ميناء هوبيو وأهميته الإستراتيجية في ظل التنافس على موانئ الصومال

يقع ميناء هبيو شمال وسط اقليم مدغ، وعلى بعد حوالي 265 كم جنوب شرق جالكعيو عاصمة الاقليم  وحوالي 50 كم شمال حاررطيري و300 ميل شمال شرق العاصمة مقديشو (1) .

كانت مدينة هوبيو في القرون الماضية  قاعدة لسلطنة هوبيو التي أسسها السلطان يوسف علي كيناديد في سبعينيات من القرن التاسع عشر، ثم حكمها في وقت لاحق أعضاء متعاقبون من أسرة كيناديد. في عام 1888، وقّع السلطان يوسف معاهدة مع إيطاليا وصارت مدينة هوبيو جزءا من المحمية الإيطالية(2).

كغيرها من المدن الصومالية عانت مدينة هوبيو بعد سقوط نظام سياد بري عام 1991  من الحرب الأهلية التي مرزقت البلاد وحولته إلى كرتونات قبلية لا يجمعها سوى خريطة الصومال، وتعاقبت  على إدارة المدينة عدد من الإدارات المحلية أبرزها، حمن وحيب، وإدارة جلمدغ  الأولى، والمحاكم الاسلامية، وحاليا تخضع لإدارة ولاية جلمدغ التي يرأسها  أحمد دعاله حاف .

الأهمية الإستراتيجية 

يعتبر ميناء هوبيو الواقع على الساحل الشمالي الشرقي للصومال وبالقرب من خليج عدن  واحد من أقدم الموانئ الصومالية وكان المكان المفضل للبحارة الذي يستخدمون مضيق باب مندب وكانوا يتوقفون عند المدينة لتزود باحتياجاتهم من المياة العذبة(3).

ولأهميتها صارت  مدينة هوبيو خلال السنوات الماضية أحد أهم معاقل القراصنة ونقطة تجمع رئيسية لهم عندما كانوا في ذروة نشاطهم عام 2011  .

تعود أهمية ميناء هوبيو إلى:

  1. الموقع الجغرافي: يعد الميناء ضمن الموانئ  الصومالية القريبة من مضيق باب المندب رابع أهمّ نقطة عبور بحرية فيما يتعلّق بنقل البترول(4) وعلى بعد مئات الكليومترات من الحدود البحرية مع اليمن التي تربط مع عشائر بعض المناطق الصومالية وشائج القربي وصلات الرحم . كما أنه يقع في اقليم مدغ  وسط البلاد الذي يشكل حلقة الوصل بين شطري  البلاد، الجنوب والشمال.
  2.  الحرب على الارهاب:  يمكن أن يشكل الميناء قاعدة مهمة للحرب على الإرهاب بإعتباره ممرا مهما للأسلحة غير الشرعية  وقناة اتصال بين عناصر القاعدة وداعش في اليمن والصومال وأن اسلامي الصومال لما أحكموا سيطرتهم عام 2006 على موانئ مقديشو وكسمايو كانت خطوتهم التالية التوجه نحو الشمال والسيطرة على ميناء هوبيو لما يشكل لهم من أهمية(5).  وأوضح تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخرا أن  الخط البحري بين اليمن والصومال عبر خليج عد لا يزال يشكل أكبر ممر للسلاح غير الشرعي وأضاف التقرير أن ميناء هوبيو من بين موانئ الواقعة على سواحل الصومال والتي تسخدم كمعبر للسلاح(6).
  1. العلاقة التجارية مع إثيوبيا: يمكن للميناء ان يوفر خدمة بحرية لمناطق واسعة في وسط الصومال وتعزز العلاقة التجارية مع إثيوبيا الدولة الحبيسة في منطقة القرن الإفريقي، بحيث يمكن أن يشكل منفذا بحريا لإثيوبيا عبر منطقة عبود واق لتخفيف اعتمادها على  ميناء جيبوتي. وهناك تصور مقترح صيني يدعو إلى انشاء خط بحري يربط بين الصين و آبار النفط والغاز في منطة أوغادين شرق إثيوبيا عبر ميناء هوبيو(7).   وهناك تقارير أخرى أكدت على إمكانية وجود مصلحة استراتيجية لإثيوبيا في ميناء هوبيو(8).
  2. عودة الأمن والإستقرار إلى الصومال: تعد عشائر منطقة مدغ وجلجذود من كبرى العشائر الصومالية التي لها دور كبير في تحديد المسارات السياسية والأمنية في الصومال، حيث كانت تلك العشائر في السنوات الماضية رقما صعبا في المعادلة السياسية الصومالية. وبالتالي فإعادة تشغيل ميناء هوبيو تعتبر خطوة مهمة نحو إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.
  3. الاستثمار: تعتبر الموانئ والمطارات في الصومال مرافق حيوية لإعادة بناء البني التحتية للبلاد وأنها تعد فرصة واعدة للمستثمرين. وبحسب تقارير دولية هناك كمية كبيرة من القدرات غير المستخدمة في عدد من الموانئ الرئيسية  في الصومال، وأشار تقرير صادر من البنك  الإفريقي للتنمية إلى عدم استخدام  القدرة الفعلية للموانئ الصومالية سوى حوالي 20٪ فقط (9).

