التواجد التركي في الصومال.. بوابة لنفوذ أكبر في إفريقيا

من المتوقع أن يصل نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاويش أوغلو إلى مقديشو الخميس في زيارة قصيرة يبحث خلالها مع المسؤولين الصوماليين العلاقات بين البلدين، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

ورأى مراقبون صوماليون أن زيارة المسؤول التركي تندرج في إطار #الاهتمام_التركي _الصومال.

ويعود الاهتمام التركي الجديد بالصومال لعام 2011 عندما كانت المجاعة تفتك بالبلاد، وزارها حينها رجب طيب أردوغان، الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء، ليصبح بذلك أول مسؤول رفيع غير إفريقي يزور البلاد الذي مزقتها الحرب الأهلية.

ومهّدت هذه الزيارة وما أعقبها من مشاريع إنسانية وتنموية نفذتها الهيئات التركية، لوجود تركي قوي في الصومال، تطور إلى تواجد عسكري تمثل في افتتاح أكبر قاعدة تركية في الخارج، وفق ما أعلنه مسؤولون أتراك. وتتولى هذه القاعدة، حسب الأهداف المعلنة لها، تدريب أفراد الجيش الصومالي، لكن مراقبين يرون أن هدف الوجود العسكري التركي في #الصومال يتجاوز الأهداف المعلنة ويأتي في إطار سعي تركيا إلى تعزيز نفوذها العسكري في القارة السمراء عبر بوابة الصومال.

القاعدة العسكرية التركية

تقع #القاعدة_العسكرية_التركية في الصومال على بعد نحو 10 كيلومترات إلى جنوب غرب العاصمة مقديشو، وعلى مساحة قدرت بأربع كيلومترات مربعة، وهي مطلة على المحيط الهندي. وتضم القاعدة 200 ضابط تركي مهمتهم المعلنة تدريب أفراد الجيش الصومالي، غير أن الأمر أكبر من مجرد مساعدة الجيش الصومالي، بحسب مراقبين استطلعت آراءهم “العربية.نت”.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي الصومالي عبد الرحمن عبدي، في حديث لـ”العربية.نت” إن “الاهتمام التركي بالصومال يعود إلى أهمية موقع الأخيرة الاستراتيجي”، مشيرا إلى أن “إنشاء القاعدة العسكرية التركية (التي افتتحت في أكتوبر/تشرين الأول 2017) يأتي مع تصاعد وتيرة الصراع بين قوى دولية وإقليمية للسيطرة على الصومال والمنافذ البحرية في المنطقة”.

وأوضح عبدي أن “تركيا ومن خلال هذه القاعدة تحاول أن تتحكم بسواحل الصومال، وأن تقدم القاعدة تسهيلات عسكرية لأية قوات تركية قد تصل المنطقة مستقبلا. كما أن من مهام القاعدة الحفاظ على مصالح تركيا في الصومال، إذ إنها قريبة من مطار مقديشو التي تديره وتشغله شركة تركية” بحسب المحلل السياسي.

واعتبر عبدي أن “تنفيذ تركيا مشاريع كبيرة في الصومال خلال فترة وجيزة، بينها فتح أكبر سفارة تركية في مقديشو في عام 2015 وكذا القاعدة العسكرية، ليس أمرا عابرا، حيث إن الهدف التركي في الصومال ليس إنسانيا حسب ما يصوره البعض، بل إن الدعم الإنساني كان مجرد كسب قلوب الصوماليين ودغدغة لمشاعرهم”، متنبئا أن “تستخدم تركيا هذه القاعدة كورقة ضغط على الحكومة الصومالية والقوى الدولية الفاعلة في الصومال”.

أما الإعلامي الصومالي محمد عثمان فيقول لـ”العربية.نت” إن “الدعم التركي للصومال ليس مجرد عطاء فقط، بل يأتي في إطار المصالح المتبادلة”، مؤكداً أن تركيا تستفيد من الصومال عبر شركاتها المستثمرة في البلاد.

وأوضح عثمان أن #تركيا “أظهرت نفسها كصديقة للشعب الصومالي من خلال الدعم الإنساني والتنموي ودعمها ميزانية الصومال”، مؤكدا أن أنقرة “قدمت مشاريع تنموية ملموسة كمستشفيات ومدارس وهو ما قرّبها من الشارع الصومالي العادي”.

وبالنسبة للقاعدة العسكرية التركية، أشار عثمان إلى أن “تركيا ومن خلال قاعدتها العسكرية في الصومال ستبحث عن أسواق في القارة الإفريقية لصادراتها العسكرية”، متوقعاً أن يزداد الوجود العسكري التركي في الصومال في الفترة المقبلة.

بدوره، رأى الكاتب والباحث في شؤون شرق إفريقيا، الشافعي أبتدون، أن “القاعدة التركية جزءا من التمدد العسكري التركي في القارة الإفريقية والذي من المتوقع أن يتوسع في المرحلة المقبلة”.

ولفت الباحث الصومالي إلى أن “حدّة الصراع على القارة الإفريقية سيزداد في الفترة القادمة، وأن الوجود التركي في الصومال جزءا من هذا التنافس المحموم على المنطقة”.

وأوضح أبتدون أن “الصومال يستفيد من القاعدة التركية في تعزيز قدرات جيشه القتالية، رغم الأهداف الاستراتيجية للقاعدة التي تتجاوز عملية التدريب”.

التحديات أمام الوجود التركي العسكري في الصومال

والصومال ليس بلدا مستقرا أمنيا وسياسيا، لذا فإن الأتراك سيواجهون تحديات في وجودهم بالبلاد، حسب ما يرى المحلل السياسي عبد الرحمن عبدي، الذي أشار إلى أن “الانسحاب المتوقع للقوات الإفريقية خلال العام الجاري من الصومال سيكلف الأتراك ثمنا باهظا للحفاظ على مصالهم الاستراتيجية في الصومال، إذ إن الجيش الصومالي لن يكون قادرا على ملء الفراغ الأمني الذي ستتركه القوات الإفريقية”.

وأيد الباحث أبتدون هذا الرأي، حيث أكد أن “تداعيات انسحاب القوات الإفريقية في الصيف المقبل من البلاد، يبقى التحدي الأبرز أمام الوجود العسكري التركي، لأن من شأن انسحاب بعثة الاتحاد الإفريقي أن يدفع مقاتلي حركة الشباب لزيادة هجماتهم وسيوجهون سلاحهم إلى الأتراك في الصومال، تحت ذريعة قوات أجنبية غازية وهي الذريعة التي رفعتها الحركة ضد بعثة الاتحاد الإفريقي”.

كما أن الوضع السياسي غير المستقر في الصومال وتعاقب الحكومات المختلفة يشكل عائقا أمام الأتراك، وإن كانت علاقة أنقرة مع جميع الحكومات الصومالية المتعاقبة جيدة منذ بدء النشاط التركي في البلاد في عام 2011، بحسب أبتدون الذي عزا ذلك إلى “القبول الشعبي الذي يتمتع به الأتراك بسبب أعمالهم الإنسانية والتنموية“.

يذكر أن القاعدة العسكرية التركية قد أنهت تدريب 150 ضابطا صوماليا في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.

المصدر- العربية نت

زر الذهاب إلى الأعلى