تطورات العلاقة الصومالية – المصرية (2011-2017)

شهدت علاقة الصومال مع مصر خلال عامي 2011-2017 نموا ملحوظا، وقفزة نوعية، حيث تبادل الطرفان خلالها زيارات متعددة لوضع أسس جديدة للعلاقة التاريخية بين البلدين في شتى المجالات، ولاسيما في المجالات السياسية، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والأمنية.

خلال  تلك الأعوام قامت وفود صومالية  عديدة وعلى رأسهم الرئيس السابق حسن شيخ محمود  والرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو بزيارات رسمية إلى مصر جرت خلالها محادثات  مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومع عدد من الوزراء ، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات تركزت على المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية .

كما قامت وفود مصرية رسمية لأول مرة منذ عشرين عاما بزيارات رفيعة المستوى إلي الصومال لفتح آفاق جديدة في العلاقة بين البلدين، ولمتابعة الاتفاقيات المبرمة بينهما وكان آخر هذه الزيارات زيارة مساعد وزير الخارجية المصري في الشؤون الإفريقية السفير محمد إدريس  مطلع عام 2016 والذي صرح بأنه جاء لمتابعة نتائج الزيارة التى قام بها الوفد المصرى مؤخرا إلى الصومال، ولوضع الخطوات التنفيذية لمجالات التعاون مع الشعب الصومالى.

كانت  بداية  عودة الدور المصري في الصومال في السادس والعشرين من  أغسطس عام 2011  عندما زارت السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية المصرية للشؤون الافريقية آنذاك برئاسة وفد رسمي وشعبي رفيع المستوى العاصمة مقديشو  وذلك في أول زيارة من نوعها يقوم بها مسؤول مصري كبير إلى الصومال منذ ما يقارب 20 عاما وكان في استقبالها بأرض مطار مقديشو الدولي رئيس الوزراء الأسبق عبد الولي غاس وأكثر من 6  وزراء من بينهم وزير الداخلية، في اشارة إلى الإهمية التي تمثلت عودة   الدور المصري في الصومال، وضم وفد السفيرة، السفير أيمن مجدى عباس، سفير مصر فى الصومال، والسكرتير أول محمد الملا، والدكتور مصطفى الزغبى، رئيس لجنة الاغاثة بنقابة أطباء القاهرة ، والدكتورة ماجدة الشربينى، المدير العام للهلال الأحمر المصرى، والدكتور إبراهيم الزعفرانى رئيس لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب، وممثلوا جمعية أنصار السنة المحمدية، والهيئة الشرعية للإصلاح، واللؤاء ممدوح قطب، رئيس قطاع المساعدات الإنسانية فى مؤسسة مصر الخير.

وتبعت هذه الزيارة، زيارات أخرى أكثر أهمية لتعزيز العلاقات بين مصر والصومال، حيث جرى إثرها عدد من زيارات رسمية متبادلة  ولقاءت بين مسؤولين من البلدين أبرزها:

  • زيارة وزير الخارجية المصري الأسبق  محمد كامل عمرو لمقديشو في مارس عام 2013، وإعادة إفتتاحه لسفارة بلاده في المدينة
  • زيارة الوفد العسكري المصري لمقديشو في 06 يونيو 2013 والذي أكد للمسؤولين الصوماليين على التزام مصر بمساعدة الصومال في إعادة بناء بنيتها التحتية التى دمرتها الحرب، بحسب الموقع الإفريقى “أفريكا ريفيو”.
  • زيارة السفير محمود عوف سفير مصر الجديد لدى الصومال إلى مقديشو سبتمبر عام 2013 لتقديم أوراق اعتماده، كأول سفير مصري مقيم في العاصمة مقديشو منذ  أكثر من عقدين.
  •  زيارة مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، السفير محمد إدريس لمقديشو في الرابع من أبريل عام 2016، وضم  وفد المساعد، السفير المصري لدى الصومال، وليد إسماعيل، وممثلوا عدد من الوزارات والهيئات المصرية، في مقدمتها التجارة والصناعة والتربية والتعليم والصحة والزراعة والدفاعز

كثفت  مصر تحركاتها الدولية  خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرا للأهمية القصوى التي تشكلها الصومال ودورها في تعزيز الأمن القومي المصري، وخاصة فيما يتعلق بقضية سد النهضة الإثيوبى.

ولتجسيد هذا الأهمية على أرض الواقع، اتخذت مصر خطوات واضحة لتوثيق العلاقة مع الصومال وحشد التأيد لمساعي الحكومة الصومالية في إعادة بناء مؤسساتها الوطنية وهزيمة الإرهاب،  بحثت  مصر الأوضاع في الصومال مع  المنظمات الدولية والاقليمية ، مثل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الاروبي، وجامعة الدول العربية، ودعت أكثر من مرة   إلى عقد اجتماع عاجل للجنة الصومال بجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، لمناقشة الأزمة السياسية الراهنة فى الصومال. كما بذلت مصر جهودا كبيرة لإرسال وفد من الجامعة العربية إلى الصومال للوقوف على حقيقة الأوضاع في الصومال .

ففي المجال الإقتصادي والتنموي،  بذل البلدين خلال الفترة ما بين عامي 2011-2017  جهودا كبيرة لتنمية علاقاتهما في المجال الاقتصادي والتنموي حيث وصل حجم الصادرات المصرية إلى الصومال نحو 44.3 مليون دولار، في حين بلغت واردات مصر من الصومال بنحو 1.5 مليون دولار، ومن بين الخطوات التي تخذها البلدان في هذا المجال ما يلي:

  1. في  23 نوفمبر، 2013  كشفت مصر عزمها تشغيل خط طيران جديد إلى الصومال، وذلك ضمن خططها المستقبلية التى تهدف الي الاستمرار فى خطة نمو وتحديث الأسطول ليصل إلى 127 طائرة بحلول عام 2025 بحسب اللواء طيار حسام كمال رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران فى حوار مع صحيفة “السياسة” الكويتية وذلك على هامش زيارة وفد اعلامى كويتى الى شرم الشيخ.
  2. في 24 ديسمبر، 2013  نشرت صحيفة الشرق الأوسط أن عدة مؤسسات عربية من بينها اتحاد الناشرين العرب، وبعض دول عربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر، تعهدت بدعم مبادرة معهد هراتيج لاحياء المكتبة الوطنية في الصومال التي قالت الصحيفة ان تكلفتها تقدر بـ 2مليون في حين أعلنت جمعية الصداقة الخيرية  في الصومال.
  3. اتفقت وزارتا المالية المصرية  والصومالية، على توأمة بين مصلحتى الضرائب في البلدين في  ديسمبر عام 2014  بهدف إستفادة الحكومة الصومالية من خبرة مصر فى هذا المجال.
  4. وفي ديسمبر 2014  بحث وزارتا التعليم الصومالي والمصري  سبل الاستفادة من الخبرات المصرية في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي من أجل تكوين الكوادر البشرية التي تخدم كافة المجالات في المجتمع الصومال
  5. تعهدت مصر بإنشاء مركز للسلع في الصومال.
  6. زار  وفد اسثماري مصري أغسطس عام 2015  عددا من المدن الكبرى في الصومال لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين لاصومال ومصر.
  7. أعلنت مصر في 29 مايو، 2014  عن مشروع مصري يكلف 4 مليارات دولار لاستيراد اللحوم من الصومال والسودان وكشف الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة المصري أنه تم الاتفاق مع مجلس الوحدة الاقتصادية العربية على استثمار موقع مصر الجغرافي كمحور لوجستي من خلال إنشاء مشروعين في مجال الأقماح والدقيق واللحوم. واقترحت مصر لدعم الإقتصاد الصومالي توفير دورات لبناء القدرات الصوماليين في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والخدمات البيطرية ومصائد الأسماك ، وإرسال خبراء مصريين في مجالات الزراعة والغذاء والمصائد السمكية والقانون والقضاء، والأمن اليها بالإضافة إلى  إرسال قوافل طبية وإعادة تأهيل وتشغيل المستشفى العسكري في مقديشيو، وتقديم مئتي منحة دراسية في الجامعات المصرية، وتنظيم دورات تدريبية للدبلوماسيين الصوماليين.
  8. في1 ديسمبر، 2014  نظمت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية دورة تدريبية في مجال الدبلوماسية لـ 18 دبلوماسيا صوماليا بالتعاون مع معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية وتتناولت الدورة موضوعات العلاقات بين مصر والصومال، وسياسة مصر الأفريقية، والمراسم، وإدارة الأزمات، والجامعة العربية، وموضوعات أخري . وفي  15 ديسمبر، في العام نفسه نظمت الوكالة دورة تدريبية خاصة لبعثة الإتحاد الأفريقي في الصومال بالتعاون مع مركز القاهرة لتسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا وذلك في إطار اهتمام مصر المستمر بالصومال وبهدف رفع قدرات  المؤسسات الصومالية والآليات الأفريقية المعنية بالمساهمة في إعادة الاستقرار للبلاد.
  9. وقع  المجلس العربي للمياة ووزارة الري الصومالية ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا “سيداري” في 2017-11-26 ، اتفاقية تعاون  في مجال حصر الموارد المائية وتقييمها، ودعم الخبرات الفنية وبرامج التدريب وتأهيل الكوادر.
  10. في  14 أغسطس، 2015 وقعت الصومال ومصر اتفاقية تعاون في مجال التعليم يشمل تشغيل مدارس البعثة المصرية في الصومال، وتدريب العاملين، وتطوير المناهج التعليمية مع تقديم كافة المساعدات الفنية في مجالات تكنولوجيا التعليم والتربية الرياضية والتربية الفنية والمسرح المدرسي. وفي الثامن عشر من شهر ديسمبر عام 2016 مذكرتا تفاهم بين البلدين؛ الأولي بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية وغرفة التجارة والصناعة والزراعة بارض الصومال والثانية بين الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات ، وارض الصومال. وتستهدف المذكرتان تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وارض الصومال وتوسيع التعاون المشترك بين الجانبين في مجالات إقامة المعارض الداخلية والخارجية.
  11. في 19 أبريل، 2016 وقعت الصومال ومصر، مذكرة تفاهم في مجال التعاون الاقتصادي تضمنت إنشاء لجنة تجارية مشتركة برئاسة وزيرى التجارة في البلدين وتضم كبار المسئولين في مجال التجارة، لمناقشة تسهيل حركة التجارة وإزالة كل المعوقات وبحث الاحتياجات الحكومية في مجالات البنية التحتية والنقل البحري والصحة والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية.

لم يقصر تطورات  العلاقة بين مصر والصومال خلال الفترة ما بين 2011- 2017  على المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وانما استأنفت أيضا دعمها لقطاعات الأخرى في الصومال وخصوصا القطاع الأمني والتزام تعهداتها لإعادة المؤسسات الأمنية في البلاد. في 14 نوفمبر، 2014 أعلنت السفارة المصرية بمقديشو عن وصول مساعدات عسكرية مصرية الي مقديشو تشمل 7500  قطعة من الملابس العسكرية، و 15 جهاز كمبيوتر وذلك في اطار خطة مصرية  طويلة الأمد لدعم المؤسسات الأمنية الصومالية.

وفي 04 فبراير عام 2016  تسلم نائب وزير الدفاع السابق عبد الله حسين علي سيارات مصفحة وأجهزة مكتبية من السفير المصري لدى الصومال  وليد اسماعيل وذلك في مناسبة عقدت بمقر وزارة الدفاع. كما تسلمت الوزارة  في  20 يوليو، 2016  شحنة عسكرية  من مصر  تشمل تجهيزات كاملة لمجموعة من القوات الخاصة الصومالية وأجهزة كمبيوتر.

فالعلاقة بين الصومال ومصر علاقة مهمة للغاية  نظرا لوقعهما في منطقة استراتيجية تتصارع عليه القوى الاقليمية والدولية، والراوبط التاريخية والجغرافية  بين البلدين المممتد لآلاف السنين لقد امتزجت الدماء المصريين بدماء الصومالين، وولت الحكومات المصرية المتعاقبة اهتماما كبيرا لبلاد الصومال واستوطن كثير من المصرين فيها كتجار وناشرين للعقيدة الاسلامية في ربوع هذه البلاد  وقد ألف هؤلاء طريقة الحياة في المدن مثل مقديشو، وورشيخ، ومركا ، في الجنوب ، وزيلع وبربرة  في الشمال ، ومدينة هرر في الصومال الغربي.

فصومال موحد وقوي وذات سيادة تكون سدا منيعا أمام مهددات مصالح الدول المصرية في منطقة القرن الأفريقي ابتداء من الجماعات المتطرفة وانتهاء بالنشاط الإسرائيلي في شرق افريقيا. وفي المقابل تحتاج الصومال جمهورية مصر العربية في  كل المحافل الدولية والاقليمية لأنها تعتبر مركز الثقل العربي  وعاصمة القرار العربي وبالتالي يجب أن تتم رفع مستوى التنسيق التعاون في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية بين البلدين إلى أعلى المستويات خدمة لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.

زر الذهاب إلى الأعلى