القوى المتنافسة على موانئ الصومال

 منذ عام 2015 يتعاقب على ميناء هوبيو شركات ومستثمرين أجانب يبدون رغبتهم في إعادة بناء الميناء وتشغيله ، حيث يزور المدينة منذ ذلك العام وإلى اليوم مسؤولون ورجال أعمال من قوى اقليمية ودولية، زار المدينة رجال أعمال عراقيون وأتراك وصينيون لتفقد الأوضاع وتقييم اجتياجات الميناء لاستئناف عمله  بشكل رسمي ، وكذلك زار الميناء شهر يناير الماضي الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو فى آخر محطة له خلال جولة  قام بها إلى مناطق بونتلاند وجلمدغ استمرت 16 يوما ، ووضع الرئيس خلال زيارته لمدينة هوبيو حجر الأساس لـمشروع بناء ميناء هوبيو وممر تجاري بين  الميناء  وإثيوبيا عبر مدينتي عدادو وعبود واق.

يأتي هذا الاهتمام الاقليمي والدولي لميناء هوبيو في  ظل تنافس محموم على موانئ قرن افريقيا عموما والموانئ الصومالية على وجه الخصوص فقد منحت  خلال الأعوام الماضية حق إدارة ميناء مقديشو لشركة البيرق التركية عشرين عاماً، وميناء بربرة منحته حكومة صومالي لاند لدولة الإمارات، بموجب اتفاق بين الحكومة وهيئة موانئ دبي لتتولى الأخيرة ادارة الميناء لمدة 30  عاماً. ثم هناك ميناء بصاصو المطل على خليج عدن، والذي حصلت هيئة موانئ دبي على عقد لإدارته أيضاً منذ 2013 (10).

أما ميناء كسمايو في الساحل المحاذي لكينيا يشهد منافسة بين قوى اقليمية ودولية  تسعى إلى الاستثمار فيه.

 وهناك أيضا ميناءي مركا وبرواة. فقد ابرم رئيس ولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن آدم، مطلع هذا العام  ،  اتفاقية مع شركة جيبوتية بموجبها يتم بناء المرفأين وإعادة تشغيلهما.

وأخيرا  لابد من الإشارة إلى أن جمهورية الصومال الفيدرالية تتكون من  6 حكومات اقليمية شبه مستقلة تتمتع كل واحدة منها منافذ بحرية مهمة وموانئ استراتيجية، وأن هناك عدد من القوى الاقليمية والدولية  تسعى إلى الاستثمار في هذه الموانئ لأهميتها، وبالتالي يتوقع كثيرون تصاعد وتيرة التنافس عليها خلال السنوات القادمة وخصوصا في ظل تأزم الوضع الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط.

 المصادر

1- Modern Piracy  by David F. Marley

2-  HOBYO DISTRICT: District Conflict and Security Assessment Report

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/هبيا

4-  http://rawabetcenter.com/archives/10378

5- https://books.google.nl/books?id=8Q-YfcSCzrgC&pg=PT45&lpg=PT45&dq=hobyo+sea+port+and+ethiopia&source=bl&ots=oDc5xpLBcQ&sig=iczUTSdsIB2BKZS37-75wQF-BD4&hl=nl&sa=X&ved=0ahUKEwicseyF48bZAhVEB8AKHcPOCsEQ6AEIeTAM#v=onepage&q=hobyo%20sea%20port%20and%20ethiopia&f

6-  https://books.google.nl/books?id=QdBrbBnED0oC&pg=PA244&lpg=PA244&dq=hobyo+sea+port+ethiopia&source=bl&ots=SQdQ9racZP&sig=MT0s9ibi8x888jkoFSEV98eYG8k&hl=nl&sa=X&ved=0ahUKEwjQitPL6cbZAhWUSsAKHTJoCi44ChDoAQgwMAE#v=onepage&q=hobyo%20sea%20port%20ethiopia&f=false

7-  https://books.google.nl/books?id=z4kcjSGxX-YC&pg=PT269&lpg=PT269&dq=hobyo+sea+port+and+ethiopia&source=bl&ots=Sj_dARAncd&sig=P2ZfKehFNRKZhdHJ85zuoYeITWE&hl=nl&sa=X&ved=0ahUKEwicseyF48bZAhVEB8AKHcPOCsEQ6AEIVjAI#v=onepage&q=hobyo%20sea%20port%20and%20ethiopia&f=false

8-    Somalia: Support to the Fisheries Sector and Reconstructing Coastal Livelihoods

9-    https://www.afdb.org/fileadmin/uploads/afdb/Documents/Project-and-Operations/SIF_Pipeline_Report_-_Final_Consolidated_May_2017.pdf

10- https://www.alaraby.co.uk/opinion/2017/8/26/هذا-التنافس-على-موانئ-القرن-الأفريقي-1

زر الذهاب إلى الأعلى