“كفى كذبا” .. زكاة الصومال لمنطقة نجد خرافة لا أصل لها

في خرافة لا أصل لها، أشيع قبل أعوام، أن شخصا رأى وثيقة فتوى عمرها 120 سنة صدرت عن علماء دولة الصومال تجيز دفع الزكاة لأهل نجد لمجاعة حلت بهم، ثم راج وشاع أن زكاة الصوماليين بعثت إلى نجد والحجاز والجزيرة العربية. والفتوى المزعومة صدرت حسب الشائعة السابقة عام 1313هـ، التي شهدت أمطارا وربيعا في المنطقة. وبعد بحث عن الموضوع، وجدنا محاضرة على “يوتيوب” للشيخ الفاضل الدكتور عثمان الخميس يذكر فيها فتوى علماء الصومال بدفع الزكاة لمنطقة نجد، معتقدا صحتها، إضافة إلى محاضرة تلفزيونية لشيخ من عمان، يقول فيها إن أحد أبناء الجزيرة العربية قابل شخصا من باكستان عند حاوية نفايات وفيها طعام، وقال له الباكستاني: أنتم أهل الجزيرة كنتم تأخذون الزكاة من الصومال عندما كانت الصومال غنية مثلكم الآن، وفي مقطع على “يوتيوب” لشخص من مشاهير مواقع التواصل يقول “لا إله إلا الله، أقرأ البارحة في تاريخ العبودي يقول إن نجدا والحجاز كانتا تتلقيان الزكوات والصدقات في رمضان من السودان والصومال. انظروا اليوم إلى حالهم وحالنا. النعم تقيد بالشكر”. فهو يزعم أنه قرأ في تاريخ العبودي الكلام السابق، والحقيقة إنه لا يوجد كتاب على وجه الأرض اسمه تاريخ العبودي، لا مطبوع ولا مخطوط ولا مفقود.

على إثر مقالتين نشرتهما في هذه الصفحة بينت في الأولى الأكاذيب التي أحاطت بالمثل الشهير “قلعة وادرين”، حيث ظهرت أكذوبة تزعم أن قلعة وادرين في مدينة تبوك، وتلاها تحليل يرى أنها في بلغاريا، وبينت أن الزعم أنها في تبوك كذب لا أصل له، وأن الزعم أنها في بلغاريا هو تحليل خاطئ ووهم، وأوضحت أن كلمة قلعة مأخوذة من مفردة انقلع أي اذهب بعيدا أو اغرب عن وجهي، وكلمة وادرين مأخوذة من كلمة تودّر بمعنى اذهب واخرج، وتقال الكلمة عند الغضب واللوم، فهي للطرد كما في المعاجم.
أما المقالة الثانية فهي عن نص مكذوب ومنسوب إلى الرحالة ابن بطوطة يتحدث عن حر نجد يزعمون أنه قال فيه: “مررت بأرض في وسط نجد لا تسكنها الجن من شدة الحر”، ومرة أخرى يزعمون أنه قالها عن الكويت، وينسبون لابن بطوطة هذا النص: “مررت بِأرض دون أو أسفل البصرة يقال لها كاظمة -يقصد الكويت- لا يسكنها الجن من شدة حرها ولواهيبها”، وبينت في المقالة أن الكلام مكذوب على ابن بطوطة ولا أصل له من الصحة، وإنما افتراه شخص نكرة مجهول ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي. والغريب أن من روج للأكذوبتين السابقتين من قنوات تلفزيونية وكتاب معروفين لم يعتذروا عن نشرهم الأكاذيب بعد أن اتضحت لهم الحقيقة.
على إثر هاتين المقالتين جاءني استفسار وتكرر عدة مرات، عن صحة ما شاع قبل أعوام، وبالتحديد عام 1433هـ/ 2012 من أن شخصا رأى وثيقة فتوى عمرها 120 سنة صدرت عن علماء دولة الصومال تجيز دفع الزكاة لأهل نجد لمجاعة حلت بهم، ثم راج وشاع أن زكاة الصوماليين بعثت إلى نجد والحجاز والجزيرة العربية. والفتوى المزعومة صدرت حسب الشائعة السابقة عام 1313هـ. وأخذت أبحث عن الموضوع، فوجدت محاضرة على “اليوتيوب” للشيخ الفاضل الدكتور عثمان الخميس يذكر فيها فتوى علماء الصومال بدفع الزكاة لمنطقة نجد معتقدا صحتها، ثم وجدت برنامجا تلفزيونا على قناة الإمارات لشخص سيماه سيما داعية أو طالب علم يظهر من لهجته أنه من أهل الإمارات يقول فيه: “الصومال كانت غنية الذي يرجع إلى التاريخ يقرأ ويعرف أن الصومال كانت تساعد دول الخليج، كانت تتصدق على دول الخليج”. ثم عثرت على محاضرة تلفزيونية ثالثة لشيخ من سلطنة عمان، ولم أعرف اسمه، يقول فيها إن أحد أبناء الجزيرة العربية قابل شخصا من باكستان عند حاوية نفايات وفيها طعام، وقال له الباكستاني: أنتم أهل الجزيرة كنتم تأخذون الزكاة من الصومال عندما كانت الصومال غنية مثلكم الآن، وفعلوا فعلتكم “يقصد التبذير” وعاقبهم الله تعالى والآن هم الفقراء وأنتم الأغنياء، وإن استمر الحال بكم على ذلك ستعودون كما هو حال الصومال اليوم” ثم يذكر الشيخ العماني أن الصوماليين استفتوا علماءهم عن جواز إخراج الزكاة لأهل الحجاز فأفتوهم بإخراج الزكاة لإخوانهم في الجزيرة. فهو مرة يقول الحجاز، ومرة الجزيرة العربية كاملة. ثم وجدت مقطعا على “يوتيوب” لشخص أظنه حجاج العجمي يقول فيه بالنص: “لا إله إلا الله، أقرأ البارحة في تاريخ العبودي يقول إن نجدا والحجاز كانت تتلقى الزكوات والصدقات في رمضان من السودان والصومال، انظروا اليوم إلى حالهم وحالنا. النعم تقيد بالشكر”. فهو يزعم أنه قرأ في تاريخ العبودي الكلام السابق، والحقيقة إنه لا يوجد كتاب على وجه الأرض اسمه تاريخ العبودي، لا مطبوع ولا مخطوط ولا مفقود، ومن الواضح أنه يقصد بكلامه الشيخ العلامة محمد بن ناصر العبودي، وللشيخ العبودي عشرات المؤلفات في فنون مختلفة، وليس من بينها كتاب باسم “تاريخ العبودي”. وقد قرأت أنا وغيري كل مؤلفات العبودي التي تتناول الجوانب التاريخية، وهذا الكلام الذي نسبه إليه ليس موجودا فيها، ثم اتصلت بالشيخ محمد المشوح، وهو المعني الأول بنشر كتب الشيخ العبودي فأنكر وجود هذا الكلام بها، واتصل بالشيخ العبودي لنقطع الشك باليقين، فأنكر الشيخ العبودي ذلك جملة وتفصيلا، وقال الشيخ العبودي بالنص: “هذا الكلام لم أكتبه، ولم أورده في كتاب أو أقله في مجلس، ولم أسمع به، وهذا الكلام غير حقيقي وغير متصور، وكل هذا الكلام غير صحيح”. والذي يظهر لي أن حجاج العجمي قرأ الكلام عند بعض دجاجلة وسائل التواصل الاجتماعي فالتبس عليه الأمر وظن أنه قرأه فيما أسماه “تاريخ العبودي”. ثم وجدت مقالة كتبها الدكتور عبدالرحمن الطريري، وأخرى كتبها مازن السديري وكلاهما ينقل الفتوى المزعومة السابقة. أما “تويتر” فحدث ولا حرج فقد سارت بأخبار الفتوى الركبان، وغرد بها مئات المرات، وكثير من هذه التغريدات تنقل الفتوى عن محاضرة الشيخ الفاضل الدكتور عثمان الخميس التي أشرت إليها أعلاه. لقد بدأت الكذبة بفتوى زكاة تخرج لمنطقة نجد، ثم سرعان ما كبرت لتصبح الزكاة قد وصلت أهل نجد والحجاز، ثم تكبر الكذبة لتصل الزكاة والصدقات إلى أهل الجزيرة العربية جميعا بشعوبها الذين يغطون اليوم عدة دول.
وبين كل الأصوات السابقة عثرت على صوت واحد حاول البحث عن الحقيقة وهو الشيخ خالد بن علي الحيان، وتوصل إلى أن الفتوى لا أصل لها، وهو الرأي الذي توصلت إليه وأجزم به، فهذا الكلام والزعم أن هناك فتوى صدرت عن علماء الصومال تبيح للصوماليين دفع الزكاة لأهل نجد، أو أن زكوات أو صدقات بعثت من أهل الصومال الكرام لنجد كلام لا حقيقة له، وهذا الكلام إنما صدر عن نكرة كذاب مجهول، تستر وراء برقع وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أكاذيبه، ثم نقله الفضلاء عن حسن نية، وربما نقله آخرون عن سوء نية. وفيما يأتي ما يوضح للقارئ الكريم الصورة:

