الحاكم الفعلي في الصومال

قيل قديما..(( متى ما عرف السبب بطل العجب))…

الناس حول العالم ،يظنون أن حل الازمة الصومالية بيد السياسيين ،وامراء الحرب…ربما هم يتحملون جزءا من المسؤلية ، ولكن في نظري أن من يتحمل النصيب الأكبر من الأزمة الصومالية…والواقع المر الذي ،وصلت اليه الأمة الصومالية…هم ((زعماء القباءل الصومالية)) ،فهؤلاء من بيدهم الحل والعقد في الازمة الصومالية….وسنشرح قليلا ،عن مدى تاثيرهم في المجتمع الصومالي…
كان المجتمع الصومالي ،قديما مجتمعا يغلب الطابع الاجتماعي القبلي..(البدوي)..وكانت القبيلة بالنسبة ،للفرد هم الجيش والشرطة التي تحميه وتحمي أملاكه….فلابد اذا أن يكون ولاؤه المطلق لهم…وكان من يحكم القبيلة…..غالبا ما يسمى ..(بالسلطان)..وطبعا ما يكون هذا المنصب وراثيا في الاسرة الحاكمة….وكانت طاعة زعيم القبيلة واجبة…ولا يرد له امر ،وكانوا احيانا ..زعماء القباءل ..يكونون مياليين للشدة ،والبطش من اجل فرض سطوتهم على الناس…فكانوا ينظرون لانفسهم انهم هم الطبقة الارستقراطية في المجتمع…
وحينما اتى الاستعمار للصومال لم يدخلوا بالقوة ،بل دخلوا عن طريق معاهدات مع زعماء القبائل..في مقابل بعض الاموال والهدايا..والامتيازات….(بصريح العبارة ،باعوا البلد)…اعلم بان البعض قد يتحفظ على كلامي ،ولكنه الواقع المر ….فهم لم يدخلوا عن طريق القوة ،بل دخلوا عن طريق المال…ولحفظ ماء الوجه..قالوا لهم سنوقع ..((معاهدة حماية))…
وكان زعماء القبائل على ايام الاستعمار يتسابقون ويتنافسون في نيل رضى الاستعمار….حتى ان البعض قد كان يقوم بتصرفات للتقرب من الاستعمار ،اخجل من ذكرها..بالمقابل كانوا يجعلونهم يشاركونهم بالادارات الاهلية في الصومال،ولكن تحت ظل حكم الاستعمار…ولكن في حالة اذا كان أحس الاستعمار ،ببوادر تمرد ،لسلطتهم من احد زعماء القبائل او الوجهاء ،فلقد كانوا يتخذون معهم اجراءات عقابية…واحيانا بالنفي…وحينما ظهر الثوري الصومالي..((سيد عبدالله حسن))..واعلن ثورته على الاستعمار ،وخير الشعب اما ان يكونوا معه،او ان يكونوا على الحياد…خاف زعماء القباءل منه…وعلى سلطتهم ومكانتهم بالمجتمع…فلقد كانوا يروون انفسهم انهم هم الطبقة الارستقراطية الوحيدة في المجتمع…لأنهم من سلالة حكام..وهو رجل من عامة الناس ،فكيف استطاع ان يذيع صيته بهذه السرعة….وفي حالة اذا انتصر بثورته..فهذا يعني انه هو من سيحكم الصومال..فبالتالي…سيكونون تحت حكمه،ورحمته ..فاضظروا الى اتخاذ موقف مضاد منه ،وتعاونوا مع الاستعمار ضده…وبصراحة ،فلقد كان الاستعمار سخيا جدا مع زعماء القبائل الذين تحالفوا معهم..ضد ثورة (سيد عبدالله حسن)..حتى هزم في معركة(تليح المشهورة)…. .
وفي عام١٩٦٠ بعد أن نالت الصومال استقلالها…تنبه الرعيل الاول من السياسيين الصوماليون الى خطورة مكانة ..((زعيم القبيلة))..الاجتماعية ،فقاموا بتهميش دورهم في المجتمع واستمر دورهم مهمشا في المجتمع حتى سقوط الحكومة المركزية ،في مقديشو سنة ١٩٩١ فدخلت البلاد في حالة فوضى ،وبانعدام الامن ،اضظر المواطن الصومالي ،البسيط إلى الرجوع إلى احضان قبيلته التى ستحميه ،وتحمي اسرته واملاكه ،فبالتالي ،اضظروا للرجوع للعادات والتقاليد القديمة الا وهي..سلطة..(زعيم القبيلة)..التي كانت مهمشة طيلة ٣١ عاما…وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تسود الصومال انذاك..اضظروا الى استغلال سلطتهم الاجتماعية..(كزعماء قباءل)..لمصالحهم الشخصية..فتراه تارة يفرض الاتاوة على قبيلته من اجل اموره الخاصة..،وتراه احيانا ان يصل به الجشع ان يسافر للخارج لزيارة ابناء قبيلته المتغربيين خارج الصومال ،لياخذ منهم الاموال ،والهدايا…بحجة انه زعيم القبيلة…
وبالطبع فان اي سياسي او امير حرب صومالي ،يطلب نصرة ابناء قبيلته من اجل طموحاته الخاصة..فلا بد اولا ان ..يغدق الاموال وبالعملة الصعبة…على زعماء قبيلته.. فبالتالي..سيعطون الاوامر لابناء قبيلته بنصرة هذا السياسي…والتضحية بالغالي والنفيس…من اجله…((يعني بصيغة اخرى القبيلة للايجار))..لمن يدفع اكثر.. …وهؤلاء حكام الاقاليم ذات الحكم الذاتي ،مثل بونت لاند ..او صومالي لاند ..او ما شابه ،من الاقاليم.معروف عنهم انهم يدفعون مرتبات شهرية ،وحوافز وهدايا لزعماء القبائل…لهذا نجدهم يعيشون برفاهية….
لهذا ،ارجو ان لا يتعجب احد عن سبب ،تعصب زعماء القبائل…للحكومات ذات الحكم الذاتي مثل بونت لاند..او صومالي لاند…او ما شابه…فهي في نظرهم مصادر رزق لهم…لهذا ارجو من الحكومة الصومالية ،في المستقبل في حالة  حققت نجاحا بشأن لم شمل الصومال…النظر في أمر…(زعماء القبائل)..فهم للاسف ..اغلبهم براجماتيون….ويغيرون مواقفهم حسب مصالحهم…

عبد العزيز أحمد الجبرتي

كاتب وباحث في الشؤون الصومالية....
زر الذهاب إلى الأعلى