المنسلخون

أهلك لا تهلك مثال مصري يصف الأشخاص الذين ينسلخوا عن أهلهم ,ولكن في الوقت ذاته يفقدون أحترام الناس لهم. هكذا هم كثير من المسلمين في إنسلاخهم عن دينهم بتشبثهم بأفكار الغرب. يتفلسفون على علماء دينهم ويقذفون المستمعين لهم  بالجهل وأنهم هم المتحررون التاركون لتبعيت الغير وفي نفس الوقت يتشبثون بأقدام الغرب ليثبتوا لهم أنهم مستعدون لتحضر(لإنسلاخ).

جميعنا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله ولولا أن اهلك أخرجوني ما خرجت). معا هذا خرج النبي صلوات ربي عليه منها لماذا؟؟ لأن العقيدة أغلى من الوطن .لكن المنسلخين يرون أن الوطنية تعني مخالفة أي شئ حتي لو كان دينهم مقابل أن يخرجوا عن صف الوطن أو يخالفوه ,وتراهم متقوقعين في حدود (سايكس -بيكو ) لا يتعدونها و يوالون ويعادون عليها فتراه يعادي قومًا أو رئيسًا أو جماعة، وفي غمضة عين يتغير العداء إلى محبة لا لشئ ولكن لأن حكومة بلاده غيرت نظرتها لهذا الرئيس أو هذه الجماعة، فأي دين هذا؟!

نحن نحمد الله عز وجل على جعله أساس المحبة والعداء الدين, لا يتحكم فيهما رئيس أو حكومة أو وطن بل الأمر أكبر من ذلك فكل المسلمين إخوان ويجب محبتهم, وأما الكفار فلنا قدوة في إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (الممتحنة:4) ,ولكن هذا لا يعجب مرهفي الإحساس من المنسلخين فهذا توحش ورجعية وتخلف في منظور العالم المتحضر الذي نعيش فيه فالإنسانية هي أساس المحبة والكره , لنتماشى معهم ونسألهم ما الإنسانية التي أحب وأكره عليها؟؟ سيقولون نحب كل البشر عدا المتطرفين! طيب لماذا ترى الدول المتطورة مثال لإنسانية والتحضر وإحترام حقوق الإنسان بينما أقل دوله فيها قتلت مئات الألوف إن لم تصل إلى الملاين لتصل إلى القوة والتحكم الذي هي فيه، أم ينسيك حفنة الحقوق الكاذبة التي تعطيها مقابل القوة التي تحتكرها لنفسها ولا تسمح بغيرها حتى بالتفكير بالحصول عليها وأي محاولة تعني تدمير تلك الدوله الصغيرة الضعيفة التي سمحت لنفسها بالتفكير في ذلك كما حصل للعراق.

المنسلخون المناضلون كثيرًا، ممن يحبون أوطانهم يضعيون عمرهم في تفاهات لم تحصل ولن تحصل فهذه سنة الله لنا لن نقوم أشتاتا أبدا, فلن ينفع صراخه المنقطع النظير لمكافحة الفساد وهو متقوقع في حدود رسمها المحتل في عقله إن مكفاحة الفساد تعني التخلص من أساس الفساد، لا الرضي بالزرع والذل فإن الدول التي يراها متقدمة هي أساس فساد ساسته ,ولن يرضوا بغيرهم بدلا، مهما علا صراخه ففي النهاية حتي وإن أصبحت الدولة غنية، فماذا تصنع دولة ليس لها الحق في تصنيع سلاحها و الحكم  بكتابها؟ وتحرم من أبسط حقوق السيادة الذاتية وتصبح ذليلة تابعة، وقد رأينا ماذا حدث للدول التي أرادت أن تصنع من نفسها دولة قوية بماذا أفادتها القومية الجواب لا شئ سوي الذل والهوان، وستظل كل هذه الدول في دوامة الذل. و يجب أن يعلم المنسلخون أننا لن نقف أبدا كدولة قوية إلا إذا توحدنا وطبعا سنستعمل القوة فلا توجد دولة عظيمة بنيت على نثر الورود وطبعا ضمن قول الله عزو وجل: ((وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (191) (البقرة) ,وطبعا يتضح لأى قارئ أن الشدة مطلوبه مع المعتدي  كما أن البر والإحسان لغير المعتدي. في ظل هذا الإنسلاخ التي تشهده الأمة تجد من يستحي أن يقول أنه يعتقد بما جاء في القرأن والسنة و يحور النصوص ويأخذ بالضعيف ويترك الصحيح البين حتي يظهر بمظهر المتحضر(المنسلخ), ويفتخر بكل بجاحة قال تعالي : (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون).
والأعجب من كل ذلك أنه يرى سؤال العلماء منقصة وأن إفتاءه لنفسه يكفي ويلج له الشيطان من مدخل لا تتخذهم آلهة من دون الله، قاتله الله! ألم يعلم أن العلم يؤخذ ممن هو أعلم أخذه الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ التابعون عن الصحابة وهكذا دواليك ثم يأتي هذا المتفلسف ليصبح المفتي الحجة فقط لأنه قرأ القرأن.

“المنسلخ” هو كل إنسان يترك مبدأه وعقيدته ويتشبث بالقوي  الذي ما أصبح قويا بمبادئه، فقطعا لن يستطيع إكمال الطريق بنصف مبدئ فهو لا إلى هؤلاء ولا إلى هولاء . كثير من هؤلاء طيبيون ويحولون أن يؤثروا في مجتماعتهم ومع ذلك فالحقيقة المره أنهم لن يجنوا إلّا إضاعة وقتهم فالطريق واحد فلم نعز يوما بقومية ولا بوطنية ولا بمال ولا عدد ولم نترأس الدول لقرون إلا بالدين والوحده قال تعالي : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال:46), فأنى لهؤولا أن يتقدموا وأن يحدثوا فارق في هذه الحياة( صفر على الشمال).

 

 

عبدالعزيز علي عبدالله محمد

طالب هندسة مكانيكية مقيم في دولة قطر.
زر الذهاب إلى الأعلى