استعمار وحروب
يقول التاريخ الثابت والمؤكد إن الصومال قبل 120 سنة وأكثر وأقل كانت تعيش فترة عصيبة، فقد كثرت الأطماع الدولية فيها للإشراف على الملاحة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وخليج عدن ومضيق باب المندب، وتعرضت أجزاء منها للاستعمار البريطاني، وتعرضت أجزاء أكبر للاستعمار الإيطالي منذ عام 1286هـ/ 1869، وأخذت إيطاليا تتوسع في الأراضي الصومالية حتى أعلنت حمايتها على الصومال الجنوبي عام 1314هـ/ 1896. وقاوم الصوماليون قوات الاحتلال من بريطانيين وإيطاليين وإثيوبيين، وقاد الزعيم محمد عبدالله حسن الصومالي المقاومة الوطنية من الشعب الصومالي الباسل، وأعلن “الجهاد ضد المستعمرين الكفرة”، وظل يقاتلهم 20 سنة من عام 1317هـ/ 1899 حتى وفاته عام 1338هـ/ 1920. ولا شك أن أي دولة تعيش حالة حرب، خصوصا في مثل حالة الصومال التي تقاوم استعمارا قويا، أي دولة تعيش هذه الحالة ستكون بحاجة إلى مساعدة الآخرين ودعمهم، وأن المنطقي أن علماء هذه الدولة التي تعيش حالة حرب سيصدرون فتاوى يطلبون فيها دعم إخوانهم في الدول الإسلامية الأخرى. ويقول التاريخ أيضا إن الصومال عانت في تلك الفترة حالة جفاف، وأن الاستعمار البريطاني استغل هذا الجفاف ومنع وصول الماء إلى المواطنين الصوماليين لإخضاعهم، وأن الاستعمار البريطاني والاستعمار الإيطالي استأثر بثروات الصومال وخيراتها، وحرم الشعب الصومالي منها وأن الشعب الصومالي عانى في ذلك الوقت الفقر والمرض.
وللفائدة فإن القائد المناضل البطل محمد عبدالله الصومالي كان قد سافر إلى الحجاز لإكمال دراسته العلوم الإسلامية، ومكث في الحرم المكي ست سنوات ثم عاد إلى بلاده عام 1311هـ.

رحلة العظم إلى الصومال عام 1313هـ
قام الرحالة صادق باشا المؤيد العظم برحلة إلى الحبشة عام 1313هـ، في السنة نفسها التي زعم أن الفتوى ظهرت فيها، ومر خلال رحلته بالصومال، ووصف مشاهداته فيها، ومن يقرأ هذه الرحلة يتبين له جليا أن وضع الصوماليين الاقتصادي آنذاك لا يختلف عن إخوانهم في أفقر مناطق الجزيرة العربية. وكان الصوماليون آنذاك كإخوانهم في بعض مناطق جزيرة العرب بحاجة إلى مساعدة إخوانهم من عرب الشمال الذين كانوا يعيشون حياة أفضل بكثير من الناحية المادية ووفرة الخيرات، ولكن حسب علمي هذا لم يحدث، ولا لوم عليهم ما دام الذي قَدم نفسه خليفة وسلطانا على المسلمين مشغولا بالحرملك، ولو أنفق على فقراء الصومال وفقراء الجزيرة العربية نصف ما ينفقه على الحرملك وعلى قصوره الأخرى لزال فقرهم.

نجد عام 1313هـ
تذكر المصادر التاريخية أن عام 1313هـ كان عام خير ورغد في منطقة نجد، إذ كثرت الأمطار وعم الخير، يقول المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (1270-1343هـ) المعاصر لتلك الفترة عن أحداث سنة 1313هـ: “وفيها (أي سنة 1313هـ) في أول الوسمي كثرت الأمطار والسيول، وعم الحيا جميع بلدان نجد فلله الحمد والشكر”. ومثل هذا الكلام قاله ابن عيسى عن السنة التي قبلها 1312هـ إذ كثرت الأمطار فيها وتوالت. أما في عام 1314هـ فيذكر ابن عيسى أن الأمطار التي جاءت على منطقة نجد لا يعرف مثيل لها لكثرتها وغزارتها، وأن الحيا عم جميع بلدان نجد. والمقصود بالحيا في نص ابن عيسى يعني أن المطر غطى منطقة نجد كلها، فربعت وكثرت الخيرات. ومن نصوص ابن عيسى وغيرها يتبين أن نجدا لم تعش تلك الفترة مجاعة كما في الفتوى المزعومة المختلقة، وإنما كانت تنعم بخير لسنوات متوالية. وقد ذكر المؤرخ محمد العلي العبيد (1303- 1399هـ) في كتابه “النجم اللامع”، وهو معاصر لتلك الفترة كلاما عن كثرة الأمطار وانتشار الخيرات في منطقة نجد تلك الفترة، فهذا مؤرخان معاصران يتفقان على أن منطقة نجد لم تعان مجاعة في سنة الفتوى المزعومة، وإنما كانت تنعم بالخير.

نكرة بلا إسناد
من أول قواعد علم الحديث وعلم التاريخ أن الرواية تؤخذ بإسناد عن ثقة، فأين إسناد رواية الفتوى المزعومة، الحقيقة إنه لا إسناد لها، وإنما صدرت عام 1433هـ عن نكرة مجهول لا يعرفه أحد، ونشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تنشر في كتاب له مؤلف معروف يسأل عما قال، ثم للأسف صدقها بعض الفضلاء ونشروها فذاعت بين الناس لغرابتها. ثم أين صورة الفتوى التي يزعم هذا النكرة المجهول أنه رآها؟ والجواب أنه لا توجد صورة لها لأنه لا حقيقة لهذه الفتوى، ولا حقيقة لكل ما تبع هذه الخرافة من أكاذيب.

رأي الحيان
كتب الشيخ خالد بن علي الحيان في صفحة “وراق الجزيرة” منكرا هذه الكذبة المختلقة، ومبينا بعض الأدلة على بطلانها فقال: “عجب كثير من الناس من فتوى يتناقلونها عن طريق شبكة النت ورسائل الجوال والتواصل الاجتماعي. فحواها أن أحد طلبة العلم ولم يسم نفسه اطلع على وثيقة فتوى عمرها أكثر من 120 سنة في دولة الصومال تجيز دفع الزكاة لأهل نجد لمجاعة حلت بهم. وبعد بحث وتحر وتحقيق وتدقيق بقدر الاستطاعة تبين لي أن صحة الفتوى فيها نظر إن لم تكن باطلة. وإنما نشرت لأغراض الله عليم بها. وهناك فرق بين أن تدفع الدول المجاورة زكاتها أو تبرعاتها وأوقافها لحرمي مكة والمدينة وبين بلد نجد. ولذلك شواهد كثيرة. ومن له اطلاع على سجلات وكشافات الوثائق العثمانية أو الكشاف التحليلي لصحيفة أم القرى وصوت الحجاز يعلم بذلك. وثم تساؤلات حول الفتوى يجعلها في محل الشك في أقل تقدير.
من تلك التساؤلات: أن مصادرها مجهولة فمن هو المطلع عليه وأين توجد وفي أي سجل أو كتاب مذكورة وأي نوع من أنواع الزكاة. علما أن المذهب الفقهي لتلك البلاد هو المذهب المالكي والشافعي وهما لا يجيزان نقل الزكاة لخارج البلد على تفصيل في ذلك. أيضا ما هي الاتصالات والإمكانات التي كانت عليها دولة الصومال ذاك الوقت حتى تعلم عن بلد نجد. كيف وهي لم تتطور حتى الآن. ثم ما هي قوة الإمكانات التي ستحمل الزكاة إلى بلاد نجد. وإن مما يجب التنبه له ويقطع فكر المتعجبين منها لو صحت. أنها قد تكون فتوى عينية لشخص نقل زكاته ثم إن هذا من تعاليم ديننا الحنيف الذي حث على التعاون. أيضا وفي مرور هذا التاريخ على الفتوى يكشف لنا أنها قبل توحيد الجزيرة العربية. وعليه ماذا يقال عن الهجرات التي حصلت قبل هذا التاريخ من نجد إلى خارج الجزيرة العربية بسبب المجاعة. أو العلاقة العلمية بين علماء الصومال وعلماء نجد”.

أوقاف الحرمين الشريفين
لمكة المكرمة والمدينة المنورة مكانة خاصة في قلب كل مسلم لوجود الحرمين الشريفين فيهما، ولفضلهما ومناقبهما، ولذلك حرص كثير من المسلمين من أنحاء الدول العربية والإسلامية على المجاورة في الحرمين والسكنى هناك، فهاجروا من بلادهم واستقروا في مكة المكرمة والمدينة المنورة، أو مكثوا فترة فيهما لطلب العلم أو للعبادة، ولذلك ولأسباب أخرى حرص كثير من المحسنين من أهل الحجاز ونجد ومن جزيرة العرب ومن الدول العربية والإسلامية الأخرى وعبر التاريخ الإسلامي على وضع أوقاف وتقديم تبرعات خاصة بالحرمين، وللفقراء المهاجرين هناك أو غيرهم، واستمرت هذه الأوقاف والتبرعات مئات السنين، وهناك مؤلفات وبحوث كثيرة منشورة وغير منشورة حول أوقاف وتبرعات الحرمين. ولما قامت المملكة تولت تنظيم شؤون الحرمين الشريفين، ورتبت لهؤلاء المجاورين والفقراء ما يكفي حاجتهم ويسد معوزتهم، وحمل ملوكها على كاهلهم هذه المسؤولية بكل إيمان وحرص واهتمام، فتغير الوضع إلى أفضل حال. وهذه النقطة ليس لها علاقة بالموضوع الذي أناقشه، وإنما رأيت البعض يخلط عن جهل أو تجاهل بينهما فأحببت التنويه.

تقدير أهل الفضل
العربي الأصيل والمسلم الحق من يعرف لأهل الفضل فضلهم، فيقدرهم ويشكرهم، وكم أسعد أنا وغيري حين نجد لإخواننا العرب والمسلمين مواقف نبيلة حتى نكتب عنها ونثني عليهم بما هم أهله. وسأعود بالذاكرة تسع سنوات إلى عام 1430هـ حين قام بطل من دولة باكستان يعمل في مدينة جدة بإنقاذ 14 شخصا من الغرق في كارثة السيول الشهيرة التي اجتاحت مدينة جدة، ثم مات غريقا شهيدا إن شاء الله. هذا البطل الباكستاني الشهيد اسمه فرمان علي خان، وقد أصبح هو واسمه شخصية خالدة في قلب كل مواطن سعودي، وقام الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله بمنحه أعلى وسام سعودي، وهو وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى. ثم سمي شارعا رئيسا في مدينة جدة باسمه، شارع الشهيد فرمان خان، وكتبت عن هذا البطل عشرات المقالات في الصحف السعودية ثناء وتقديرا، ومثلها في القنوات التلفزيونية السعودية، وأعلنت جهات سعودية وأفراد سعوديون تبرعهم المادي لأولاد وعائلة هذا البطل. ولا يزال اسم فرمان خان يتردد يوميا في أنحاء السعودية بالثناء والدعاء له بالرحمة. إن فرمان خان حقيقة لذلك قدرناه وأحببناه وأصبح خالدا بيننا، وليس للأكاذيب والخرافات مكان بيننا.
وختاما أتمنى أن نتعامل جميعا بحيطة وحذر مع ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي ويصدر عن نكرات ومجاهيل يختبئون خلف أسماء مستعارة، فبعضهم يبحث عن كثرة المتابعين فينشر الأكاذيب المليئة بالغرائب حتى يشد الناس لمتابعته، وبعضهم مغرض له أهداف خبيثة ودنيئة. وقد تورط بعض المعروفين بنقل كلام يبثه هؤلاء المجاهيل وتبين عدم صحته، فأصبح هذا الشخص المعروف مثارا للسخرية. كما أتمنى على الفضلاء الذين نقلوا عن حسن نية بعض الأكاذيب التي أشرت لها في كلامي السابق تصحيح موقفهم بالتراجع العلني عما نقلوه والتبرؤ من هذه الأكاذيب، وأذكرهم بالحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع”.

المصدر- الإقتصادية

زر الذهاب إلى الأعلى