(تحليل) أسباب ظاهرة تمرد قوات الدراويش في بونت لاند

بقلم: أنور أحمد ميو

تكررت منذ شهور ظاهرة تمرد قوات الدراويش في ضاحية مدينة غرووي عاصمة ولاية بونت لاند شمال شرق الصومال والذي كان أحدثها في 13 سبتمبر الجاري احتجاجا على عدم حصولها على رواتبها لمدة 28 شهر حسب ما ذكره العقيد محمود علي حرسي عرتن من قيادات الدراويش، ووصف إطلاق النار الذي قامت به القوات المتمردة بأنه كان تعبيرا عن شكواهم بدون إحداث عملية تخريب.

تم تأسيس قوات الدراويش إبان ولادة بونت لاند مطلع أغسطس عام 1998م بقيادة عبد الله يوسف أحمد، والتي شكَّلت النواة الأولى للجيش الوطني الصومالي في الولاية، وتلقت تدريبات عالية الجودة في إثيوبيا، وساهمت إلى حد كبير في الانضمام إلى القوات الصومالية التي قاتلت تحالف المحاكم الإسلامية في جنوب الصومال إبان حكم الرئيس الصومالي الأسبق عبد الله يوسف أحمد ودخول القوات الإثيوبية في الصومال بداية عام 2007م.

وتتمركز قوات من الدراويش التابعة لإدارة بونت لاند في معسكر 54 في ضاحية غرووي،  وسبق وأن تكرر هذا التمرد في يوليو من عام 2014م، وعندما تولى عبد الولي علي غاس سدَّة الحكم في بونت لاند في أوائل يناير 2014م تم دفع راتب شهرين فقط من تلك الرواتب التي لم تحصل عليها.

أسباب الأزمة الاقتصادية:

وتشهد منطقة بونت لاند أزمات اقتصادية متلاحقة وذلك للأسباب التالية:

1- محدودية الدخل القومي وقلة الموارد المتاحة الآن للولاية رغم أن الثروات غير المستغلَّة للولاية كبيرة سواء المعدنية أو البحرية أو الحيوانية.

2- ضعف تصدير المواشي في الفترات السابقة إلى الدول الخليجية.

2- طباعة بعض رجال الأعمال للشلن الصومالي المزيف الذي سبب تضخما اقتصاديا غير مسبوق، وارتفاعا للأسعار بما في ذلك المواد الغذائية.

3- الفساد الذي تسرب إلى أجهزة الدولة الإقليمية التي تعتمد على المنح الخارجية.

تفكك وإهمال الدور القوي لقوات الدراويش:

يرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي في بونت لاند سالم سعيد أنه منذ تولي الجنرال عدي موسى القيادة في بونت لاند في أواخر عام 2004م تم تقزيم دور الدراويش وتأسيس وحدات أخرى باسم ” برمد” (Birmad)، وقد عانت قوات الدراويش من الإهمال وعدم دفع الرواتب لهم باستمرار،  إضافة إلى أن كثيرا من وحدات الدراويش الأكثر تدريبا التحقوا آنذاك بعبد الله يوسف في الجنوب بعد انتخابه رئيسا للصومال.

ويضيف الأستاذ سالم: ” في عهد الرئيس عبد الرحمن فرولي ظل الأمر كذلك حيث أسس وركز على وحدات عسكرية تسمى (saricen) لغرض مكافحة القرصنة، والتي تم تمويلها من دولة الإمارات العربية المتحدة مما كان بداية ضعف الدراويش، ولكن بعد اشتداد معارك جبال جلجلا (غربي مدينة بوصاصو) بين حركة الشباب وبين قوات بونت لاند التي استمرت لسنوات تم الاحتياج إلى الخبرات القتالية للدراويش، وبالفعل أبلوا بلاء حسنا في المعارك التي جرت في تلك المناطق الوعرة القاسية، لكن إهمالهم كان مستمرا.

والآن وبعد أن وصل السيد عبد الولي غاس إلى سدة الحكم يبدو أن مشكلة عدم صرف الرواتب أثرت سلبا على قوات الدراويش، لأنها أصبحت وحدات  عسكرية لا تحصل دعما لوجستيا وماليا من أي جهة خارجية مثل قوات مكافحة الإرهاب التي تمولها أمريكا، ووحدات (saricen) وهي وحدات شكلت لمكافحة القرصنة بدعم سخي من دولة الإمارات، ولا تحصل أيضا رواتبا من خزينة الدولة.

وبدوره يرى الأستاذ المتابع لشؤون ولاية بونت لاند عبد الله فارح مري أن  بعض الحلول التصالحية التي قبلها الرئيس عبد الولي علي غاس في تمردات سابقة تغري البعض على استخدام نفس الطريقة للاحتجاج والبحث عن امتيازات رغم أن الأمر له علاقة بتدهور  الوضع الاقتصاد في الولاية، ويرجع ذلك إلى ضعف حركة تصدير المواشي في الفترة السابقة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى