كارثة الفيضانات في الصومال

د. ناصر زيدان

ظاهرة «النينيو» أو التذبذبات الجنوبية، هي حالة طبيعية معروفة تُحيط بخط الاستواء، ولاسيما في المناطق الجنوبية منه، ومعروفة بشكل واسع في البلدان المُشاطئة للمحيط الهادئ، وبشكلٍ خاص في مناطق القرن الإفريقي. وهي ناتجة عن ارتفاع في درجة حرارة المحيط، وتؤدي إلى سقوط أمطار غزيرة، ورياح رطبة، وأحياناً إعصارات مؤذية.

ما حصل في القرن الإفريقي، وتحديداً في الصومال وكينيا وإثيوبيا في شهر تشرين الثاني/نوفبر الماضي؛ كان ظهور نوع جديد من حِراك «النينيو» على ما يقول كبار السن في الصومال وخبراء الاتحاد الأوروبي، حيث هطلت أمطار غزيرة غير مسبوقة، أدت إلى حصول نكبة في عدد من دول القرن الإفريقي، وخصوصاً في الصومال، حيث فاضت فيها السهول والمستنقعات بكميات هائلة من المياه، أدت إلى غرق المنازل والمواسم الزراعية، وقُتل من جرائها أكثر من 110 أشخاص حسب ما أعلن الرئيس حسين شيخ محمود، كما نزح أكثر من مليون مواطن عن قراهم والمدن المنحدرة التي يعيشون فيها، قاصدين المرتفعات الجبلية التي لا يطالها الفيضان.

مدينة بلدوين وسط الصومال غرقت بالكامل بالمياه، بعد أن فاض نهر شبيلي المجاور لها، ولم يبق من سكانها أحد بمنأى عن الضرر، وقد اضطرَّ الأهالي لصعود المرتفعات الخطرة بالقرب من الحدود الاثيوبية، حيث توجد الجماعات المتمرِّدة، بينما لم يبق من مقتنيات السكان في المدينة أي شيء صالح للاستعمال، كما أن الحيوانات الأليفة التي بقيت في المدينة ومحيطها تعرَّضت للإبادة، ونفقت، وفقد السكان كل وسائل العناية بالصحة والنظافة ومستلزمات الإيواء، لأن المياه أتلفتها، أو جرفتها مع النهر.

الرئيس الصومالي حسين شيخ محمود حذَّر من أزمة صحية كبيرة بدأت تظهر عند المواطنين، بسبب انتشار الأمراض الناتجة عن الفيضانات، لأن التعفَّن أصاب المواد الغذائية المخزَّنة، كما أن الأدوية الموجودة في الصيدليات أصابها الضرر، والمؤسسات الصحية لم تعُد قادرة على معالجة المصابين. وقد أعلن حالة الطوارئ في البلاد منذ 12 تشرين الثاني/نوفمبر، ودعا الهيئات الدولية إلى تقديم مساعدات مناسبة لإنقاذ السكان، ولتمكين النازحين من العودة إلى منازلهم المتصدِّعة وبناء مساكن بدلاً عما جرفته الفيضانات بالكامل. كل المُعطيات العلمية أو التي يتناقلها المراقبون وكبار السنّ؛ تؤكد أن ما حصل جديد وغير مسبوق من حيث التوقيت ومن حيث الحجم، برغم أن مناطق القرن الإفريقي معرَّضة على الدوام إلى سقوط أمطار موسمية غزيرة، ويحصل فيها فيضانات من وقتٍ لآخر.

مؤتمر «كوب 28» في دبي الذي حضره أكثر من 80 ألفاً من الرؤساء والمسؤولين والخبراء من كل أنحاء العالم، توقف عند خطورة فيضانات القرن الإفريقي، واتفق المهتمون على أن ما حصل جزء من نتاج التغييرات المناخية التي تحصل بسبب زيادة الاحتباس الحراري. بينما أكد عدد من الخبراء: أن العام القادم سيكون الأكثر احتراراً على الأرض على الإطلاق. فهل يكون (كوب 28 ) نقطة الانطلاق لإنقاذ الكوكب من ويلات قادمة؟

المصدر- صحيفة الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى