هل تساعد الأمم المتحدة ضحايا المجاعات والحروب.. أم تمول المنظمات الإرهابية؟

•أموال المساعدات هي المصدر الأول لدخل القاعدة في الصومال

•حركة الشباب التابعة للقاعدة تسيطر على الطرق الرئيسية في الصومال

•قائد قوات الإتحاد الأفريقي ينتقد تقليل عدد المقاتلين

•سعر “كيس الأرز” يصل إلى 26 دولارا في الصومال

تجني حركة الشباب التي تنتمي إلى تنظيم القاعدة الإرهابي، ملايين الدولارات سنويا من أموال المساعدات الخارجية المرسلة إلي الصومال من قبل الدول الغربية التي تحاول القضاء علي الجماعات الإرهابية.

كشف تحقيق أجرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن أن الأموال التي قدمتها الأمم المتحدة مباشرة إلى النازحين لمساعدتهم في صراعهم ضد الجوع والمرض، انتهت في الأخير إلى أيدي أقدم منظمة إرهابية في أفريقيا.

قال أعضاء سابقون في حركة الشباب وعملاء بالمخابرات الصومالية، إن الجماعة الإرهابية تغتصب يوميا ألآف الدولارات، عن طريق قطع الطرق وفرض الجبايات على التجار، الذين يحاولون نقل الأغذية والإمدادات لبيعها إلى المشردين داخليا في المدن التي يتمركزون فيها.

وتفحص الأمم المتحدة الأشخاص الذين هجروا بيوتهم ويعيشون داخل معسكر كبير في مدينة بيدوا الصومالية، وأصدروا بطاقات نقدية تمنحهم الأمم المتحدة بواسطتها ما بين 80 و90 دولارا شهريا، ليتمكنوا من شراء الضروريات من التجار المحليين.

ويشير مسؤولون في الأمم المتحدة إلى أن نظام الدفع المباشر هذا، سيجنب الأمم المتحدة إغراق الأسواق المحلية بالمأكولات المجانية، كما سيخفف عنها عبء تحريك قوافل الأغذية، والتي دائما ما تكون معرضة للهجوم عليها وسرقتها.

يشكو رجال الأعمال من أن شاحنة الأغذية التي ترسل يوميا إلى الأسواق المفتوحة للنازحين في مناطق تمركزهم مثل بيدوا، عليها أن تدفع إلي جماعة الشباب التي تسيطر علي الطريق الرئيسي للمدينة، حتى يسمحوا لها بالعبور إليها.

وأضاف الأعضاء السابقون بالجماعة وعملاء المخابرات الصومالية، أن حصيلة الرسوم التي تفرضها الشباب علي شاحنات الغذاء والمركبات الأخرى من حاجزين فقط علي الطريق الأكثر ازدحاما في الصومال، تقدر بآلاف الدولارات، وقدرت الأمم المتحدة أن حاجزا واحدا على الطريق المؤدي لبيدوا، يجلب لهم نحو 5 آلاف دولار يوميا.

كما اعترف جامع زكاة سابق بالحركة –المسمى الوظيفي له في الحركة- ألقي القبض عليه من قبل المخابرات الصومالية، خلال إحدى حملاتها، بأن عملية تحصيل الإتاوة من الحواجز الموضوعة علي الطرق، واحدة من أكبر مصادر الدخل للحركة.

وواصل أن أكبر مصدرين للإتاوات هما الطريق المؤدي إلى بيدوا، والطريق الرئيسي الذي يربط العاصمة الصومالية مقديشيو بمنطقة شبيلي الغنية بالزراعة.

وأن التلاعب اليوم صار أكثر حرفة مما كان عليه في أوائل التسعينيات، عندما ادعى قادة الحرب المحليين تضورهم جوعا، ودفعت مشاهد الموت الجماعي في شوارع بيدوا لمئات الآلاف من الصوماليين، من أجل الحصول على أموال المعونات الدولية، في عام 1992، إلى قيادة تدخل عسكري متعدد الجنسيات في نفس العام.

حيث كانت “شاحنة الموتي” آنذاك تجمع حوالي 100 جثة يوميا، وكلها عبارة عن هياكل عظمية من أثر المجاعة، في حين كانت منظمة الإغاثة في قمة اليأس لإضطرارها لدفع الأموال إلى قادة الحرب، لكي يسمحوا لها بالوصول إلى الضحايا الذين يعانون من الجوع.

في ذلك الوقت، كان على منظمات مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تدفع ثمن الحراس المسلحين، حيث انفقت 100 ألف دولار في إسبوع واحد على الحراسة في مقديشيو.

وذهبت تلك الولارات إلى إيدي عصابات مسلحة والتي كانت أقل تسامحا من المنظمات الإرهابية الدولية، عندما لا تسدد ديونها.

وفي العام 2018، عندما لا يدفع التجار المحليون، فإن الجماعة تأسرهم وتقتلهم، وذلك طبقا لما قاله مقاتل سابق في الحركة لمدة 8 سنوات، وعميل سري للمخابرات الصومالية حاليا.

وأوضح أن حركة الشباب، تفرض 3 دولارات علي التجار المحليين، على كل كيس من الأرز، وهذا ما يفسر الفارق في سعر بيع كيس الأرز، حيث يباع مقابل 18 دولارا في مقديشيو، وفي بيدوا يصل إلى 26 دولارا.

وعلاة علي ذلك، يدفع التجار جزية سنوية إلى حركة الشباب، حتى وإن كانوا في المدن التي لا تخضع لسيطرة الجماعة، كبيدوا ومقديشيو.

وأكدت كل من الحكومة الإقليمية وحسين شيخ رئيس دولة الصومال الجنوبية الغربية، كل هذه الإدعاءات، كما اعترف مايكل كيتنج ممثل الأمم المتحدة بالصومال، بعملية الإحتيال التي تقوم بها الجماعة، لكنه قال إن معظم المساعدات الخارجية لا تزال تصل إلى وجهتها المقصودة.

وأوضح كيتنج المسؤول المخضرم للأمم المتحدة، والذي قضى أعواما من الخبرة في أفغانستان والشرق الأوسط، أن عملية امتلاك الثروة، تبدو جذابة للغاية بالنسبة لهؤلاء، وسوف تكون عمليات الإحتيال هذه موجودة دائما.

وفي الوقت الحالي، تقدر أعداد مقاتلو الإتحاد الأفريقي نحو 22 ألف مقاتل، لحماية الحكومة الوليدة في مقديشيو، والتي تعمل على نزع السيطرة في الجنوب من أيدي حركة الشباب، لكنها تنسحب ببطء، ومن المتوقع أن تكون خارج الصومال بعد عامين من الآن.

لكن قادة قوات الإتحاد الأفريقي تصرح بأنها لا تستطيع دفع حركة الشباب من الطرق الرئيسية، التي توفر لها الكثير من الدخل، وانتقد الكلونيل كريس أوجوال، قائد الوحدة الأوغندية التي تسيطر على الطريق بين مقديشيو وبلدة صغيرة تسمي أفجوي، تقليل أعداد قوات الإتحاد الأفريقي.

وقال إنه يجب زيادة أعدادهم، لأن مع تقليل الأعداد تصبح الهجمات علي الشباب أقل وأضعف، وأن أي فراغ سينتج عن الإتحاد الأفريقي ستملأه حركة الشباب.

وتشير شبكة “سي إن إن” إلى أن ذلك عمل على زيادة عدد القوات الأمريكية، لأكثر من 500 جندي، بما في ذلك قوات العمليات الخاصة، التي تتحمل العبء الأمني المتزايد باستمرار.

وهذا العام هو الذكرى ال25 لمعركة مقديشيو، الحرب التي قتل فيها 18 أمريكيا، وأكثر من ألف صومالي، وذلك عندما حاولت القوات الخاصة الأمريكية القبض على أقوى قائد للحرب في الصومال، وهو محمد فرح عيديد.

وكانت صورة الطيار الأمريكي الميت الذي كان يجره الصوماليون في التراب، السبب الرئيسي في إعلان الولايات المتحدة إنسحابها من الصومال، لكن نظم الفساد والإحتيال في الصومال لا تزال قائمة، واختارت الآن تمويل حركة إرهابية تسيطر على حوالي ثلث الصومال، وقد تصبح مغناطيسا للجماعات الجهادية أمثال داعش.

 المصدر- صدى البلد

زر الذهاب إلى الأعلى