تاثير الحرب الباردة على الصومال

بعد الحرب العالمية الثانية ،انقسم العالم إلى فريقيين..اما مع المعسكر الامريكي الراسمالي الغربي…او مع المعسكر السوفيتي الاشتراكي الشرقي…ولقد انحازت الصومال،في بداياتها للمعسكر السوفيتي الاشتراكي…وكانت علاقات السوفييت مع الصومال ،جيدة..لدرجة انهم قد فتحوا (قاعدة عسكرية)..في مدينة بربرة….فالصومال لديها موقع استراتيجي جنوب البحر الاحمر ،وخليج عدن…وتطل على مضيق باب المندب…وفي البحر الأحمرأيضا..كانت مصر حليفة للسوفييت..وبالتالي أصبح للاتحاد السوفيتي ،حلفاء ،في شمال البحر الاحمر…وفي جنوبه أيضا..حتى قرر الزعيم المصري..((محمد انور السادات))..انهاء الصراع المصري ،الصهيوني..وعقد مباحثات ((كامب ديفيد))..فبالتالي انضم للمعسكر الغربي..((وأصبحت مصر عضوا مؤثرا في نادي سفاري))..وللمعلومة ، وربما الكثير لا يعلم بامر نادي((سفاري))..ودورها في الصومال…لقد كان هذا النادي عبارة عن فريق مكون من عدة أجهزة استخباراتية ، تابعة لعدة دول ،مهمتها..((مكافحة الشيوعية في افريقيا والشرق الأوسط))..وبعد اندلاع حرب الصومال واثيوبيا سنة ١٩٧٧…وانحاز السوفييت إلى إثيوبيا…بعد أن تردد الاتحاد السوفيتي في الانحياز لأحد الطرفيين ،فكلاهما كانا حليفا له ،عرضت الحكومة الإثيوبية ،عروضا مغرية للسوفييت..للانحياز إليه ،ومنها..اعطائه (قاعد عسكرية)..على  سواحل اريتريا ، بديلا عن قاعدتها في بربرة ،شراء المنتجات السوفيتيه ، بالعملة الصعبة فالسوفييت كانت عملتها أيامها بالروبل ،ولم تكن معترفه فيها عالميا أيامها ،لهذا كانوا يبحثون عن اسواق ،لبيع منتجاتهم أولا ،وللحصول ،على العملة الصعبة ثانيا…

وجرى ما جرى في الحرب  بين الصومال واثيوبيا..فقامت الحكومة الصومالية بقطع علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي ،واقفال القاعدة العسكرية في بربرة

..وانحازت الصومال للمعسكر الغربي…وتحسنت علاقات الصومال ،مع الدول المناهضة للشيوعية في الشرق الاوسط…وانضمت الصومال رسميا..((لنادي سفاري))..فقامت الحكومة الاثيوبية بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي ،بتمويل جبهات المعارضة الصومالية…بعد ان درسوا التركيبة الاجتماعية الصومالية جيدا.. …

فبالتالي قامت الحكومة الصومالية بالتعاون مع الدول المناهضة ،للشيوعية في بتمويل المعارضة ،الاثيوبية…

وطبعا ،بما أن الصومال أيامها قد انحازت للمعسكر الغربي الراسمالي…وحلفاؤهم بالشرق الاوسط ،فمن الطبيعي أنهم سيقومون بمساهمات اقتصادية ،واستثمارية للصومال …

ومنها وصول شركات للتنقيب عن النفط  إلى البلاد..ولقد وجدوا نفطا ،بكميات كبيرة…ولكن لأسباب كثيرة ومنها أمنية ،بسبب المعارضة الصومالية ،اصظروا لتاجيل المشروع…

وبعد أن قام الزعيم السوفيتي ((جورباتشوف))..بطلب قروض من الغرب..اشترطوا عليه تقديم ،بعض التنازلات..ومنها انهاء الحرب الباردة في مناطق عدة بالعالم ،ومنها منطقة ((القرن الافريقي))…فمن طلباتهم في منطقة القرن الافريقي…ان تطلب السوفييت من الجكومة الاثيوبية حليفتها انذاك ،ايقاف تمويل حركات المعارضة الصومالية…ووقف نشاطاتها  ،وايضا طلبوا بالواسطة لدى الحكومة الاثيوبية انذاك لاطلاق سراح بقية أفراد أسرة..(ملك اثيوبيا السابق منجيستو هيلاسيلاسي)..فلقد احتجزوهم بعد الانقلاب العسكري على ((ملك اثيوبيا السابق))…بالمقابل طلب السوفييت من الغرب أن توقف الحكومة الصومالية تمويل جبهات المعارضة الاثيوبية ،وايقاف نشاطاتهم…..فوافق جميع الاطراف على هذه البنود….وجرى اجتماع ،ما بين الحكومة الصومالية ،والحكومة الاثيوبية ..وانهوا خلافاتهم…واعطت الحكومة الصومالية عفوا عاما لمن يشاء من المعارضة الصومالية ….

فعاد البعض الى الصومال  مستفيدين من العفو العام….وأما الاخرون من المعارضة الصومالية لم يعودوا…بل قاموا باجتماع سري فيما بينهم….واتفقوا على رفض أوامر الحكومة الاثيوبية حول وقف نشاطاتهم…واستغلوا  من اطمئنان الحكومة الصومالية على وعد إثيوبيا لإنهاء نشاطاتهم، واستخدموا عنصر المفاجاة….ودخلوا البلاد من عدة جهات….وجرى الانقلاب….ومن يومها الى الان ، لم يستقر حال الصومال.

عبد العزيز أحمد الجبرتي

كاتب وباحث في الشؤون الصومالية....
زر الذهاب إلى الأعلى