدم المساعدة الفنية والتدريب للقائمين على إدارة الهجرة في الحكومة اليمنية حول كيفية إدارة الحدود ونظام التأشيرات وتنظيم الدخول والإقامة وجمع واستخدام المعلومات الحيوية.
عودة اللاجئين الصومال
وعن الدولة المُصَدّرة للاجئين إلى اليمن يقول نور الدين حاميد المتحدث باسم الحكومة الصومالية بعد أن أثنى على الدور المشهود والأعباء التي تحملتها اليمن في الرعاية والاهتمام بشؤون اللاجئين : لقد بذل إخواننا في اليمن ما بوسعهم لاستضافة اللاجئين الصوماليين وتقاسموا معهم لقمة العيش ونحن نعمل في الصومال على التهيئة النوعية لعودة هؤلاء اللاجئين من قبل الحكومة الفيدرالية الصومالية عبر وضع خطة استراتيجية لاستعادة الأمن والاستقرار في الصومال وعودة اللاجئين الصوماليين إلى وطنهم ونرجوا من المجتمع الدولي ودول الإقليم مساعدتنا في هذا الأمر .
تفاعل خليجي
وفيما يخص الدعم الذي وعدت به دول مجلس التعاون الخليجي يؤكد أحمد بن عامر ممثل عن مجلس التعاون الخليجي حرص وقيادات مجلس التعاون الخليجي على دعمهم اللا محدود لليمن في مواجهة مشكلة الهجرة واللجوء من القرن الأفريقي..
موضحا بأن الفقر والبطالة والكوارث الطبيعية هي سبب هجرتهم ..مبينا المخاطر التي تصاحب خيار الهجرة واللجوء ومنها تعرض هؤلاء من اللاجئين للاعتداءات ومختلف وسائل الاتجار بالبشر وغيرها من الانتهاكات المخالفة لحقوق الإنسان وتهديدها للأمن المجتمعي.
مشيدا بالدور الإنساني الذي تقوم به اليمن في حماية ورعاية اللاجئين رغم الظروف الصعبة التي تمر بها على مختلف الأصعدة والمجالات .
وقال : إن مواجهة ظاهرة اللجوء والهجرة يتطلب استجابة فاعلة دوليا وإقليميا لعلاج هذه المشكلة الإنسانية والبحث عن حلول مناسبة للتخفيف من الأعباء التي يتحملها اليمن لتحقيق العودة الطوعية للاجئين إلى بلدانهم وتعزيز التعامل الثنائي والمتعدد الأطراف إلى جانب تطوير الدعم الدولي لليمن ودول المصدر في مواجهة تداعياتها الإنسانية بسن التشريعات الدولية الداعمة وإقامة المشاريع التنموية وبرامج العودة التي تساهم وتساعد في توقف الهجرة وعودة الحرية في البلدان التي سلبت منها.
مؤكدا بأن دول مجلس التعاون الخليجي ستدعم اليمن وتعزز من قدراتها في مجال تنظيم الهجرة واللجوء واستتباب قواعد الأمن والاستقرار في البلد .
بيان صنعاء
أوضاع الهجرة واللجوء المتدفق من القرن الأفريقي لليمن ..كان موضوع المؤتمر الإقليمي للجوء والهجرة الذي انعقد مؤخراً بصنعاء بمشاركة واسعة من دول مجلس التعاون الخليجي وعدد من دول القرن الأفريقي وبدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية ..
وخرج المؤتمر ببيان صنعاء الذي أقر معالجة الأسباب الجذرية للجوء والهجرة وتعزيز إنقاذ القانون في قضايا الهجرة غير الشرعية وزيادة الدعم اللازم لبرامج إعادة المهاجرين غير الشرعيين بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجال العمالة وأنظمة الحماية في مجال اللجوء وتكثيف حملات التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية وعلى ضوء ذلك يتم اعتماد آلية متابعة لتنفيذ التوصيات الواردة …وهذا لاشك سيسهم في معالجة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تنامي ظاهرة اللجوء والهجرة..إلى اليمن.

المصدر- صحيفة الثورة

زر الذهاب إلى الأعلى